الرئيسية - التفاسير


* تفسير الميزان في تفسير القرآن/ الطبطبائي (ت 1401 هـ) مصنف و مدقق


{ ٱلْحَاقَّةُ } * { مَا ٱلْحَآقَّةُ } * { وَمَآ أَدْرَاكَ مَا ٱلْحَاقَّةُ } * { كَذَّبَتْ ثَمُودُ وَعَادٌ بِٱلْقَارِعَةِ } * { فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُواْ بِٱلطَّاغِيَةِ } * { وَأَمَا عَادٌ فَأُهْلِكُواْ بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ } * { سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً فَتَرَى ٱلْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَىٰ كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ } * { فَهَلْ تَرَىٰ لَهُم مِّن بَاقِيَةٍ } * { وَجَآءَ فِرْعَوْنُ وَمَن قَبْلَهُ وَٱلْمُؤْتَفِكَاتُ بِالْخَاطِئَةِ } * { فَعَصَوْاْ رَسُولَ رَبِّهِمْ فَأَخَذَهُمْ أَخْذَةً رَّابِيَةً } * { إِنَّا لَمَّا طَغَا ٱلْمَآءُ حَمَلْنَاكُمْ فِي ٱلْجَارِيَةِ } * { لِنَجْعَلَهَا لَكُمْ تَذْكِرَةً وَتَعِيَهَآ أُذُنٌ وَاعِيَةٌ }

بيان السورة تذكر الحاقة وهي القيامة وقد سمَّتها أيضاً بالقارعة والواقعة. وقد ساقت الكلام فيها في فصول ثلاثة فصل تذكر فيه إجمالاً الأمم الذين كذَّبوا بها فأخذهم الله أخذة رابية، وفصل تصف فيه الحاقة وانقسام الناس فيها إلى أصحاب اليمين وأصحاب الشمال واختلاف حالهم بالسعادة والشقاء، وفصل تؤكد فيه صدق القرآن في إنبائه بها وأنه حق اليقين، والسورة مكية بشهادة سياق آياتها. قوله تعالى { الحاقة ما الحاقة وما أدراك ما الحاقة } المراد بالحاقة القيامة الكبرى سميت بها لثبوتها ثبوتاً لا مردَّ له ولا ريب فيه، من حق الشيء بمعنى ثبت وتقرَّر تقرُّراً واقعياً. و { ما } في { الحاقة } استفهامية تفيد تفخيم أمرها، ولذلك بعينه وضع الظاهر موضع الضمير ولم يُقَل ما هي، والجملة الاستفهامية خبر الحاقة. فقوله { الحاقة ما الحاقة } مسوق لتفخيم أمر القيامة يفيد تفخيم أمرها وإعظام حقيقتها إفادة بعد إفادة. فقوله { وما أدراك ما الحاقة } خطاب بنفي العلم بحقيقة اليوم وهذا التعبير كناية عن كمال أهمية الشيء وبلوغه الغاية في الفخامة ولعل هذا هو المراد مما نقل عن ابن عباس أن ما في القرآن من قوله تعالى { ما أدراك } فقد أدراه وما فيه من قوله { ما يدريك } فقد طوى عنه، يعني أن { ما أدراك } كناية و { ما يدريك } تصريح. قوله تعالى { كذّبت ثمود وعاد بالقارعة } المراد بالقارعة القيامة وسميت بها لأنها تقرع وتدكُّ السماوات والأرض بتبديلها والجبال بتسييرها والشمس بتكويرها والقمر بخسفها والكواكب بنثرها والأشياء كلها بقهرها على ما نطقت به الآيات، وكان مقتضى الظاهر أن يقال كذبت ثمود وعاد بها فوضع القارعة موضع الضمير لتأكيد تفخيم أمرها. وهذه الآية وما يتلوها إلى تمام تسع آيات وإن كانت مسوقة للاشارة إلى إجمال قصص قوم نوح وعاد وثمود وفرعون ومن قبله والمؤتفكات وإهلاكهم لكنها في الحقيقة بيان للحاقة ببعض أوصافها وهو أن الله أهلك أُمماً كثيرة بالتكذيب بها فهي في الحقيقة جواب للسؤال بما الاستفهامية كما أن قوله { فإذا نفخ في الصور } الخ، جواب آخر. ومحصل المعنى هي القارعة التي كذبت بها ثمود وعاد وفرعون ومن قبله والمؤتفكات وقوم نوح فأخذهم الله أخذة رابية وأهلكهم بعذاب الاستئصال. قوله تعالى { فأما ثمود فأهلكوا بالطاغية } بيان تفصيلي لأثر تكذيبهم بالقارعة، والمراد بالطاغية الصيحة أو الرجفة أو الصاعقة على اختلاف ظاهر تعبير القرآن في سبب هلاكهم في قصتهم قال تعالىوأخذ الذين ظلموا الصيحة } هود 67، وقال أيضاًفأخذتهم الرجفة } الأعراف 78، وقال أيضاًفأخذتهم صاعقة العذاب الهون } فصلت 17. وقيل الطاغية مصدر كالطغيان والطغوى والمعنى فأما ثمود فاهلكوا بسبب طغيانهم، ويؤيده قوله تعالىكذبت ثمود بطغواها } الشمس 11. وأول الوجهين أنسب لسياق الآيات التالية حيث سيقت لبيان كيفية إهلاكهم من الإِهلاك بالريح أو الأخذ الرابي أو طغيان الماء فليكن هلاك ثمود بالطاغية ناظراً إلى كيفية إهلاكهم.

السابقالتالي
2 3 4