الرئيسية - التفاسير


* تفسير الميزان في تفسير القرآن/ الطبطبائي (ت 1401 هـ) مصنف و مدقق


{ سَبَّحَ للَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ } * { لَهُ مُلْكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ يُحْيِـي وَيُمِيتُ وَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } * { هُوَ ٱلأَوَّلُ وَٱلآخِرُ وَٱلظَّاهِرُ وَٱلْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ } * { هُوَ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ ٱسْتَوَىٰ عَلَى ٱلْعَرْشِ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي ٱلأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنزِلُ مِنَ ٱلسَّمَآءِ وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ وَٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ } * { لَّهُ مُلْكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَإِلَى ٱللَّهِ تُرْجَعُ ٱلأُمُورُ } * { يُولِجُ ٱلْلَّيْلَ فِي ٱلنَّهَارِ وَيُولِجُ ٱلنَّهَارَ فِي ٱلْلَّيْلِ وَهُوَ عَلِيمٌ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ }

بيان غرض السورة حثّ المؤمنين وترغيبهم في الإنفاق في سبيل الله كما يشعر به تأكيد الأمر به مرة بعد مرة في خلال آياتها { آمنوا بالله ورسوله وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه } الآية، { من ذا الذي يقرض الله قرضاً حسناً } الآية، { إن المصّدّقين والمصّدّقات وأقرضوا الله قرضاً حسناً } وقد سمّت إنفاقهم ذلك إقراضاً منه لله عز اسمه فالله سبحانه خير مطلوب وهو لا يخلف الميعاد وقد وعدهم إن أقرضوه أن يضاعفه لهم وأن يؤتيهم أجراً كريماً كثيراً. وقد أشار إلى أن هذا الإنفاق من التقوى والإيمان بالرسول وأنه يستتبع مغفرة الذنوب وإتيان كفلين من الرحمة ولزوم النور بل واللحوق بالصدِّيقين والشهداء عند الله سبحانه. وفي خلال آياتها معارف راجعة إلى المبدأ والمعاد، ودعوة إلى التقوى وإخلاص الإيمان والزهد وموعظة. والسورة مدنية بشهادة سياق آياتها وقد ادَّعى بعضهم إجماع المفسرين على ذلك. ولقد افتتحت السورة بتسبيحه وتنزيهه تعالى بعدَّة من أسمائه الحسنى لما في غرض السورة وهو الحثّ على الإنفاق من شائبة توهم الحاجة والنقص في ناحيته ونظيرتها في ذلك جميع السور المفتتحة بالتسبيح وهي سور الحشر والصف والجمعة والتغابن المصدّرة بسبَّح أو يسبّح. قوله تعالى { سبَّح لله ما في السماوات والأرض وهو العزيز الحكيم } التسبيح التنزيه وهو نفي ما يستدعي نقصاً أو حاجة مما لا يليق بساحة كماله تعالى، و { ما } موصولة والمراد بها ما يعمُّ العقلاء مما في السماوات والأرض كالملائكة والثقلين وغير العقلاء كالجمادات والدليل عليه ما ذكر بعد من صفاته المتعلقة بالعقلاء كالإحياء والعلم بذات الصدور. فالمعنى نزَّه الله سبحانه ما في السماوات والأرض من شيء وهو جميع العالم. والمراد بتسبيحها حقيقة معنى التسبيح دون المعنى المجازي الذي هو دلالة وجود كل موجود في السماوات والأرض على أن له موجداً منزّهاً من كل نقص متصفاً بكل كمال، ودون عموم المجاز وهو دلالة كل موجود على تنزهه تعالى إما بلسان القال كالعقلاء وإما بلسان الحال كغير العقلاء من الموجودات وذلك لقوله تعالىوإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم } الإسراء 44، حيث استدرك أنهم لا يفقهون تسبيحهم ولو كان المراد بتسبيحهم دلالة وجودهم على وجوده وهي قيام الحجة على الناس بوجودهم أو كان المراد تسبيحهم وتحميدهم بلسان الحال وذلك مما يفقه الناس لم يكن للاستدراك معنى. فتسبيح ما في السماوات والأرض تسبيح ونطق بالتنزيه بحقيقة معنى الكلمة وإن كنا لا نفقهه، قال تعالىقالوا أنطقنا الله الذي أنطق كل شيء } فصلت 21. وقوله { وهو العزيز الحكيم } أي المنيع جانبه يغلب ولا يغلب، المتقن فعله لا يعرض على فعله ما يفسده عليه ولا يتعلق به اعتراض معترض.

السابقالتالي
2 3 4 5