الرئيسية - التفاسير


* تفسير الميزان في تفسير القرآن/ الطبطبائي (ت 1401 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱلنَّجْمِ إِذَا هَوَىٰ } * { مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَىٰ } * { وَمَا يَنطِقُ عَنِ ٱلْهَوَىٰ } * { إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَىٰ } * { عَلَّمَهُ شَدِيدُ ٱلْقُوَىٰ } * { ذُو مِرَّةٍ فَٱسْتَوَىٰ } * { وَهُوَ بِٱلأُفُقِ ٱلأَعْلَىٰ } * { ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّىٰ } * { فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَىٰ } * { فَأَوْحَىٰ إِلَىٰ عَبْدِهِ مَآ أَوْحَىٰ } * { مَا كَذَبَ ٱلْفُؤَادُ مَا رَأَىٰ } * { أَفَتُمَارُونَهُ عَلَىٰ مَا يَرَىٰ } * { وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَىٰ } * { عِندَ سِدْرَةِ ٱلْمُنتَهَىٰ } * { عِندَهَا جَنَّةُ ٱلْمَأْوَىٰ } * { إِذْ يَغْشَىٰ ٱلسِّدْرَةَ مَا يَغْشَىٰ } * { مَا زَاغَ ٱلْبَصَرُ وَمَا طَغَىٰ } * { لَقَدْ رَأَىٰ مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ ٱلْكُبْرَىٰ }

بيان غرض السورة تذكير الأصول الثلاثة وحدانيته تعالى في ربوبيته والمعاد والنبوة فتبدأ بالنبوة فتصدق الوحي إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم وتصفه ثم تتعرض للوحدانية فتنفي الأوثان والشركاء أبلغ النفي ثم تصف انتهاء الخلق والتدبير إليه تعالى من إحياء وإماتة وإضحاك وإبكاء وإغناء وإقناء وإهلاك وتعذيب ودعوة وإنذار، وتختم الكلام بالإشارة إلى المعاد والأمر بالسجدة والعبادة. والسورة مكية بشهادة سياق آياتها ولا يصغى إلى قول بعضهم بكون بعض آياتها أو كلها مدنية، وقد قيل إنها أول سورة أعلن النبي صلى الله عليه وآله وسلم بقراءتها فقرأها على المؤمنين والمشركين جميعاً، ومن غرر الآيات فيها قوله تعالى { وأن إلى ربك المنتهى } وقوله { وأن ليس للإنسان إلا ما سعى }. وما أوردناه من الآيات هي الفصل الأول من فصول السورة الثلاثة وهي الآيات اللاتي تصدق الوحي إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم وتصفه، لكن هناك روايات مستفيضة عن أئمة أهل البيت عليهم السلام ناصّة على أن المراد بالآيات ليس بيان صفة كل وحي بل بيان وحي المشافهة الذي أوحاه الله سبحانه إلى نبيه صلى الله عليه وآله وسلم ليلة المعراج فالآيات متضمنة لقصة المعراج وظاهر الآيات لا يخلو من تأييد لهذه الروايات وهو المستفاد أيضاً من أقوال بعض الصحابة كابن عباس وأنس وأبي سعيد الخدري وغيرهم على ما روي عنهم وعلى ذلك جرى كلام المفسرين وإن اشتد الخلاف بينهم في تفسير مفرداتها وجملها. قوله تعالى { والنجم إذا هوى } ظاهر الآية أن المراد بالنجم هو مطلق الجرم السماوي المضيء وقد أقسم الله في كتابه بكثير من خلقه ومنها عدة من الأجرام السماوية كالشمس والقمر وسائر السيارات، وعلى هذا فالمراد بهويّ النجم سقوطه للغروب. وقيل المراد بالنجم القرآن لنزوله نجوماً، وقيل الثريَّا، وقيل الشعرى، وقيل الشهاب الذي يرمى به شياطين الجن لأن العرب تسميه نجماً، وللهويّ ما يناسب لكل من هذه الأقوال من المعنى، لكن لفظ الآية لا يساعد على شيء من هذه المعاني. قوله تعالى { ما ضلَّ صاحبكم وما غوى } الضلال الخروج والانحراف عن الصراط المستقيم، والغيّ خلاف الرشد الذي هو إصابة الواقع، قال الراغب الغي جهلٍ من اعتقاد فاسد، وذلك أن الجهل قد يكون من كون الإنسان غير معتقد اعتقاداً لا صالحاً ولا فاسداً، وقد يكون من اعتقاد شيء فاسد، وهذا النحو الثاني يقال له غيّ، قال تعالى { ما ضلَّ صاحبكم وما غوى }. انتهى. والمراد بالصاحب هو النبي صلى الله عليه وآله وسلم. والمعنى ما خرج صاحبكم عن الطريق الموصل إلى الغاية المطلوبة ولا أخطأ في اعتقاده ورأيه فيها، ويرجع المعنى إلى أنه لم يخطئ لا في الغاية المطلوبة التي هي السعادة الإنسانية وهو عبوديته تعالى، ولا في طريقها التي تنتهي إليها.

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7 8 9