الرئيسية - التفاسير


* تفسير الميزان في تفسير القرآن/ الطبطبائي (ت 1401 هـ) مصنف و مدقق


{ أَكُفَّٰرُكُمْ خَيْرٌ مِّنْ أُوْلَٰئِكُمْ أَمْ لَكُم بَرَآءَةٌ فِي ٱلزُّبُرِ } * { أَمْ يَقُولُونَ نَحْنُ جَمِيعٌ مُّنتَصِرٌ } * { سَيُهْزَمُ ٱلْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ ٱلدُّبُرَ } * { بَلِ ٱلسَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَٱلسَّاعَةُ أَدْهَىٰ وَأَمَرُّ } * { إِنَّ ٱلْمُجْرِمِينَ فِي ضَلاَلٍ وَسُعُرٍ } * { يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي ٱلنَّارِ عَلَىٰ وُجُوهِهِمْ ذُوقُواْ مَسَّ سَقَرَ } * { إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ } * { وَمَآ أَمْرُنَآ إِلاَّ وَاحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِٱلْبَصَرِ } * { وَلَقَدْ أَهْلَكْنَآ أَشْيَاعَكُمْ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ } * { وَكُلُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ فِي ٱلزُّبُرِ } * { وَكُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ مُّسْتَطَرٌ } * { إِنَّ ٱلْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ } * { فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِندَ مَلِيكٍ مُّقْتَدِرٍ }

بيان الآيات في معنى أخذ النتيجة مما أُعيد ذكره من الأنباء التي فيها مزدجر وهي نبأ الساعة المذكور أولاً ثم أنباء الأمم الهالكة المذكورة ثانياً فهي تنعطف أولاً على أنباء الأمم الهالكة فتخاطب قوم النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن كفاركم ليسوا خيراً من أولئك الأمم الطاغية الجبارة وقد أهلكهم الله على أذلِّ وجه وأهونه ولا لكم براءة مكتوبة من عذاب الله، ولا أن جمعكم ينفعكم في الذبّ عن العقاب. ثم تنعطف إلى ما مرَّ من نبإ الساعة بأنها موعدهم الصعب إن أجرموا وكذَّبوا والساعة أدهى وأمرّ، ثم تشير إلى موطن المتقين يومئذ وعند ذلك تختتم السورة. قوله تعالى { أكفاركم خير من أولئكم أم لكم براءة في الزبر } الظاهر أنه خطاب لقوم النبي صلى الله عليه وآله وسلم من مسلم وكافر على ما تشعر به الإضافة في { كفاركم } والخيرية هي الخيرية في زينة الدنيا وزخارف حياتها كالمال والبنين أو من جهة الأخلاق العامة في مجتمعهم كالسخاء والشجاعة والشفقة على الضعفاء، والإشارة بأولئكم إلى الأقوام المذكورة أنباؤهم قوم نوح وعاد وثمود وقوم لوط وآل فرعون، والاستفهام للإنكار. والمعنى ليس الذين كفروا منكم خيراً من أولئكم الأمم المهلكين المعذبين حتى يشملهم العذاب دونكم. ويمكن أن يكون خطاب { أكفاركم } لخصوص الكفار بعناية أنهم قوم النبي صلى الله عليه وآله وسلم وفيهم كفار وهم هم. وقوله { أم لكم براءة في الزبر } ظاهره أيضاً عموم الخطاب، والزبر جمع زبور وهو الكتاب، وقد ذكروا أن المراد بالزبر الكتب السماوية المنزلة على الأنبياء والمعنى بل ألكم براءة في الكتب السماوية التي نزلت من عند الله أنكم في أمن من العذاب والمؤاخذة وإن كفرتم وأجرمتم واقترفتم ما شئتم من الذنوب. قوله تعالى { أم يقولون نحن جميع منتصر } الجميع المجموع والمراد به وحدة مجتمعهم من حيث الإرادة والعمل، والانتصار الانتقام أو التناصر كما في خطابات يوم القيامةما لكم لا تناصرون } الصافات 25، والمعنى بل أيقولون أي الكفار نحن قوم مجتمعون متحدون ننتقم ممن أرادنا بسوء أو ينصر بعضنا بعضاً فلا ننهزم. قوله تعالى { سيهزم الجمع ويولون الدبر } اللام في { الجمع } للعهد الذكري وفي { الدبر } للجنس، وتولى الدبر الإدبار، والمعنى سيهزم الجمع الذي يتبجَّحون به ويولون الأدبار ويفرُّون. وفي الآية إخبار عن مغلوبية وانهزام لجمعهم، ودلالة على أن هذه المغلوبية انهزام منهم في حرب سيقدمون عليها، وقد وقع ذلك في غزاة بدر، وهذا من ملاحم القرآن الكريم. قوله تعالى { بل الساعة موعدهم والساعة أدهى وأمرّ } " أدهى " اسم تفضيل من الدهاء وهو عظم البليَّة المنكرة التي ليس إلى التخلص منها سبيل، و " أمرَّ " اسم تفضيل من المرارة ضد الحلاوة، وفي الآية إضراب عن إيعادهم بالانهزام والعذاب الدنيوي إلى إيعادهم بما سيجري عليهم في الساعة وقد أُشير إلى نبإها في أول الأنباء الزاجرة، والكلام يفيد الترقّي.

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7