الرئيسية - التفاسير


* تفسير الميزان في تفسير القرآن/ الطبطبائي (ت 1401 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّ يَوْمَ ٱلْفَصْلِ كَانَ مِيقَاتاً } * { يَوْمَ يُنفَخُ فِي ٱلصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْوَاجاً } * { وَفُتِحَتِ ٱلسَّمَآءُ فَكَانَتْ أَبْوَاباً } * { وَسُيِّرَتِ ٱلْجِبَالُ فَكَانَتْ سَرَاباً } * { إِنَّ جَهَنَّمَ كَانَتْ مِرْصَاداً } * { لِّلطَّاغِينَ مَآباً } * { لاَّبِثِينَ فِيهَآ أَحْقَاباً } * { لاَّ يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْداً وَلاَ شَرَاباً } * { إِلاَّ حَمِيماً وَغَسَّاقاً } * { جَزَآءً وِفَاقاً } * { إِنَّهُمْ كَانُواْ لاَ يَرْجُونَ حِسَاباً } * { وَكَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا كِذَّاباً } * { وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ كِتَاباً } * { فَذُوقُواْ فَلَن نَّزِيدَكُمْ إِلاَّ عَذَاباً } * { إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفَازاً } * { حَدَآئِقَ وَأَعْنَاباً } * { وَكَوَاعِبَ أَتْرَاباً } * { وَكَأْساً دِهَاقاً } * { لاَّ يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْواً وَلاَ كِذَّاباً } * { جَزَآءً مِّن رَّبِّكَ عَطَآءً حِسَاباً } * { رَّبِّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا ٱلرَّحْمَـٰنِ لاَ يَمْلِكُونَ مِنْهُ خِطَاباً } * { يَوْمَ يَقُومُ ٱلرُّوحُ وَٱلْمَلاَئِكَةُ صَفّاً لاَّ يَتَكَلَّمُونَ إِلاَّ مَنْ أَذِنَ لَهُ ٱلرَّحْمَـٰنُ وَقَالَ صَوَاباً } * { ذَلِكَ ٱلْيَوْمُ ٱلْحَقُّ فَمَن شَآءَ ٱتَّخَذَ إِلَىٰ رَبِّهِ مَآباً } * { إِنَّآ أَنذَرْنَاكُمْ عَذَاباً قَرِيباً يَوْمَ يَنظُرُ ٱلْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ وَيَقُولُ ٱلْكَافِرُ يٰلَيْتَنِي كُنتُ تُرَاباً }

بيان تصف الآيات يوم الفصل الذي أخبر به إجمالا بقوله { كلا سيعلمون } ثم تصف ما يجري فيه على الطاغين والمتقين، وتختتم بكلمة في الإِنذار وهي كالنتيجة. قوله تعالى { إن يوم الفصل كان ميقاتاً } قال في المجمع الميقات منتهى المقدار المضروب لحدوث أمر من الأمور وهو من الوقت كما أن الميعاد من الوعد والمقدار من القدر، انتهى. شروع في وصف ما تضمنه النبأ العظيم الذي أخبر بوقوعه وهددهم به في قوله { كلا سيعلمون } ثم أقام الحجة عليه بقوله { ألم نجعل الأرض مهاداً } الخ، وقد سماه يوم الفصل ونبه به على أنه يوم يفصل فيه القضاء بين الناس فينال كل طائفة ما يستحقه بعمله فهو ميقات وحد مضروب لفصل القضاء بينهم والتعبير بلفظ { كان } للدلالة على ثبوته وتعينه في العلم الإِلهي على ما ينطق به الحجة السابقة الذكر، ولذا أكد الجملة بإن. والمعنى إن يوم فصل القضاء الذي نبؤه نبأ عظيم كان في علم الله يوم خلق السماوات والأرض وحكم فيها النظام الجاري حداً مضروباً ينتهي إليه هذا العالم فإنه تعالى كان يعلم أن هذه النشأة التي أنشأها لا تتم إلا بالانتهاء إلى يوم يفصل فيه القضاء بينهم. قوله تعالى { يوم ينفخ في الصور فتأتون أفواجاً } قد تقدم الكلام في معنى نفخ الصور كراراً، والأفواج جمع فوج وهي الجماعة المارة المسرعة على ما ذكره الراغب. وفي قوله { فتأتون أفواجاً } جري على الخطاب السابق الملتفت إليه قضاء لحق الوعيد الذي يتضمنه قوله { كلا سيعلمون } وكأن الآية ناظرة إلى قوله تعالىيوم ندعوا كل أُناس بإمامهم } الإسراء 71. قوله تعالى { وفتحت السماء فكانت أبواباً } فاتصل به عالم الإِنسان بعالم الملائكة. وقيل التقدير فكانت ذات أبواب، وقيل صار فيها طرق ولم يكن كذلك من قبل، ولا يخلو الوجهان من تحكم فليتدبر. قوله تعالى { وسيرت الجبال فكانت سراباً } السراب هو الموهوم من الماء اللامع في المفاوز ويطلق على كل ما يتوهم ذا حقيقة ولا حقيقة له على طريق الاستعارة. ولعل المراد بالسراب في الآية هو المعنى الثاني. بيان ذلك أن تسيير الجبال ودكها ينتهي بالطبع إلى تفرق أجزائها وزوال شكلها كما وقع في مواضع من كلامه تعالى عند وصف زلزلة الساعة وآثارها إذ قالوتسير الجبال سيراً } الطور 10، وقالوحملت الأرض والجبال فدكتا دكة واحدة } الحاقة 14، وقالوكانت الجبال كثيباً مهيلاً } المزمل 14، وقالوتكون الجبال كالعهن المنفوش } القارعة 5، وقالوبست الجبال بساً } الواقعة 5، وقالوإذا الجبال نسفت } المرسلات 10. فتسيير الجبال ودكها ينتهي بها إلى بسها ونسفها وصيرورتها كثيباً مهيلاً وكالعهن المنفوش كما ذكره الله تعالى وأما صيرورتها سراباً بمعنى ما يتوهم ماء لامعاً فلا نسبة بين التسيير وبين السراب بهذا المعنى.

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7 8 9