الرئيسية - التفاسير


* تفسير الميزان في تفسير القرآن/ الطبطبائي (ت 1401 هـ) مصنف و مدقق


{ يٰأيُّهَا ٱلنَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ ٱلنِّسَآءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُواْ ٱلْعِدَّةَ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ رَبَّكُمْ لاَ تُخْرِجُوهُنَّ مِن بُيُوتِهِنَّ وَلاَ يَخْرُجْنَ إِلاَّ أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ ٱللَّهِ وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ ٱللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لاَ تَدْرِى لَعَلَّ ٱللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْراً } * { فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُواْ ذَوَىْ عَدْلٍ مِّنكُمْ وَأَقِيمُواْ ٱلشَّهَادَةَ لِلَّهِ ذَلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَن كَانَ يُؤْمِنُ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ وَمَن يَتَّقِ ٱللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً } * { وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى ٱللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ ٱللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ ٱللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً } * { وَٱللاَّئِي يَئِسْنَ مِنَ ٱلْمَحِيضِ مِن نِّسَآئِكُمْ إِنِ ٱرْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاَثَةُ أَشْهُرٍ وَٱللاَّئِي لَمْ يَحِضْنَ وَأُوْلاَتُ ٱلأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ وَمَن يَتَّقِ ٱللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً } * { ذَلِكَ أَمْرُ ٱللَّهِ أَنزَلَهُ إِلَيْكُمْ وَمَن يَتَّقِ ٱللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْراً } * { أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنتُم مِّن وُجْدِكُمْ وَلاَ تُضَآرُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُواْ عَلَيْهِنَّ وَإِن كُنَّ أُوْلاَتِ حَمْلٍ فَأَنفِقُواْ عَلَيْهِنَّ حَتَّىٰ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَأْتَمِرُواْ بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ وَإِن تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَىٰ } * { لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّآ آتَاهُ ٱللَّهُ لاَ يُكَلِّفُ ٱللَّهُ نَفْساً إِلاَّ مَآ آتَاهَا سَيَجْعَلُ ٱللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْراً }

بيان تتضمن السورة بيان كليات من أحكام الطلاق تعقبه عظة وإنذار وتبشير، والسورة مدنية بشهادة سياقها. قوله تعالى { يا أيها النبي إذا طلَّقتم النساء فطلّقوهن لعدَّتهن وأحصوا العدَّة } إلى آخر الآية، بُدئ الخطاب بنداء النبي صلى الله عليه وآله وسلم لأنه الرسول إلى الأُمة وإمامهم فيصلح لخطابه أن يشمله وأتباعه من أُمته وهذا شائع في الاستعمال يخص مقدّم القوم وسيدهم بالنداء ويخاطب بما يعمّه وقومه فلا موجب لقول بعضهم إن التقدير يا أيها النبي قل لأمَّتك إذا طلقتم النساء " الخ ". وقوله { إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن } أي إذا أردتم أن تطلقوا النساء وأشرفتم على ذلك إذ لا معنى لتحقق الطلاق بعد وقوع الطلاق فهو كقولهإذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا } المائدة 6 الآية. والعدة قعود المرأة عن الزوج حتى تنقضي المدة المرتبة شرعاً، والمراد بتطليقهن لعدتهن تطليقهن لزمان عدتهن بحيث يأخذ زمان العدة من يوم تحقق التطليقة وذلك بأن تكون التطليقة في طهر لا مواقعة فيه حتى تنقضي أقراؤها. وقوله { وأحصوا العدة } أي عدُّوا الأقراء التي تعتد بها، وهو الاحتفاظ عليها لأن للمرأة فيها حق النفقة والسكنى على زوجها وللزوج فيها حق الرجوع. وقوله { واتقوا الله ربكم لا تخرجوهن من بيوتهن } ظاهر السياق كون { لا تخرجوهن } الخ، بدلا من { اتقوا الله ربكم } ويفيد ذلك تأكيد النهي في { لا تخرجوهن } والمراد ببيوتهن البيوت التي كن يسكنه قبل الطلاق أُضيفت إليهن بعناية السكنى. وقوله { ولا يخرجن } نهي عن خروجهن أنفسهن كما كان سابقه نهياً عن إخراجهن. وقوله { إلا أن يأتين بفاحشة مبينة } أي ظاهرة كالزنا والبذاء وإيذاء أهلها كما في الروايات المأثورة عن أئمة أهل البيت عليهم السلام. وقوله { وتلك حدود الله ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه } أي الأحكام المذكورة للطلاق حدود الله حدَّ بها أعمالكم ومن يتعد ويتجاوز حدود الله بأن لم يراعها وخالفها فقد ظلم نفسه أي عصى ربه. وقوله { لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمراً } أي أمراً يقضي بتغير الحال وتبدّل رأي الزوج في طلاقها بأن يميل إلا الالتيام ويظهر في قلبه محبة حب الرجوع إلى سابق الحال. قوله تعالى { فإذا بلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف أو فارقوهن بمعروف } إلى قوله { واليوم الآخر } المراد من بلوغهن أجلهن اقترابهن من آخر زمان العدة وإشرافهن عليه، والمراد بإمساكهن الرجوع على سبيل الاستعارة، وبمفارقتهن تركهن ليخرجن من العدة ويبنّ. والمراد بكون الإمساك بمعروف حسن الصحبة ورعاية ما جعل الله لهن من الحقوق، وبكون فراقهن بمعروف أيضاً احترام الحقوق الشرعية فالتقدير بمعروف من الشرع. وقوله { وأشهدوا ذوي عدل منكم } أي أشهدوا على الطلاق رجلين منكم صاحبي عدل، وقد مر توضيح معنى العدل في تفسير سورة البقرة.

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7 8 9