الرئيسية - التفاسير


* تفسير الميزان في تفسير القرآن/ الطبطبائي (ت 1401 هـ) مصنف و مدقق


{ قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ ٱسْتَمَعَ نَفَرٌ مِّنَ ٱلْجِنِّ فَقَالُوۤاْ إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآناً عَجَباً } * { يَهْدِيۤ إِلَى ٱلرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَن نُّشرِكَ بِرَبِّنَآ أَحَداً } * { وَأَنَّهُ تَعَالَىٰ جَدُّ رَبِّنَا مَا ٱتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلاَ وَلَداً } * { وَأَنَّهُ كَانَ يَقُولُ سَفِيهُنَا عَلَى ٱللَّهِ شَطَطاً } * { وَأَنَّا ظَنَنَّآ أَن لَّن تَقُولَ ٱلإِنسُ وَٱلْجِنُّ عَلَى ٱللَّهِ كَذِباً } * { وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِّنَ ٱلإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِّنَ ٱلْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقاً } * { وَأَنَّهُمْ ظَنُّواْ كَمَا ظَنَنتُمْ أَن لَّن يَبْعَثَ ٱللَّهُ أَحَداً } * { وَأَنَّا لَمَسْنَا ٱلسَّمَآءَ فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَساً شَدِيداً وَشُهُباً } * { وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَن يَسْتَمِعِ ٱلآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَاباً رَّصَداً } * { وَأَنَّا لاَ نَدْرِيۤ أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَن فِي ٱلأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَداً } * { وَأَنَّا مِنَّا ٱلصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذَلِكَ كُنَّا طَرَآئِقَ قِدَداً } * { وَأَنَّا ظَنَنَّآ أَن لَّن نُّعْجِزَ ٱللَّهَ فِي ٱلأَرْضِ وَلَن نُّعْجِزَهُ هَرَباً } * { وَأَنَّا لَمَّا سَمِعْنَا ٱلْهُدَىٰ آمَنَّا بِهِ فَمَن يُؤْمِن بِرَبِّهِ فَلاَ يَخَافُ بَخْساً وَلاَ رَهَقاً } * { وَأَنَّا مِنَّا ٱلْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا ٱلْقَاسِطُونَ فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُوْلَـٰئِكَ تَحَرَّوْاْ رَشَداً } * { وَأَمَّا ٱلْقَاسِطُونَ فَكَانُواْ لِجَهَنَّمَ حَطَباً } * { وَأَلَّوِ ٱسْتَقَامُواْ عَلَى ٱلطَّرِيقَةِ لأَسْقَيْنَاهُم مَّآءً غَدَقاً } * { لِّنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَمَن يُعْرِضْ عَن ذِكْرِ رَبِّهِ يَسْلُكْهُ عَذَاباً صَعَداً }

بيان تشير السورة إلى قصة نفر من الجن استمعوا القرآن فآمنوا به وأقروا بأصول معارفه، وتتخلص منها إلى تسجيل نبوة النبي صلى الله عليه وآله وسلم، والإِشارة إلى وحدانيته تعالى في ربوبيته وإلى المعاد، والسورة مكية بشهادة سياقها. قوله تعالى { قل أوحي إلي أنه استمع نفر من الجن فقالوا إنا سمعنا قرآناً عجباً يهدي إلى الرشد } أمر للنبي صلى الله عليه وآله وسلم أن يقص القصة لقومه، والموحي هو الله سبحانه، ومفعول { استمع } القرآن حذف لدلالة الكلام عليه، والنفر الجماعة من ثلاثة إلى تسعة على المشهور، وقيل بل إلى أربعين. والعجب بفتحتين ما يدعو إلى التعجب منه لخروجه عن العادة الجارية في مثله، وإنما وصفوا القرآن بالعجب لأنه كلام خارق للعادة في لفظه ومعناه أتى به رجل أمي ما كان يقرأ ولا يكتب. والرشد إصابة الواقع وهو خلاف الغي، وهداية القرآن إلى الرشد دعوته إلى عقائد وأعمال تتضمن للمتلبس بها سعادته الواقعية. والمعنى يا أيها الرسول قل للناس أوحى - أي أوحى الله - إلى أنه استمع القرآن جماعة من الجن فقالوا - لقومهم لما رجعوا إليهم - إنا سمعنا كلاماً مقرواً خارقاً للعادة يهدي إلى معارف من عقائد وأعمال في التلبس بها إصابة الواقع والظفر بحقيقة السعادة. كلام في الجن الجن نوع من الخلق مستورون من حواسنا يصدق القرآن الكريم بوجودهم ويذكر أنهم بنوعهم مخلوقون قبل نوع الإِنسان، وأنهم مخلوقون من النار كما أن الإِنسان مخلوق من التراب قال تعالىوالجان خلقناه من قبل من نار السموم } الحجر 27. وأنهم يعيشون ويموتون ويبعثون كالإِنسان قال تعالىأولئك الذين حق عليهم القول في أمم قد خلت من قبلهم من الجن والإِنس } الأحقاف 18. وأن فيهم ذكوراً وإناثاً يتكاثرون بالتوالد والتناسل قال تعالىوأنه كان رجال من الإِنس يعوذون برجال من الجن } الجن 6. وأن لهم شعوراً وإرادة وأنهم يقدرون على حركات سريعة وأعمال شاقة كما في قصص سليمان عليه السلام وتسخير الجن له وقصة ملكة سبأ. وأنهم مكلفون كالإِنسان، منهم مؤمنون ومنهم كفار، ومنهم صالحون وآخرون طالحون، قال تعالىوما خلقت الجن والإِنس الا ليعبدون } الذاريات 56، وقال تعالىإنا سمعنا قرآناً عجباً * يهدي إلى الرشد فآمنا به } الجن 1-2، وقالوأَنا منا المسلمون ومنا القاسطون } الجن 14، وقالوأَنا منا الصالحون ومنا دون ذلك } الجن 11، وقال تعالىقالوا يا قومنا إنا سمعنا كتاباً أُنزل من بعد موسى مصدقاً لما بين يديه يهدي إلى الحق وإلى طريق مستقيم يا قومنا أجيبوا داعي الله } الأحقاف 30-31، إلى غير ذلك من خصوصيات أحوالهم التي تشير إليها الآيات القرآنية. ويظهر من كلامه تعالى أن إبليس من الجن وأن له ذرية وقبيلاً قال تعالى

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7 8