الرئيسية - التفاسير


* تفسير الميزان في تفسير القرآن/ الطبطبائي (ت 1401 هـ) مصنف و مدقق


{ كَلاَّ وَٱلْقَمَرِ } * { وَٱللَّيْلِ إِذْ أَدْبَرَ } * { وَٱلصُّبْحِ إِذَآ أَسْفَرَ } * { إِنَّهَا لإِحْدَى ٱلْكُبَرِ } * { نَذِيراً لِّلْبَشَرِ } * { لِمَن شَآءَ مِنكُمْ أَن يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ } * { كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ } * { إِلاَّ أَصْحَابَ ٱلْيَمِينِ } * { فِي جَنَّاتٍ يَتَسَآءَلُونَ } * { عَنِ ٱلْمُجْرِمِينَ } * { مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ } * { قَالُواْ لَمْ نَكُ مِنَ ٱلْمُصَلِّينَ } * { وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ ٱلْمِسْكِينَ } * { وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ ٱلُخَآئِضِينَ } * { وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ ٱلدِّينِ } * { حَتَّىٰ أَتَانَا ٱلْيَقِينُ } * { فَمَا تَنفَعُهُمْ شَفَاعَةُ ٱلشَّافِعِينَ }

بيان في الآيات تنزيه للقرآن الكريم عما رموه به، وتسجيل إنه إحدى الآيات الإِلهية الكبرى فيه إنذار البشر كافة وفي اتباعه فك نفوسهم عن رهانة أعمالهم التي تسوقهم إلى سقر. قوله تعالى { كلا } ردع وإنكار لما تقدم قال في الكشاف إنكار بعد أن جعلها ذكرى أن يكون لهم ذكرى لأنهم لا يتذكرون، أو ردع لمن ينكر أن يكون إحدى الكبر نذيراً. انتهى. فعلى الأول إنكار لما تقدم وعلى الثاني ردع لما سيأتي، وهناك وجه آخر سيوافيك. قوله تعالى { والقمر والليل إذ أدبر والصبح إذا أسفر } قسم بعد قسم، وإدبار الليل مقابل إقباله، وإسفار الصبح انجلاؤه وانكشافه. قوله تعالى { إنها لإِحدى الكبر } ذكروا أن الضمير لسقر، والكبر جمع كبرى، والمراد بكون سقر احدى الكبر إنها إحدى الدواهي الكبر لا يعادلها غيرها من الدواهي كما يقال هو أحد الرجال أي لا نظير له بينهم، والجملة جواب للقسم. والمعنى اقسم بكذا وكذا إن سقر لإِحدى الدواهي الكبر - أكبرها - إنذاراً للبشر. ولا يبعد أن يكون { كلا } ردعاً لقوله في القرآن { إن هو إلا سحر يؤثر إن هذا إلا قول البشر } ويكون ضمير { إنها } للقرآن بما أنه آيات أو من باب مطابقة اسم إن لخبرها. والمعنى ليس كما قال اقسم بكذا وكذا إن القرآن - آياته - لإِحدى الآيات الإِلهية الكبرى إنذاراً للبشر. وقيل الجملة { إنها لإِحدى الكبر } تعليل للردع، والقسم معترض للتأكيد لا جواب له أو جوابه مقدر يدل عليه كلا. قوله تعالى { نذيراً للبشر } مصدر بمعنى الإِنذار منصوب للتمييز، وقيل حال مما يفهم من سياق قوله { إنها لإِحدى الكبر } أي كبرت وعظمت حال كونها إنذاراً أي منذرة. وقيل فيه وجوه أُخر لا يعبأ بها كقول بعضهم إنه صفة للنبي صلى الله عليه وآله وسلم والآية متصلة بأول السورة والتقدير قم نذيراً للبشر فأنذر، وقول بعضهم صفة له تعالى. قوله تعالى { لمن شاء منكم أن يتقدم أو يتأخر } تعميم للانذار { ولمن شاء } بدل من البشر، و { أن يتقدم } الخ مفعول { شاء } والمراد بالتقدم والتأخر الاتباع للحق ومصداقه الإِيمان والطاعة، وعدم الاتباع ومصداقه الكفر والمعصية. والمعنى نذيراً لمن اتبع منكم الحق ولمن لم يتبع أي لجميعكم من غير استثناء. وقيل { أن يتقدم } في موضع الرفع على الابتداء و { لمن شاء } خبره كقولك لمن توضأ أن يصلي، والمعنى مطلق لمن شاء التقدم أو التأخر أن يتقدم أو يتأخر، وهو كقوله { فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر } والمراد بالتقدم والتأخر السبق إلى الخير والتخلف عنه. انتهى. قوله تعالى { كل نفس بما كسبت رهينة } الباء بمعنى مع أو للسببية أو للمقابلة و { رهينة } بمعنى الرهن على ما ذكره الزمخشري قال في الكشاف رهينة ليست بتأنيث رهين في قوله { كل امرئ بما كسب رهين } لتأنيث النفس لأنه لو قصدت لقيل رهين لأن فعيلاً بمعنى مفعول يستوي فيه المذكر والمؤنث، وإنما هي اسم بمعنى الرهن كالشتيمة بمعنى الشتم كأنه قيل كل نفس بما كسبت رهن.

السابقالتالي
2 3