الرئيسية - التفاسير


* تفسير الميزان في تفسير القرآن/ الطبطبائي (ت 1401 هـ) مصنف و مدقق


{ نۤ وَٱلْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ } * { مَآ أَنتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ } * { وَإِنَّ لَكَ لأَجْراً غَيْرَ مَمْنُونٍ } * { وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ } * { فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ } * { بِأَييِّكُمُ ٱلْمَفْتُونُ } * { إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِٱلْمُهْتَدِينَ } * { فَلاَ تُطِعِ ٱلْمُكَذِّبِينَ } * { وَدُّواْ لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ } * { وَلاَ تُطِعْ كُلَّ حَلاَّفٍ مَّهِينٍ } * { هَمَّازٍ مَّشَّآءٍ بِنَمِيمٍ } * { مَّنَّاعٍ لِّلْخَيْرِ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ } * { عُتُلٍّ بَعْدَ ذَلِكَ زَنِيمٍ } * { أَن كَانَ ذَا مَالٍ وَبَنِينَ } * { إِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ ٱلأَوَّلِينَ } * { سَنَسِمُهُ عَلَى ٱلْخُرْطُومِ } * { إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَآ أَصْحَابَ ٱلْجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُواْ لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ } * { وَلاَ يَسْتَثْنُونَ } * { فَطَافَ عَلَيْهَا طَآئِفٌ مِّن رَّبِّكَ وَهُمْ نَآئِمُونَ } * { فَأَصْبَحَتْ كَٱلصَّرِيمِ } * { فَتَنَادَوْاْ مُصْبِحِينَ } * { أَنِ ٱغْدُواْ عَلَىٰ حَرْثِكُمْ إِن كُنتُمْ صَارِمِينَ } * { فَٱنطَلَقُواْ وَهُمْ يَتَخَافَتُونَ } * { أَن لاَّ يَدْخُلَنَّهَا ٱلْيَوْمَ عَلَيْكُمْ مِّسْكِينٌ } * { وَغَدَوْاْ عَلَىٰ حَرْدٍ قَادِرِينَ } * { فَلَمَّا رَأَوْهَا قَالُوۤاْ إِنَّا لَضَآلُّونَ } * { بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ } * { قَالَ أَوْسَطُهُمْ أَلَمْ أَقُلْ لَّكُمْ لَوْلاَ تُسَبِّحُونَ } * { قَالُواْ سُبْحَانَ رَبِّنَآ إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ } * { فَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ يَتَلاَوَمُونَ } * { قَالُواْ يٰوَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا طَاغِينَ } * { عَسَىٰ رَبُّنَآ أَن يُبْدِلَنَا خَيْراً مِّنْهَآ إِنَّآ إِلَىٰ رَبِّنَا رَاغِبُونَ } * { كَذَلِكَ ٱلْعَذَابُ وَلَعَذَابُ ٱلآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ }

بيان السورة تعزّي النبي صلى الله عليه وآله وسلم إثر ما رماه المشركون بالجنون وتطيّب نفسه بالوعد الجميل والشكر على خلقه العظيم وتنهاه نهياً بالغاً عن طاعتهم ومداهنتهم، وتأمره أمراً أكيداً بالصبر لحكم ربه. وسياق آياتها على الجملة سياق مكي، ونقل عن ابن عباس وقتادة أن صدرها إلى قوله سنسمه على الخرطوم - ستة عشرة آية - مكي، وما بعده إلى قوله { لو كانوا يعلمون } - سبع عشرة آية - مدني، وما بعده إلى قوله { يكتبون } - خمس عشرة آية - مكي، وما بعده إلى آخر السورة - أربع آيات مدني. ولا يخلو من وجه بالنسبة إلى الآيات السبع عشرة { إنا بلوناهم } إلى قوله { لو كانوا يعلمون } فإنها أشبه بالمدنية منها بالمكية. قوله تعالى { ن } تقدم الكلام في الحروف المقطعة التي في أوائل السور في تفسير سورة الشورى. قوله تعالى { والقلم وما يسطرون } القلم معروف، والسطر بالفتح فالسكون وربما يستعمل بفتحتين - كما في المفردات - الصف من الكتابة، ومن الشجر المغروس ومن القوم الوقوف وسطر فلان كذا كتب سطراً سطراً. أقسم سبحانه بالقلم وما يسطرون به وظاهر السياق أن المراد بذلك مطلق القلم ومطلق ما يسطرون به وهو المكتوب فإن القلم وما يسطر به من الكتابة من أعظم النعم الإِلهية التي اهتدى إليها الإِنسان يتلو الكلام في ضبط الحوادث الغائبة عن الأنظار والمعاني المستكنة في الضمائر، وبه يتيسر للإِنسان أن يستحضر كل ما ضرب مرور الزمان أو بعد المكان دونه حجاباً. وقد امتنّ الله سبحانه على الإِنسان بهدايته إليهما وتعليمهما له فقال في الكلامخلق الإِنسان علمه البيان } الرحمن 3-4، وقال في القلمعلم بالقلم علم الإِنسان ما لم يعلم } العلق 4-5. فإقسامه تعالى بالقلم وما يسطرون إقسام بالنعمة، وقد أقسم تعالى في كلامه بكثير من خلقه بما أنه رحمة ونعمة كالسماء والأرض والشمس والقمر والليل والنهار إلى غير ذلك حتى التين والزيتون. وقيل { ما } في قوله { وما يسطرون } مصدرية والمراد به الكتابة. وقيل المراد بالقلم القلم الأعلى الذي في الحديث أنه أول ما خلق الله وبما يسطرون ما يسطره الحفظة والكرام الكاتبون واحتمل أيضاً أن يكون الجمع في { يسطرون } للتعظيم لا للتكثير وهو كما ترى، واحتمل أن يكون المراد ما يسطرون فيه وهو اللوح المحفوظ واحتمل أن يكون المراد بالقلم وما يسطرون أصحاب القلم ومسطوراتهم وهي احتمالات واهية. قوله تعالى { ما أنت بنعمة ربك بمجنون } مقسم عليه والخطاب للنبي صلى الله عليه وآله وسلم، والباء في { بنعمة } للسببية أو المصاحبة أي ما أنت بمجنون بسبب النعمة - أو مع النعمة - التي أنعمها عليك ربك.

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7 8 9 10