الرئيسية - التفاسير


* تفسير الميزان في تفسير القرآن/ الطبطبائي (ت 1401 هـ) مصنف و مدقق


{ فَلاَ أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ } * { وَمَا لاَ تُبْصِرُونَ } * { إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ } * { وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلاً مَّا تُؤْمِنُونَ } * { وَلاَ بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ } * { تَنزِيلٌ مِّن رَّبِّ ٱلْعَالَمِينَ } * { وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ ٱلأَقَاوِيلِ } * { لأَخَذْنَا مِنْهُ بِٱلْيَمِينِ } * { ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ ٱلْوَتِينَ } * { فَمَا مِنكُمْ مِّنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ } * { وَإِنَّهُ لَتَذْكِرَةٌ لِّلْمُتَّقِينَ } * { وَإِنَّا لَنَعْلَمُ أَنَّ مِنكُمْ مُّكَذِّبِينَ } * { وَإِنَّهُ لَحَسْرَةٌ عَلَى ٱلْكَافِرِينَ } * { وَإِنَّهُ لَحَقُّ ٱلْيَقِينِ } * { فَسَبِّحْ بِٱسْمِ رَبِّكَ ٱلْعَظِيمِ }

بيان هذا هو الفصل الثالث من آيات السورة يؤكد ما تقدَّم من أمر الحاقة بلسان تصديق القرآن الكريم ليثبت بذلك حقيّة ما أنبأ به من أمر القيامة. قوله تعالى { فلا أُقسم بما تبصرون وما لا تبصرون } ظاهر الآية أنه إقسام بما هو مشهود لهم وما لا يشاهدون أي الغيب والشهادة فهو إقسام بمجموع الخليقة ولا يشمل ذاته المتعالية فإن من البعيد من أدب القرآن أن يجمع الخالق والخلق في صف واحد ويعظمه تعالى وما صنع تعظيماً مشتركاً في عرض واحد. وفي الإقسام نوع تعظيم وتجليل للمقسم به وخلقه تعالى بما أنه خلقه جليل جميل لأنه تعالى جميل لا يصدر منه إلا الجميل وقد استحسن تعالى فعل نفسه وأثنى على نفسه بخلقه في قولهالذي أحسن كل شيء خلقه } السجدة 7، وقولهفتبارك الله أحسن الخالقين } المؤمنون 14. فليس للموجودات منه تعالى إلا الحسن وما دون ذلك من مساءة فمن أنفسها وبقياس بعضها إلى بعض. وفي اختيار ما يبصرون وما لا يبصرون للإقسام به على حقيّة القرآن ما لا يخفى من المناسبة فإن النظام الواحد المتشابك أجزاؤه الجاري في مجموع العالم يقضي بتوحّده تعالى ومصير الكل إليه وما يترتب عليه من بعث الرسل وإنزال الكتب والقرآن خير كتاب سماوي يهدي إلى الحق في جميع ذلك وإلى طريق مستقيم. ومما تقدم يظهر عدم استقامة ما قيل إن المراد بما تبصرون وما لا تبصرون الخلق والخالق فإن السياق لا يساعد عليه، وكذا ما قيل إن المراد النعم الظاهرة والباطنة، وما قيل إن المراد الجن والإِنس والملائكة أو الأجسام والأرواح أو الدنيا والآخرة أو ما يشاهد من آثار القدرة وما لا يشاهد من أسرارها فاللفظ أعم مدلولاً من جميع ذلك. قوله تعالى { إنه لقول رسول كريم } الضمير للقرآن، والمستفاد من السياق أن المراد برسول كريم النبي صلى الله عليه وآله وسلم وهو تصديق لرسالته قبال ما كانوا يقولون إنه شاعر أو كاهن. ولا ضير في نسبة القرآن إلى قوله فإنه إنما يسنب إليه بما أنه رسول والرسول بما أنه رسول لا يأتي إلا بقول مرسله، وقد بيَّن ذلك فضل بيان بقوله بعد { تنزيل من رب العالمين }. وقيل المراد برسول كريم جبريل، والسياق لا يؤيده إذ لو كان هو المراد لكان الأنسب نفي كونه مما نزلت به الشياطين كما فعل في سورة الشعراء. على أن قوله بعد { ولو تقوَّل علينا بعض الأقاويل } وما يتلوه إنما يناسب كونه صلى الله عليه وآله وسلم هو المراد برسول كريم. قوله تعالى { وما هو بقول شاعر قليلاً ما تؤمنون } نفي أن يكون القرآن نظماً ألَّفه شاعر ولم يقل النبي صلى الله عليه وآله وسلم شعراً ولم يكن شاعراً.

السابقالتالي
2