الرئيسية - التفاسير


* تفسير الميزان في تفسير القرآن/ الطبطبائي (ت 1401 هـ) مصنف و مدقق


{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا جَآءَكُمُ ٱلْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَٱمْتَحِنُوهُنَّ ٱللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلاَ تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى ٱلْكُفَّارِ لاَ هُنَّ حِلٌّ لَّهُمْ وَلاَ هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ وَآتُوهُم مَّآ أَنفَقُواْ وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَن تَنكِحُوهُنَّ إِذَآ آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَلاَ تُمْسِكُواْ بِعِصَمِ ٱلْكَوَافِرِ وَاسْأَلُواْ مَآ أَنفَقْتُمْ وَلْيَسْأَلُواْ مَآ أَنفَقُواْ ذَلِكُمْ حُكْمُ ٱللَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ } * { وَإِن فَاتَكُمْ شَيْءٌ مِّنْ أَزْوَاجِكُمْ إِلَى ٱلْكُفَّارِ فَعَاقَبْتُمْ فَآتُواْ ٱلَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْوَاجُهُمْ مِّثْلَ مَآ أَنفَقُواْ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ ٱلَّذِيۤ أَنتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ } * { يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ إِذَا جَآءَكَ ٱلْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَىٰ أَن لاَّ يُشْرِكْنَ بِٱللَّهِ شَيْئاً وَلاَ يَسْرِقْنَ وَلاَ يَزْنِينَ وَلاَ يَقْتُلْنَ أَوْلاَدَهُنَّ وَلاَ يَأْتِينَ بِبُهْتَٰنٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلاَ يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبَايِعْهُنَّ وَٱسْتَغْفِرْ لَهُنَّ ٱللَّهَ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } * { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَوَلَّوْاْ قوْماً غَضِبَ ٱللَّهُ عَلَيْهِمْ قَدْ يَئِسُواْ مِنَ ٱلآخِرَةِ كَمَا يَئِسَ ٱلْكُفَّارُ مِنْ أَصْحَابِ ٱلْقُبُورِ }

بيان قوله تعالى { يا أيها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات فامتحنوهن } الآية، سياق الآية يعطي أنها نزلت بعد صلح الحديبية، وكان في العهد المكتوب بين النبي صلى الله عليه وآله وسلم وبين أهل مكة أنه إن لحق من أهل مكة رجل بالمسلمين ردُّوه إليهم وإن لحق من المسلمين رجل بأهل مكة لم يردُّوه إليهم ثم إن بعض نساء المشركين أسلمت وهاجرت إلى المدينة فجاء زوجها يستردّها فسأل النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن يردَّها إليه فأجابه النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن الذي شرطوه في العهد ردّ الرجال دون النساء ولم يردّها إليهم وأعطاه ما أنفق عليها من المهر وهو الذي تدل عليه الآية مع ما يناسب ذلك من أحكامهن. فقوله { يا أيها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات } سمَّاهن مؤمنات قبل امتحانهن والعلم بإيمانهن لتظاهرهن بذلك. وقوله { فامتحنوهن } أي اختبروا إيمانهن بها يظهر به ذلك من شهادة وحلف يفيد العلم والوثوق، وفي قوله { الله أعلم بإيمانهن } إشارة إلى أنه يجزي في ذلك العلم العادي والوثوق دون اليقين بحقيقة الإيمان الذي هو تعالى أعلم به علماً لا يتخلف عنه معلومه. وقوله { فإن علمتموهن مؤمنات فلا ترجعوهن إلى الكفار } ذكرهم بوصف الإيمان للإشارة إلى أنه السبب للحكم وانقطاع علقة الزوجية بين المؤمنة والكافر. وقوله { لا هنَّ حلّ لهم ولا هم يحلُّون لهن } مجموع الجملتين كناية عن انقطاع علقة الزوجية، وليس من توجيه الحرمة إليهن وإليهم في شيء. وقوله { وآتوهم ما أنفقوا } أي أعطوا الزوج الكافر ما أنفق عليها من المهر. وقوله { ولا جناح عليكم أن تنكحوهن إذا آتيتموهن أُجورهن } رفع المانع من نكاح المؤمنات المهاجرت إذا أُوتين أُجورهن والأجر المهر. وقوله { ولا تمسكوا بعصم الكوافر } العصم جمع عصمة وهي النكاح الدائم يعصم المرأة ويحصنها، وإمساك العصمة إبقاء الرجل - بعد ما أسلم - زوجته الكافرة على زوجيتها فعليه بعدما أسلم أن يخلي عن سبيل زوجته الكافرة سواء كانت مشركة أو كتابية. وقد تقدم في تفسير قولهولا تنكحوا المشركات حتى يؤمنَّ } البقرة 221، وقولهوالمحصنات من الذين أُوتوا الكتاب من قبلكم } المائدة 5، أن لا نسخ بين الآيتين وبين الآية التي نحن فيها. وقوله { واسألوا ما أنفقتم وليسألوا ما أنفقوا } ضمير الجمع في { واسألوا } للمؤمنين وفي { ليسألوا } للكفار أي إن لحقت امرأة منكم بالكفار فاسألوهم ما أنفقتم لها من مهر ولهم أن يسألوا مهر من لحقت بكم من نسائهم. ثم تمم الآية بالإشارة إلى أن ما تضمنته الآية حكم الله الذي شرع لهم فقال { ذلكم حكم الله يحكم بينكم والله عليم حكيم }. قوله تعالى { وإن فاتكم شيء من أزواجكم إلى الكفار فعاقبتم فآتوا الذين ذهبت أزواجهم مثل ما أنفقوا } الخ، قال الراغب الفوت بُعد الشيء عن الإنسان بحيث يتعذر إدراكه، قال تعالى { وإن فاتكم شيء من أزواجكم إلى الكفار }.

السابقالتالي
2 3 4 5 6