الرئيسية - التفاسير


* تفسير الميزان في تفسير القرآن/ الطبطبائي (ت 1401 هـ) مصنف و مدقق


{ يٰأَيُّهَا ٱلْمُزَّمِّلُ } * { قُمِ ٱلَّيلَ إِلاَّ قَلِيلاً } * { نِّصْفَهُ أَوِ ٱنقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً } * { أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ ٱلْقُرْآنَ تَرْتِيلاً } * { إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقِيلاً } * { إِنَّ نَاشِئَةَ ٱللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْأً وَأَقْوَمُ قِيلاً } * { إِنَّ لَكَ فِي ٱلنَّهَارِ سَبْحَاً طَوِيلاً } * { وَٱذْكُرِ ٱسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلاً } * { رَّبُّ ٱلْمَشْرِقِ وَٱلْمَغْرِبِ لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ فَٱتَّخِذْهُ وَكِيلاً } * { وَٱصْبِرْ عَلَىٰ مَا يَقُولُونَ وَٱهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِيلاً } * { وَذَرْنِي وَٱلْمُكَذِّبِينَ أُوْلِي ٱلنَّعْمَةِ وَمَهِّلْهُمْ قَلِيلاً } * { إِنَّ لَدَيْنَآ أَنكَالاً وَجَحِيماً } * { وَطَعَاماً ذَا غُصَّةٍ وَعَذَاباً أَلِيماً } * { يَوْمَ تَرْجُفُ ٱلأَرْضُ وَٱلْجِبَالُ وَكَانَتِ ٱلْجِبَالُ كَثِيباً مَّهِيلاً } * { إِنَّآ أَرْسَلْنَآ إِلَيْكُمْ رَسُولاً شَاهِداً عَلَيْكُمْ كَمَآ أَرْسَلْنَآ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ رَسُولاً } * { فَعَصَىٰ فِرْعَوْنُ ٱلرَّسُولَ فَأَخَذْنَاهُ أَخْذاً وَبِيلاً } * { فَكَيْفَ تَتَّقُونَ إِن كَفَرْتُمْ يَوْماً يَجْعَلُ ٱلْوِلْدَانَ شِيباً } * { ٱلسَّمَآءُ مُنفَطِرٌ بِهِ كَانَ وَعْدُهُ مَفْعُولاً } * { إِنَّ هَـٰذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَن شَآءَ ٱتَّخَذَ إِلَىٰ رَبِّهِ سَبِيلاً }

بيان السورة تأمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم بقيام الليل والصلاة فيه ليستعد بذلك لتلقي ثقل ما سيلقى عليه من القول الثقيل والقرآن الموحى إليه، وتأمره أن يصبر على ما يقولون فيه إنه شاعر أو كاهن أو مجنون إلى غير ذلك ويهجرهم هجراً جميلاً، وفيها وعيد وإنذار للكفار وتعميم الحكم لسائر المؤمنين، وفي آخرها تخفيف ما للنبي صلى الله عليه وآله وسلم والمؤمنين. والسورة مكية من عتائق السور النازلة في أول البعثة حتى قيل إنها ثانية السور النازلة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم أو ثالثتها. قوله تعالى { يا أيها المزمل } بتشديد الزاي والميم وأصله المتزمل اسم فاعل من التزمل بمعنى التلفف بالثوب لنوم ونحوه، وظاهرة أنه صلى الله عليه وآله وسلم كان قد تزمل بثوب للنوم فنزل عليه الوحي وخوطب بالمزمل. وليس في الخطاب به تهجين ولا تحسين كما توهمه بعضهم، نعم يمكن أن يستفاد من سياق الآيات أنه صلى الله عليه وآله وسلم كان قد قوبل في دعوته بالهزء والسخرية والإِيذاء فاغتم في الله فتزمل بثوب لينام دفعاً للهم فخوطب بالمزمل وأمر بقيام الليل والصلاة فيه والصبر على ما يقولون على حد قوله تعالىواستعينوا بالصبر والصلاة } البقرة 45، فأفيد بذلك أن عليه أن يقاوم الكرب العظام والنوائب المرة بالصلاة والصبر لا بالتزمل والنوم. وقيل المراد يا أيها المتزمل بعباءة النبوة أي المتحمل لأثقالها، ولا شاهد عليه من جهة اللفظ. قوله تعالى { قم الليل إلا قليلاً نصفه أو انقص منه قليلاً أو زد عليه ورتل القرآن ترتيلاً } المراد بقيام الليل القيام فيه إلى الصلاة فالليل مفعول به توسعاً كما في قولهم دخلت الدار، وقيل معمول { قم } مقدر و { الليل } منصوب على الظرفية والتقدير قم إلى الصلاة في الليل، وقوله { إلا قليلاً } استثناء من الليل. وقوله { نصفه أو انقص منه قليلاً أو زد عليه } ظاهر السياق أنه بدل من { الليل إلا قليلاً } المتعلق به تكليف القيام، وضميرا { منه } و { عليه } للنصف، وضمير { نصفه } لليل، والمعنى قم نصف الليل أو انقص من النصف قليلاً أو زد على النصف قليلاً، والترديد بين الثلاثة للتخيير فقد خير بين قيام النصف وقيام أقل من النصف بقليل وقيام أكثر منه بقليل. وقيل { نصفه } بدل من المستثنى أعني { قليلاً } فيكون المعنى قم الليل إلا نصفه أو انقص من النصف قليلاً فقم أكثر من النصف بقليل أو زد على النصف فقم أقل من النصف، وتكون جملة البدل رافعاً لإِبهام المستثنى بالمطابقة ولإِبهام المستثنى منه بالالتزام عكس الوجه السابق. والوجهان وإن اتحدا في النتيجة غير أن الوجه السابق أسبق إلى الذهن لأن الحاجة إلى رفع الإِبهام عن متعلق الحكم أقدم من الحاجة إلى رفع الإِبهام عن توابعه وملحقاته فكون قوله { نصفه } الخ بدلاً من الليل ولازمه رفع إبهام متعلق التكليف بالمطابقة أسبق إلى الذهن من كونه بدلاً من { قليلاً }.

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7 8 9 10  مزيد