الرئيسية - التفاسير


* تفسير الميزان في تفسير القرآن/ الطبطبائي (ت 1401 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱلطُّورِ } * { وَكِتَابٍ مَّسْطُورٍ } * { فِي رَقٍّ مَّنْشُورٍ } * { وَٱلْبَيْتِ ٱلْمَعْمُورِ } * { وَٱلسَّقْفِ ٱلْمَرْفُوعِ } * { وَٱلْبَحْرِ ٱلْمَسْجُورِ } * { إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ } * { مَّا لَهُ مِن دَافِعٍ } * { يَوْمَ تَمُورُ ٱلسَّمَآءُ مَوْراً } * { وَتَسِيرُ ٱلْجِبَالُ سَيْراً }

بيان غرض السورة إنذار أهل التكذيب والعناد من الكفار بالعذاب الذي أُعدَّ لهم يوم القيامة فتبدأ بالإنباء عن وقوع العذاب الذي أُنذروا به وتحققه يوم القيامة بأقسام مؤكدة وأيمان مغلظة، وأنه غير تاركهم يومئذ حتى يقع بهم ولا مناص. ثم تذكر نبذة من صفة هذا العذاب والويل الذي يعمهم ولا يفارقهم ثم تقابل ذلك بشمة من نعيم أهل النعيم يومئذ وهم المتقون الذين كانوا في الدنيا مشفقين في أهلهم يدعون الله مؤمنين به موحدين له. ثم تأخذ في توبيخ المكذبين على ما كانوا يرمون النبي صلى الله عليه وآله وسلم وما أُنزل عليه من القرآن وما أتى به من الدين الحق. وتختم الكلام بتكرار التهديد والوعيد وأمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم بتسبيح ربه. والسورة مكية كما يشهد بذلك سياق آياتها. قوله تعالى { والطور } قيل الطور مطلق الجبل وقد غلب استعماله في الجبل الذي كلم الله عليه موسى عليه السلام، والأنسب أن يكون المراد به في الآية جبل موسى عليه السلام أقسم الله تعالى به لما قدسه وبارك فيه كما أقسم به في قولهوطور سينين } التين 2، وقالوناديناه من جانب الطور الأيمن } مريم 52، وقال في خطابه لموسى عليه السلامفاخلع نعليك إنك بالواد المقدس طوى } طه 12، وقالنودي من شاطئ الواد الأيمن في البقعة المباركة من الشجرة } القصص 30. وقيل المراد مطلق الجبل أقسم الله تعالى به لما أودع فيه من أنواع نعمه وقال تعالىوجعل فيها رواسي من فوقها وبارك فيها } فصلت 10. قوله تعالى { وكتاب مسطور في رقّ منشور } قيل الرق مطلق ما يكتب فيه وقيل الورق المأخوذ من الجلد، والنشر هو البسط، والتفريق. والمراد بهذا الكتاب قيل هو اللوح المحفوظ الذي كتب الله فيه ما كان وما يكون وما هو كائن تقرؤه ملائكة السماء، وقيل المراد به صحائف الأعمال تقرؤه حفظة الأعمال من الملائكة، وقيل هو القرآن كتبه الله في اللوح المحفوظ، وقيل هو التوراة وكانت تكتب في الرق وتنشر للقراءة. والأنسب بالنظر إلى الآية السابقة هو القول الأخير. قوله تعالى { والبيت المعمور } قيل المراد به الكعبة المشرفة فإنها أول بيت وضع للناس ولم يزل معموراً منذ وضع إلى يومنا هذا قال تعالىإن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركاً وهدى للعالمين } آل عمران 96. وفي الروايات المأثورة أن البيت المعمور بيت في السماء بحذاء الكعبة تزوره الملائكة. وتنكير { كتاب } للإيماء إلى استغنائه عن التعريف فهو تنكير يفيد التعريف ويستلزمه. قوله تعالى { والسقف المرفوع } هو السماء. قوله تعالى { والبحر المسجور } قال الراغب السجر تهييج النار، وفي المجمع المسجور المملوء يقال سجرت التنور أي ملأتها ناراً، وقد فسرت الآية بكل من المعنيين ويؤيد المعنى الأول قوله

السابقالتالي
2