الرئيسية - التفاسير


* تفسير الميزان في تفسير القرآن/ الطبطبائي (ت 1401 هـ) مصنف و مدقق


{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ إِذَا نُودِيَ لِلصَّلاَةِ مِن يَوْمِ ٱلْجُمُعَةِ فَٱسْعَوْاْ إِلَىٰ ذِكْرِ ٱللَّهِ وَذَرُواْ ٱلْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ } * { فَإِذَا قُضِيَتِ ٱلصَّلاَةُ فَٱنتَشِرُواْ فِي ٱلأَرْضِ وَٱبْتَغُواْ مِن فَضْلِ ٱللَّهِ وَٱذْكُرُواْ ٱللَّهَ كَثِيراً لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } * { وَإِذَا رَأَوْاْ تِجَارَةً أَوْ لَهْواً ٱنفَضُّوۤاْ إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَآئِماً قُلْ مَا عِندَ ٱللَّهِ خَيْرٌ مِّنَ ٱللَّهْوِ وَمِنَ ٱلتِّجَارَةِ وَٱللَّهُ خَيْرُ ٱلرَّازِقِينَ }

بيان تأكيد إيجاب صلاة الجمعة وتحريم البيع عند حضورها وفيها عتاب لمن انفض إلى اللهو والتجارة عند ذلك واستهجان لفعلهم. قوله تعالى { يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع } الخ، المراد بالنداء للصلاة من يوم الجمعة الأذان كما في قولهوإذا ناديتم إلى الصلاة اتخذوها هزواً ولعباً } المائدة 58. والجمعة بضمتين أو بالضم فالسكون أحد أيام الأسبوع وكان يسمى أولاً يوم العروبة ثم غلب عليه اسم الجمعة، والمراد بالصلاة من يوم الجمعة صلاة الجمعة المشرَّعة يومها، والسعي هو المشي بالإسراع، والمراد بذكر الله الصلاة كما في قولهولذكر الله أكبر } العنكبوت 45، على ما قيل وقيل المراد به الخطبة قبل الصلاة وقوله { وذروا البيع } أمر بتركه، والمراد به على ما يفيده السياق النهي عن الاشتغال بكل عمل يشغل عن صلاة الجمعة سواء كان بيعاً أو غيره وإنما علق النهي بالبيع لكونه من أظهر مصاديق ما يشغل عن الصلاة. والمعنى يا أيها الذين آمنوا إذا أُذن لصلاة الجمعة يومها فجدّوا في المشي إلى الصلاة واتركوا البيع وكل ما يشغلكم عنها. وقوله { ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون } حثّ وتحريض لهم لما أُمر به من الصلاة وترك البيع. قوله تعالى { فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله } الخ، المراد بقضاء الصلاة إقامة صلاة الجمعة، والانتشار في الأرض التفرق فيها، وابتغاء فضل الله طلب الرزق نظراً إلى مقابلته ترك البيع في الآية السابقة لكن تقدم أن المراد ترك كل ما يشغل عن صلاة الجمعة، وعلى هذا فابتغاء فضل الله طلب مطلق عطيته في التفرق لطلب رزقه بالبيع والشرى، وطلب ثوابه بعيادة مريض والسعي في حاجة مسلم وزيارة أخ في الله، وحضور مجلس علم ونحو ذلك. وقوله { فانتشروا في الأرض } أمر واقع بعد الحظر فيفيد الجواز والإباحة دون الوجوب وكذا قوله " وابتغوا، واذكروا ". وقوله { واذكروا الله كثيراً لعلكم تفلحون } المراد بالذكر أعم من الذكر اللفظي فيشمل ذكره تعالى قلباً بالتوجه إليه باطناً، والفلاح النجاة من كل شقاء، وهو في المورد بالنظر إلى ما تقدم من حديث التزكية والتعليم وما في الآية التالية من التوبيخ والعتاب الشديد، الزكاة والعلم وذلك أن كثرة الذكر يفيد رسوخ المعنى المذكور في النفس وانتقاشه في الذهن فتنقطع به منابت الغفلة ويورث التقوى الديني الذي هو مظنة الفلاح قال تعالىواتقوا الله لعلكم تفلحون } آل عمران 200. قوله تعالى { وإذا رأوا تجارة أو لهواً انفضوا إليها وتركوك قائماً } الخ، الانفضاص - على ما ذكره الراغب - استعارة عن الانفضاض بمعنى انكسار الشيء وتفرق بعضه من بعض.

السابقالتالي
2 3 4