الرئيسية - التفاسير


* تفسير الميزان في تفسير القرآن/ الطبطبائي (ت 1401 هـ) مصنف و مدقق


{ وَقَالُواْ لَوْلاَ نُزِّلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِّن رَّبِّهِ قُلْ إِنَّ ٱللَّهَ قَادِرٌ عَلَىٰ أَن يُنَزِّلٍ آيَةً وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ } * { وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي ٱلأَرْضِ وَلاَ طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَّا فَرَّطْنَا فِي ٱلكِتَٰبِ مِن شَيْءٍ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ } * { وَٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا صُمٌّ وَبُكْمٌ فِي ٱلظُّلُمَاتِ مَن يَشَإِ ٱللَّهُ يُضْلِلْهُ وَمَن يَشَأْ يَجْعَلْهُ عَلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ } * { قُلْ أَرَءَيْتَكُمْ إِنْ أَتَـٰكُمْ عَذَابُ ٱللَّهِ أَوْ أَتَتْكُمُ ٱلسَّاعَةُ أَغَيْرَ ٱللَّهِ تَدْعُونَ إِن كُنتُمْ صَـٰدِقِينَ } * { بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إِلَيْهِ إِنْ شَآءَ وَتَنسَوْنَ مَا تُشْرِكُونَ } * { وَلَقَدْ أَرْسَلنَآ إِلَىٰ أُمَمٍ مِّن قَبْلِكَ فَأَخَذْنَٰهُمْ بِٱلْبَأْسَآءِ وَٱلضَّرَّآءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ } * { فَلَوْلاۤ إِذْ جَآءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُواْ وَلَـٰكِن قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ ٱلشَّيْطَانُ مَا كَانُواّ يَعْمَلُونَ } * { فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّىٰ إِذَا فَرِحُواْ بِمَآ أُوتُوۤاْ أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُّبْلِسُونَ } * { فَقُطِعَ دَابِرُ ٱلْقَوْمِ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ وَٱلْحَمْدُ للَّهِ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ } * { قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَخَذَ ٱللَّهُ سَمْعَكُمْ وَأَبْصَارَكُمْ وَخَتَمَ عَلَىٰ قُلُوبِكُمْ مَّنْ إِلَـٰهٌ غَيْرُ ٱللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِهِ ٱنْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ ٱلآيَاتِ ثُمَّ هُمْ يَصْدِفُونَ } * { قُلْ أَرَءَيْتَكُمْ إِنْ أَتَـٰكُمْ عَذَابُ ٱللَّهِ بَغْتَةً أَوْ جَهْرَةً هَلْ يُهْلَكُ إِلاَّ ٱلْقَوْمُ ٱلظَّٰلِمُونَ } * { وَمَا نُرْسِلُ ٱلْمُرْسَلِينَ إِلاَّ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ فَمَنْ ءَامَنَ وَأَصْلَحَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ } * { وَٱلَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا يَمَسُّهُمُ ٱلْعَذَابُ بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ } * { قُل لاَّ أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَآئِنُ ٱللَّهِ وَلاۤ أَعْلَمُ ٱلْغَيْبَ وَلاۤ أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَىٰ إِلَيَّ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي ٱلأَعْمَىٰ وَٱلْبَصِيرُ أَفَلاَ تَتَفَكَّرُونَ } * { وَأَنذِرْ بِهِ ٱلَّذِينَ يَخَافُونَ أَن يُحْشَرُوۤاْ إِلَىٰ رَبِّهِمْ لَيْسَ لَهُمْ مِّن دُونِهِ وَلِيٌّ وَلاَ شَفِيعٌ لَّعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ } * { وَلاَ تَطْرُدِ ٱلَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِٱلْغَدَاةِ وَٱلْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِم مِّن شَيْءٍ وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِمْ مِّن شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ ٱلظَّالِمِينَ } * { وَكَذٰلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لِّيَقُولوۤاْ أَهَـٰؤُلاۤءِ مَنَّ ٱللَّهُ عَلَيْهِم مِّن بَيْنِنَآ أَلَيْسَ ٱللَّهُ بِأَعْلَمَ بِٱلشَّٰكِرِينَ } * { وَإِذَا جَآءَكَ ٱلَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِنَا فَقُلْ سَلَٰمٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَىٰ نَفْسِهِ ٱلرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَن عَمِلَ مِنكُمْ سُوۤءًا بِجَهَٰلَةٍ ثُمَّ تَابَ مِن بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } * { وَكَذَلِكَ نفَصِّلُ ٱلآيَاتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ ٱلْمُجْرِمِينَ }

بيان احتجاجات متنوعة على المشركين في أمر التوحيد وآية النبوة. قوله تعالى { وقالوا لولا نزّل عليه آية من ربه قل إن الله قادر } إلى آخر الآية، تحضيض منهم على تنزيل الآية بداعي تعجيز النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ولما صدر هذا القول منهم وبين أيديهم أفضل الآيات أعني القرآن الكريم الذي كان ينزل عليهم سورة سورة وآية آية، ويتلى عليهم حيناً بعد حين تعيَّن أن الآية التي كانوا يقترحونها بقولهم { لولا نزّل عليه آية من ربه } هي آية غير القرآن، وأنهم كانوا لا يعدّونه آية تقنعهم وترتضيه نفوسهم بما لها من المجازفات والتهوسات. وقد حملهم التعصب لآلهتهم أن ينقطعوا عن الله سبحانه كأنه ليس بربهم، فقالوا { لولا نزّل عليه آية من ربه } ولم يقولوا من ربنا أو من الله ونحوهما إزراء بأمره وتأكيداً في تعجيزه أي لو كان ما يدَّعيه ويدعو إليه حقاً فليغفر له ربه الذي يدعو إليه ولينصره ولينزل عليه آية تدل على حقيقة دعواه. والذي بعثهم إلى هذا الاقتراح جهلهم بأمرين أحدهما أن الوثنية يرون لآلهتهم استقلالاً في الأمور المرجوعة إليهم في الكون مع ما يدّعون لهم من مقام الشفاعة فإله الحرب أو السلم له ما يدبّره من الأمر من غير أن يختل تدبيره من ناحية غيره، وكذلك إله البر وإله البحر وإله الحب وإله البغض وسائر الآلهة، فلا يبقى لله سبحانه شأن يتصرف فيه فقد قسَّم الأمر بين أعضاده وإن كان هؤلاء شفعاءه وهو رب الأرباب، فليس يسعه تعالى أن يبطل أمر آلهتهم بإنزال آية تدل على نفي ألوهيتها. وكان يحضَّهم على هذه المزعمة ويؤيد هذا الاعتقاد في قلوبهم ما كانوا يتلقونه من يهود الحجاز أن يد الله مغلولة لا سبيل له إلى تغيير شيء من النظام الجاري، وخرق العادة المألوفة في عالم الأسباب. وثانيهما أن الآيات النازلة من عند الله سبحانه إذا كانت مما خص الله به رسولاً من رسله من غير أن يقترحه الناس فإنما هي بينات تدل على صحة دعوى الرسول من غير أن يستتبع محذوراً للناس المدعوين كالعصا واليد البيضاء لموسى وإحياء الموتى وإبراء الأكمه والأبرص وخلق الطير لعيسى، والقرآن الكريم لمحمد صلى الله عليه وآله وسلم. لكن الآية لو كانت مما اقترحها الناس فإن سنّة الله جرت على القضاء بينهم بنزولها فإن آمنوا بها وإلا نزل عليهم العذاب ولم ينظروا بعد ذلك كآيات نوح وهود وصالح وغير ذلك، وفي القرآن الكريم آيات كثيرة تدل على ذلك، كقوله تعالىوقالوا لولا أُنزل عليه ملك ولو أنزلنا ملكاً لقضي الأمر ثم لا ينظرون } الأنعام 8، وقولهوما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذّب بها الأولون وآتينا ثمود الناقة مبصرة فظلموا بها }

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7 8 9 10  مزيد