الرئيسية - التفاسير


* تفسير الميزان في تفسير القرآن/ الطبطبائي (ت 1401 هـ) مصنف و مدقق


{ سَأَلَ سَآئِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ } * { لِّلْكَافِرِينَ لَيْسَ لَهُ دَافِعٌ } * { مِّنَ ٱللَّهِ ذِي ٱلْمَعَارِجِ } * { تَعْرُجُ ٱلْمَلاَئِكَةُ وَٱلرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ } * { فَٱصْبِرْ صَبْراً جَمِيلاً } * { إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيداً } * { وَنَرَاهُ قَرِيباً } * { يَوْمَ تَكُونُ ٱلسَّمَآءُ كَٱلْمُهْلِ } * { وَتَكُونُ ٱلْجِبَالُ كَٱلْعِهْنِ } * { وَلاَ يَسْأَلُ حَمِيمٌ حَمِيماً } * { يُبَصَّرُونَهُمْ يَوَدُّ ٱلْمُجْرِمُ لَوْ يَفْتَدِي مِنْ عَذَابِ يَوْمِئِذٍ بِبَنِيهِ } * { وَصَاحِبَتِهِ وَأَخِيهِ } * { وَفَصِيلَتِهِ ٱلَّتِي تُؤْوِيهِ } * { وَمَن فِي ٱلأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ يُنجِيهِ } * { كَلاَّ إِنَّهَا لَظَىٰ } * { نَزَّاعَةً لِّلشَّوَىٰ } * { تَدْعُواْ مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّىٰ } * { وَجَمَعَ فَأَوْعَىٰ }

بيان الّذي يعطيه سياق السورة أنها تصف يوم القيامة بما أُعدَّ فيه من أليم العذاب للكافرين. تبتدئ السورة فتذكر سؤال سائل سأل عذاباً من الله للكافرين فتشير إلى أنّه واقع ليس له دافع قريب غير بعيد كما يحسبونه ثمّ تصف اليوم الذي يقع فيه والعذاب الذي أُعدّ لهم فيه وتستثني المؤمنين الذين قاموا بوظائف الاعتقاد الحقّ والعمل الصالح. وهذا السياق يشبه سياق السور المكّيّة غير أنّ المنقول عن بعضهم أنّ قوله { والذين في أموالهم حقّ معلوم } مدنيّ والاعتبار يؤيّده لأنّ ظاهره الزكاة وقد شرّعت بالمدينة بعد الهجرة، وكون هذه الآية مدنيَّة يستتبع كون الآيات الحافّة بها الواقعة تحت الاستثناء وهي أربع عشرة آية قوله { إلاّ المصلّين } إلى قوله { في جنّات مكرمون } مدنيّة لما في سياقها من الاتحاد واستلزام البعض للبعض. ومدنيّة هذه الآيات الواقعة تحت الاستثناء تستدعي ما استثنيت منه وهو على الأقل ثلاث آيات قوله { إن الإِنسان خلق هلوعاً } إلى قوله { منوعاً }. على أنّ قوله { فما للّذين كفروا قِبَلك مهطعين } متفرّع على ما قبله تفرّعاً ظاهراً وهو ما بعده إلى آخر السورة ذو سياق واحد فتكون هذه الآيات أيضاً مدنيَّة. ومن جهة أخرى مضامين هذا الفصل من الآيات تناسب حال المنافقين الحافّين حول النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن اليمين وعن الشمال عزين وهم الرادّون لبعض ما أنزل الله من الحكم وخاصّة قوله { أيطمع كلّ امرئ منهم } الخ، وقوله { على أن نبدّل خيراً منهم } الخ على ما سيجيء، وموطن ظهور هذا النفاق المدينة لا مكّة، ولا ضير في التعبير عن هؤلاء بالّذين كفروا فنظير ذلك موجود في سورة التوبة وغيرها. على أنّهم رووا أنّ السورة نزلت في قول القائلاللّهمّ إن كان هذا هو الحقّ من عندك فأمطر علينا حجارة من السماء أو ائتنا بعذاب أليم } الأنفال 32 وقد تقدّم في تفسير الآية أن سياقها والّتي بعدها سياق مدنيّ لا مكيّ. لكن المروي عن الصادق عليه السلام أن المراد بالحق المعلوم في الآية حق يسميه صاحب المال في ماله غير الزكاة المفروضة. ولا عبرة بما نسب إلى اتفاق المفسرين أن السورة مكية على أن الخلاف ظاهر وكذا ما نسب إلى ابن عباس أنها نزلت بعد سورة الحاقة. قوله تعالى { سأل سائل بعذاب واقع } السؤال بمعنى الطلب والدعاء، ولذا عدي بالباء كما في قولهيدعون فيها بكل فاكهة آمنين } الدخان 55 وقيل الفعل مضمن معنى الاهتمام والاعتناء ولذا عدي بالباء، وقيل الباء زائدة للتأكيد، ومآل الوجوه واحد وهو طلب العذاب من الله كفراً وعتواً. وقيل الباء بمعنى عن كما في قولهفاسأل به خبيراً } الفرقان 59، وفيه أن كونها في الآية المستشهد بها بمعنى عن ممنوع.

السابقالتالي
2 3 4 5