الرئيسية - التفاسير


* تفسير الميزان في تفسير القرآن/ الطبطبائي (ت 1401 هـ) مصنف و مدقق


{ لاَ أُقْسِمُ بِيَوْمِ ٱلْقِيَامَةِ } * { وَلاَ أُقْسِمُ بِٱلنَّفْسِ ٱللَّوَّامَةِ } * { أَيَحْسَبُ ٱلإِنسَانُ أَلَّن نَّجْمَعَ عِظَامَهُ } * { بَلَىٰ قَادِرِينَ عَلَىٰ أَن نُّسَوِّيَ بَنَانَهُ } * { بَلْ يُرِيدُ ٱلإِنسَانُ لِيَفْجُرَ أَمَامَهُ } * { يَسْأَلُ أَيَّانَ يَوْمُ ٱلْقِيَامَةِ } * { فَإِذَا بَرِقَ ٱلْبَصَرُ } * { وَخَسَفَ ٱلْقَمَرُ } * { وَجُمِعَ ٱلشَّمْسُ وَٱلْقَمَرُ } * { يَقُولُ ٱلإِنسَانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ ٱلْمَفَرُّ } * { كَلاَّ لاَ وَزَرَ } * { إِلَىٰ رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ ٱلْمُسْتَقَرُّ } * { يُنَبَّأُ ٱلإِنسَانُ يَوْمَئِذٍ بِمَا قَدَّمَ وَأَخَّرَ } * { بَلِ ٱلإِنسَانُ عَلَىٰ نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ } * { وَلَوْ أَلْقَىٰ مَعَاذِيرَهُ }

بيان يطوف بيان السورة حول القيامة الكبرى فتنبئ بوقوع يوم القيامة أولاً ثم تصفه ببعض أشراطه تارة، وبإجمال ما يجرى على الإِنسان أخرى، وينبئ أن المساق إليه يبدأ من يوم الموت، وتختتم بالاحتجاج على القدرة على الإِعادة بالقدرة على الابتداء. والسورة مكية بشهادة سياق آياتها. قوله تعالى { لا أقسم بيوم القيامة } إقسام بيوم القيامة سواء قيل بكون { لا أقسم } كلمة قسم أو بكون لا زائدة أو نافية على اختلاف الأقوال. قوله تعالى { ولا أقسم بالنفس اللوامة } إقسام ثان على ما يقتضيه السياق ومشاكلة اللفظ فلا يعبأ بما قيل إنه نفي الإِقسام وليس بقسم، والمراد أقسم بيوم القيامة ولا أُقسم بالنفس اللوامة. والمراد بالنفس اللوامة نفس المؤمن التي تلومه في الدنيا على المعصية والتثاقل في الطاعة وتنفعه يوم القيامة. وقيل المراد به النفس الإِنسانية أعم من المؤمنة الصالحة والكافرة الفاجرة فإنها تلوم الانسان يوم القيامة أما الكافرة فإنها تلومه على كفره وفجوره، وأما المؤمنة فإنها تلومه على قلة الطاعة وعدم الاستكثار من الخير. وقيل المراد نفس الكافر الذي تلومه يوم القيامة على ما قدمت من كفر ومعصية قال تعالىوأسروا الندامة لما رأوا العذاب } سبأ 33. ولكل من الأقوال وجه. وجواب القسم محذوف يدل عليه الآيات التالية، والتقدير ليبعثن، وإنما حذف للدلالة على تفخيم اليوم وعظمة أمره قال تعالىثقلت في السماوات والأرض لا تأتيكم إلا بغتة } الأعراف 187، وقالإن الساعة آتية أكاد أخفيها لتجزى كل نفس بما تسعى } طه 15، وقالعمّ يتساءلون * عن النبأ العظيم } النبأ 1-2. قوله تعالى { أيحسب الإِنسان أن لن نجمع عظامه } الحسبان الظن، وجمع العظام كناية عن الاحياء بعد الموت، والاستفهام للتوبيخ، والمعنى ظاهر. قوله تعالى { بلى قادرين على أن نسوي بنانه } أي بلى نجمعها { وقادرين } حال من فاعل مدخول بلى المقدر، والبنان أطراف الأصابع وقيل الأصابع وتسوية البنان تصويرها على ما هي عليها من الصور، والمعنى بلى نجمعها والحال أنا قادرون على أن نصور بنانه على صورها التي هي عليها بحسب خلقنا الأول. وتخصيص البنان بالذكر - لعله - للاشارة إلى عجيب خلقها بما لها من الصور وخصوصيات التركيب والعدد تترتب عليها فوائد جمة لا تكاد تحصى من أنواع القبض والبسط والأخذ والرد وسائر الحركات اللطيفة والأعمال الدقيقة والصنائع الظريفة التي يمتاز بها الإِنسان من سائر الحيوان مضافاً إلى ما عليها من الهيئات والخطوط التي لا يزال ينكشف للإِنسان منها سر بعد سر. وقيل المراد بتسوية البنان جعل أصابع اليدين والرجلين مستوية شيئاً واحداً من غير تفريق كخف البعير وحافر الحمار، والمعنى قادرين على أن نجعلها شيئاً واحداً فلا يقدر الإِنسان حينئذ على ما يقدر عليه مع تعدد الأصابع من فنون الأعمال، والوجه المتقدم أرجح.

السابقالتالي
2 3 4