الرئيسية - التفاسير


* تفسير الميزان في تفسير القرآن/ الطبطبائي (ت 1401 هـ) مصنف و مدقق


{ عَمَّ يَتَسَآءَلُونَ } * { عَنِ ٱلنَّبَإِ ٱلْعَظِيمِ } * { ٱلَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ } * { كَلاَّ سَيَعْلَمُونَ } * { ثُمَّ كَلاَّ سَيَعْلَمُونَ } * { أَلَمْ نَجْعَلِ ٱلأَرْضَ مِهَٰداً } * { وَٱلْجِبَالَ أَوْتَاداً } * { وَخَلَقْنَاكُمْ أَزْوَاجاً } * { وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتاً } * { وَجَعَلْنَا ٱلَّيلَ لِبَاساً } * { وَجَعَلْنَا ٱلنَّهَارَ مَعَاشاً } * { وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعاً شِدَاداً } * { وَجَعَلْنَا سِرَاجاً وَهَّاجاً } * { وَأَنزَلْنَا مِنَ ٱلْمُعْصِرَاتِ مَآءً ثَجَّاجاً } * { لِّنُخْرِجَ بِهِ حَبّاً وَنَبَاتاً } * { وَجَنَّاتٍ أَلْفَافاً }

بيان تتضمن السورة الإِخبار بمجيء يوم الفصل وصفته والاحتجاج على أنه حق لا ريب فيه، فقد افتتحت بذكر تساؤلهم عن نبأه ثم ذكر في سياق الجواب ولحن التهديد أنهم سيعلمون ثم احتج على ثبوته بالإِشارة إلى النظام المشهود في الكون بما فيه من التدبير الحكيم الدال بأوضح الدلالة على أن وراء هذه النشأة المتغيرة الدائرة نشأة ثابتة باقية، وأن عقيب هذه الدار التي فيها عمل ولا جزاء داراً فيها جزاء ولا عمل فهناك يوم يفصح عنه هذا النظام. ثم تصف اليوم بما يقع فيه من إحضار الناس وحضورهم وانقلاب الطاغين إلى عذاب أليم والمتقين إلى نعيم مقيم ويختم الكلام بكلمة في الإِنذار، والسورة مكية بشهادة سياق آياتها. قوله تعالى { عم يتساءلون } { عم } أصله عمَّا وما استفهامية تحذَف الألف منها اطراداً إذا دخل عليها حرف الجر نحو لم ومم وعلى م وإلى م، والتساؤل سؤال القوم بعضهم بعضاً عن أمر أو سؤال بعضهم بعد بعض عن أمر وإن كان المسؤول غيرهم، فهم كان يسأل بعضهم بعضاً عن أمر أو كان بعضهم بعد بعض يسأل النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن أمر وحيث كان سياق السورة سياق جواب يغلب فيه الإِنذار والوعيد تأيَّد به أن السائلين هم كفار مكة من المشركين النافين للنبوة والمعاد دون المؤمنين ودون الكفار والمؤمنين جميعاً. فالتساؤل من المشركين والإِخبار عنه في صورة الاستفهام للإِشعار بهوانه وحقارته لظهور الجواب عنه ظهوراً ما كان ينبغي معه أن يتساءلوا عنه. قوله تعالى { عن النبأ العظيم الذي هم فيه مختلفون } جواب عن الاستفهام السابق أي يتساءلون عن النبأ العظيم، ولا يخفى ما في توصيف النبأ المتساءل عنه بالعظيم من تعظيمه وتفخيم أمره. والمراد بالنبأ العظيم نبأ البعث والقيامة الذي يهتم به القرآن العظيم في سوره المكية ولا سيما في العتائق النازلة في أوائل البعثة كل الاهتمام. ويؤيد ذلك سياق آيات السورة بما فيه من الاقتصار على ذكر صفه يوم الفصل وما تقدم عليها من الحجة على أنه حق واقع. وقيل المراد به نبأ القرآن العظيم، ويدفعه كون السياق بحسب مصبه أجنبياً عنه وإن كان الكلام لا يخلو من إشارة إليه استلزاماً. وقيل النبأ العظيم ما كانوا يختلفون فيه من إثبات الصانع وصفاته والملائكة والرسل والبعث والجنة والنار وغيرها، وكأن القائل به اعتبر فيه ما في السورة من الاشارة إلى حقية جميع ذلك مما تتضمنه الدعوة الحقة الإِسلامية. ويدفعه أن الإِشارة إلى ذلك كله من لوازم صفة البعث المتضمنة لجزاء الاعتقاد الحق والعمل الصالح والكفر والإِجرام، وقد دخل فيما في السورة من صفة يوم الفصل تبعاً وبالقصد الثاني.

السابقالتالي
2 3 4 5