الرئيسية - التفاسير


* تفسير الميزان في تفسير القرآن/ الطبطبائي (ت 1401 هـ) مصنف و مدقق


{ أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ نَافَقُواْ يَقُولُونَ لإِخْوَانِهِمُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ ٱلْكِتَابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلاَ نُطِيعُ فيكُمْ أَحَداً أَبَداً وَإِن قُوتِلْتُمْ لَنَنصُرَنَّكُمْ وَٱللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ } * { لَئِنْ أُخْرِجُواْ لاَ يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ وَلَئِن قُوتِلُواْ لاَ يَنصُرُونَهُمْ وَلَئِن نَّصَرُوهُمْ لَيُوَلُّنَّ ٱلأَدْبَارَ ثُمَّ لاَ يُنصَرُونَ } * { لأَنتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِمْ مِّنَ ٱللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَفْقَهُونَ } * { لاَ يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعاً إِلاَّ فِي قُرًى مُّحَصَّنَةٍ أَوْ مِن وَرَآءِ جُدُرٍ بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً وَقُلُوبُهُمْ شَتَّىٰ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَعْقِلُونَ } * { كَمَثَلِ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ قَرِيباً ذَاقُواْ وَبَالَ أَمْرِهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } * { كَمَثَلِ ٱلشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلإِنسَانِ ٱكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيۤءٌ مِّنكَ إِنِّيۤ أَخَافُ ٱللَّهَ رَبَّ ٱلْعَالَمِينَ } * { فَكَانَ عَاقِبَتَهُمَآ أَنَّهُمَا فِي ٱلنَّارِ خَالِدَيْنِ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَآءُ ٱلظَّالِمِينَ }

بيان إشارة إلى حال المنافقين ووعدهم لبني النضير بالنصر إن قوتلوا والخروج معهم إن أُخرجوا وتكذيبهم فيما وعدوا. قوله تعالى { ألم تر إلى الذين نافقوا يقولون لإخوانهم الذين كفروا من أهل الكتاب } الخ، الإخوان كالإخوة جمع أخ والأُخوة الاشتراك في الانتساب إلى أب ويتوسع فيه فيستعمل في المشتركين في اعتقاد أو صداقة ونحو ذلك، ويكثر استعمال الإخوة في المشتركين في النسبة إلى أب واستعمال الإخوان في المشتركين في اعتقاد ونحوه على ما قيل. والاستفهام في الآية للتعجيب، والمراد بالذين نافقوا عبد الله بن أُبيّ وأصحابه، والمراد بإخوانهم الذين كفروا من أهل الكتاب بنو النضير على ما يؤيده السياق فإن مفاد الآيات أنهم كانوا قوماً من أهل الكتاب دار أمرهم بين الخروج والقتال بعد قوم آخر كذلك وليس إلا بني النضير بعد بني قينقاع. وقوله { لئن أُخرجتم لنخرجنَّ معكم ولا نطيع فيكم أحداً أبداً وإن قوتلتم لننصرنكم } مقول قول المنافقين، واللام في { لئن أخرجتم } للقسم أي نقسم لئن أخرجكم المسلمون من دياركم لنخرجنَّ من ديارنا معكم ملازمين لكم ولا نطيع فيكم أي في شأنكم أحداً يشير علينا بمفارقتكم أبداً، وإن قاتلكم المسلمون لننصرنكم عليهم. وقوله { والله يشهد إنهم لكاذبون } تكذيب لوعد المنافقين، وتصريح بأنهم لا يفون بوعدهم. قوله تعالى { لئن أُخرجوا لا يخرجون معهم ولئن قوتلوا لا ينصرونهم } تكذيب تفصيلي لوعدهم بعد تكذيبه الإجمالي بقوله { والله يشهد إنهم لكاذبون } وقد كرر فيه لام القسم، والمعنى أُقسم لئن أُخرج بنو النضير لا يخرج معهم المنافقون، وأُقسم لئن قوتلوا لا ينصرونهم. قوله تعالى { ولئن نصروهم ليولّنَّ الأدبار ثم لا ينصرون } إشارة إلى أن نصرهم على تقدير وقوعه منهم - ولن يقع أبداً - لا يدوم ولا ينفعهم بل يولون الأدبار فراراً ثم لا ينصرون بل يهلكون من غير أن ينصرهم أحد. قوله تعالى { لأنتم أشدُّ رهبة في صدورهم من الله } الخ، ضمائر الجمع للمنافقين، والرهبة الخشية، والآية في مقام التعليل لقوله { ولئن نصروهم ليولّنَّ الأدبار } أي ذلك لأنهم يرهبونكم أشد من رهبتهم لله فلا يقاومونكم لو قاتلتم ولا يثبتون لكم. وعلل ذلك بقوله { ذلك بأنهم قوم لا يفقهون } والإشارة بذلك إلى كون رهبتهم للمؤمنين أشد من رهبتهم لله أي رهبتهم لكم كذلك لأنهم قوم لا يفهمون حق الفهم ولو فقهوا حقيقة الأمر بان لهم أن الأمر إلى الله تعالى وليس لغيره من الأمر شيء سواء في ذلك المسلمون وغيرهم، ولا يقوى غيره تعالى على عمل خير أو شر أو نافع أو ضار إلا بحول منه تعالى وقوة فلا ينبغي أن يرهب إلا هو عز وجل. قوله تعالى { لا يقاتلونكم جميعاً إلا في قرى محصنة أو من وراء جدر } بيان لأثر رهبتهم وجبنهم جميعاً والمعنى لا يقاتلكم بنو النضير والمنافقون جميعاً بأن يبرزوا بل في قرى حصينة محكمة أو من وراء جدر من غير بروز.

السابقالتالي
2 3 4