الرئيسية - التفاسير


* تفسير الميزان في تفسير القرآن/ الطبطبائي (ت 1401 هـ) مصنف و مدقق


{ نَحْنُ خَلَقْنَاكُمْ فَلَوْلاَ تُصَدِّقُونَ } * { أَفَرَأَيْتُمْ مَّا تُمْنُونَ } * { ءَأَنتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَم نَحْنُ ٱلْخَالِقُونَ } * { نَحْنُ قَدَّرْنَا بَيْنَكُمُ ٱلْمَوْتَ وَمَا نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ } * { عَلَىٰ أَن نُّبَدِّلَ أَمْثَـٰلَكُمْ وَنُنشِئَكُمْ فِي مَا لاَ تَعْلَمُونَ } * { وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ ٱلنَّشْأَةَ ٱلأُولَىٰ فَلَوْلاَ تَذَكَّرُونَ } * { أَفَرَأَيْتُم مَّا تَحْرُثُونَ } * { ءَأَنتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ ٱلزَّارِعُونَ } * { لَوْ نَشَآءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَاماً فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ } * { إِنَّا لَمُغْرَمُونَ } * { بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ } * { أَفَرَءَيْتُمُ ٱلْمَآءَ ٱلَّذِي تَشْرَبُونَ } * { ءَأَنتُمْ أَنزَلْتُمُوهُ مِنَ ٱلْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ ٱلْمُنزِلُونَ } * { لَوْ نَشَآءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجاً فَلَوْلاَ تَشْكُرُونَ } * { أَفَرَأَيْتُمُ ٱلنَّارَ ٱلَّتِي تُورُونَ } * { أَأَنتُمْ أَنشَأْتُمْ شَجَرَتَهَآ أَمْ نَحْنُ ٱلْمُنشِئُونَ } * { نَحْنُ جَعَلْنَاهَا تَذْكِرَةً وَمَتَاعاً لِّلْمُقْوِينَ } * { فَسَبِّحْ بِٱسْمِ رَبِّكَ ٱلْعَظِيمِ } * { فَلاَ أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ ٱلنُّجُومِ } * { وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَّوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ } * { إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ } * { فِي كِتَابٍ مَّكْنُونٍ } * { لاَّ يَمَسُّهُ إِلاَّ ٱلْمُطَهَّرُونَ } * { تَنزِيلٌ مِّن رَّبِّ ٱلْعَالَمِينَ } * { أَفَبِهَـٰذَا ٱلْحَدِيثِ أَنتُمْ مُّدْهِنُونَ } * { وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ } * { فَلَوْلاَ إِذَا بَلَغَتِ ٱلْحُلْقُومَ } * { وَأَنتُمْ حِينَئِذٍ تَنظُرُونَ } * { وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنكُمْ وَلَـٰكِن لاَّ تُبْصِرُونَ } * { فَلَوْلاَ إِن كُنتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ } * { تَرْجِعُونَهَآ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } * { فَأَمَّآ إِن كَانَ مِنَ ٱلْمُقَرَّبِينَ } * { فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّتُ نَعِيمٍ } * { وَأَمَّآ إِن كَانَ مِنْ أَصْحَابِ ٱلْيَمِينِ } * { فَسَلاَمٌ لَّكَ مِنْ أَصْحَابِ ٱلْيَمِينِ } * { وَأَمَّآ إِن كَانَ مِنَ ٱلْمُكَذِّبِينَ ٱلضَّآلِّينَ } * { فَنُزُلٌ مِّنْ حَمِيمٍ } * { وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ } * { إِنَّ هَـٰذَا لَهُوَ حَقُّ ٱلْيَقِينِ } * { فَسَبِّحْ بِٱسْمِ رَبِّكَ ٱلْعَظِيمِ }

بيان لما فصّل سبحانه القول فيما ينتهي إليه حال كل من الأزواج الثلاثة ففصّل حال أصحاب الشمال وأن الذي ساقهم إلى ذلك نقضهم عهد العبودية وتكذيبهم للبعث والجزاء وأمر نبيه صلى الله عليه وآله وسلم أن يردّ عليهم بتقرير البعث والجزاء وبيان ما يجزون به يوم البعث. وبّخهم على تكذيبهم بالمعاد مع أن الذي يخبرهم به هو خالقهم الذي يدبر أمرهم ويقدّر لهم الموت ثم الإنشاء فهو يعلم ما يجري عليهم مدى وجودهم وما ينتهي إليه حالهم ومع أن الكتاب الذي ينبّئهم بالمعاد هو قرآن كريم مصون من أن يلعب به أيدي الشياطين وأولياؤهم المضلّين. ثم يعيد الكلام إلى ما بدئ به من حال الأزواج الثلاثة ويذكر أن اختلاف أحوال الأقسام يأخذ من حين الموت وبذلك تختتم السورة. قوله تعالى { نحن خلقناكم فلولا تصدّقون } السياق سياق الكلام في البعث والجزاء وقد أنكروه وكذبوا به، فقوله { فلولا تصدقون } تحضيض على تصديق حديث المعاد وترك التكذيب به، وقد علله بقوله { نحن خلقناكم } كما يستفاد من التفريع الذي في قوله { فلولا تصدقون }. وإيجاب خلقه تعالى لهم وجوب تصديقه فيما يخبر به من المعاد من وجهين أحدهما أنه تعالى خلقهم أول مرة فهو قادر على إعادة خلقهم ثانياً كما قالقال من يحيي العظام وهي رميم قل يحييها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم } يس 78-79. وثانيهما أنه تعالى لما كان هو خالقهم وهو المدبر لأمرهم المقدر لهم خصوصيات خلقهم وأمرهم فهو أعلم بما يفعل بهم وسيجري عليهم فإذا أنبأهم بأنه سيبعثهم بعد موتهم ويجزيهم بما عملوا إن خيراً وإن شراً لم يكن بدّ من تصديقه فلا عذر لمن كذب بما أخبر به كتابه من البعث والجزاء، قال تعالىألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير } الملك 14، وقالكما بدأنا أول خلق نعيده وعداً علينا إنا كنا فاعلين } الأنبياء 104، وقالوعد الله حقاً ومن أصدق من الله قيلاً } النساء 122. فمحصل الآية نحن خلقناكم ونعلم ما فعلنا وما سنفعل بكم فنخبركم أنّا سنبعثكم ونجزيكم بما عملتم فهلاّ تصدقون بما نخبركم به فيما أنزلناه من الكتاب. وفي الآية وما يتلوها من الآيات التفات من الغيبة إلى الخطاب لأن السياق سياق التوبيخ والمعاتبة وذلك بالخطاب أوقع وآكد. قوله تعالى { أفرأيتم ما تمنون } الإمناء قذف المني وصبّه والمراد قذفه وصبّه في الأرحام، والمعنى أفرأيتم المني الذي تصبونه في أرحام النساء. قوله تعالى { ءأنتم تخلقونه أم نحن الخالقون } أي ءأنتم تخلقونه بشراً مثلكم أم نحن خالقوه بشراً. قوله تعالى { نحن قدَّرنا بينكم الموت وما نحن بمسبوقين } تدبير أمر الخلق بجميع شؤونه وخصوصياته من لوازم الخلق بمعنى إفاضة الوجود فوجود الإنسان المحدود بأول كينونته إلى آخر لحظة من حياته الدنيا بجميع خصوصياته التي تتحول عليه بتقدير من خالقه عز وجل.

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7 8 9