الرئيسية - التفاسير


* تفسير الميزان في تفسير القرآن/ الطبطبائي (ت 1401 هـ) مصنف و مدقق


{ وَأَنَّ ٱلْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلاَ تَدْعُواْ مَعَ ٱللَّهِ أَحَداً } * { وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ ٱللَّهِ يَدْعُوهُ كَادُواْ يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَداً } * { قُلْ إِنَّمَآ أَدْعُواْ رَبِّي وَلاَ أُشْرِكُ بِهِ أَحَداً } * { قُلْ إِنِّي لاَ أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرّاً وَلاَ رَشَداً } * { قُلْ إِنِّي لَن يُجِيرَنِي مِنَ ٱللَّهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِن دُونِهِ مُلْتَحَداً } * { إِلاَّ بَلاَغاً مِّنَ ٱللَّهِ وَرِسَالاَتِهِ وَمَن يَعْصِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَآ أَبَداً } * { حَتَّىٰ إِذَا رَأَوْاْ مَا يُوعَدُونَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ أَضْعَفُ نَاصِراً وَأَقَلُّ عَدَداً } * { قُلْ إِنْ أَدْرِيۤ أَقَرِيبٌ مَّا تُوعَدُونَ أَمْ يَجْعَلُ لَهُ رَبِّيۤ أَمَداً } * { عَٰلِمُ ٱلْغَيْبِ فَلاَ يُظْهِرُ عَلَىٰ غَيْبِهِ أَحَداً } * { إِلاَّ مَنِ ٱرْتَضَىٰ مِن رَّسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً } * { لِّيَعْلَمَ أَن قَدْ أَبْلَغُواْ رِسَالاَتِ رَبِّهِمْ وَأَحَاطَ بِمَا لَدَيْهِمْ وَأَحْصَىٰ كُلَّ شَيْءٍ عَدَداً }

بيان في الآيات تسجيل للنبوة وذكر وحدانيته تعالى والمعاد كالاستنتاج من القصة وتختتم بالإِشارة إلى عصمة الرسالة. قوله تعالى { وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحداً } معطوف على قوله { أنه استمع } الخ، وجملة { أن المساجد لله } في موضع التعليل لقوله { فلا تدعوا مع الله أحداً } والتقدير لا تدعوا مع الله أحداً غيره لأن المساجد له. والمراد بالدعاء العبادة وقد سماها الله دعاء كما في قولهوقال ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين } غافر 60. وقد اختلف في المراد من المساجد فقيل المراد به الكعبة، وقيل المسجد الحرام، وقيل المسجد الحرام وبيت المقدس، ويدفعها كون المساجد جمعاً لا ينطبق على الواحد والاثنين. وقيل الحرم، وهو تهكم لا دليل عليه، وقيل الأرض كلها لقوله صلى الله عليه وآله وسلم " جعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً " ، وفيه أنه لا يدل على أزيد من جواز العبادة في أي بقعة من بقاع الأرض خلافاً لما هو المعروف عن اليهود والنصارى من عدم جواز عبادته تعالى في غير البيع والكنائس، وأما تسمية بقاعها مساجد حتى يحمل عليها عند الاطلاق فلا. وقيل المراد به الصلوات فلا يصلى إلا لله، وهو تهكم لا دليل عليه. وعن الإِمام الجواد عليه السلام أن المراد بالمساجد الأعضاء السبعة التي يسجد عليها في الصلاة وهي الجبهة والكفان والركبتان وأصابع الرجلين، وستوافيك روايته في البحث الروائي التالي إن شاء الله، ونقل ذلك أيضاً عن سعيد بن جبير والفراء والزجاج. والأنسب على هذا أن يكون المراد بكون مواضع السجود من الانسان لله اختصاصها به اختصاصاً تشريعياً، والمراد بالدعاء السجدة لكونها أظهر مصاديق العبادة أو الصلاة بما أنها تتضمن السجود لله سبحانه. والمعنى وأوحى إلي أن أعضاء السجود يختص بالله تعالى فاسجدوا له بها - أو اعبدوه بها - ولا تسجدوا - أو لا تعبدوا - أحداً غيره. قوله تعالى { وأنه لما قام عبد الله يدعوه كادوا يكونون عليه لبداً } اللبد بالكسر فالفتح جمع لبدة بالضم فالسكون المجتمعة المتراكمة، والمراد بعبد الله النبي صلى الله عليه وآله وسلم كما تدل عليه الآية التالية، والتعبير بعبد الله كالتمهيد لقوله في الآية التالية { قل إنما أدعو ربي }. والأنسب لسياق الآيات التالية أن يكون مرجع ضميري الجمع في قوله { كادوا يكونون } المشركين وقد كانوا يزدحمون عليه صلى الله عليه وآله وسلم إذا صلى وقرأ القرآن يستهزؤون ويرفعون أصواتهم فوق صوته على ما نقل. والمعنى وأنه لما قام النبي صلى الله عليه وآله وسلم يعبد الله بالصلاة كاد المشركون يكونون بازدحامهم لبداً مجتمعين متراكمين.

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7 8