الرئيسية - التفاسير


* تفسير الميزان في تفسير القرآن/ الطبطبائي (ت 1401 هـ) مصنف و مدقق


{ فَٱصْبِرْ عَلَىٰ مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ ٱلشَّمْسِ وَقَبْلَ ٱلْغُرُوبِ } * { وَمِنَ ٱللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَأَدْبَارَ ٱلسُّجُودِ } * { وَٱسْتَمِعْ يَوْمَ يُنَادِ ٱلْمُنَادِ مِن مَّكَانٍ قَرِيبٍ } * { يَوْمَ يَسْمَعُونَ ٱلصَّيْحَةَ بِٱلْحَقِّ ذَلِكَ يَوْمُ ٱلْخُرُوجِ } * { إِنَّا نَحْنُ نُحْيِـي وَنُمِيتُ وَإِلَيْنَا ٱلْمَصِيرُ } * { يَوْمَ تَشَقَّقُ ٱلأَرْضُ عَنْهُمْ سِرَاعاً ذَلِكَ حَشْرٌ عَلَيْنَا يَسِيرٌ } * { نَّحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَقُولُونَ وَمَآ أَنتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ فَذَكِّرْ بِٱلْقُرْآنِ مَن يَخَافُ وَعِيدِ }

بيان خاتمة السورة يأمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم فيها أن يصبر على ما يقولون مما يرمونه بنحو السحر والجنون والشعر، وما يتعنّتون به باستهزاء المعاد والرجوع إلى الله تعالى فيأمره صلى الله عليه وآله وسلم بالصبر وأن يعبد ربه بتسبيحه وأن يتوقع البعث بانتظار الصيحة، وأن يذكّر بالقرآن من يخاف الله بالغيب. قوله تعالى { فاصبر على ما يقولون وسبّح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل الغروب } تفريع على جميع ما تقدم من إنكار المشركين للبعث، ومن تفصيل القول في البعث والحجة عليه، ومن وعيد المنكرين له المكذبين للنبي صلى الله عليه وآله وسلم وتهديدهم بمثل ما جرى على المكذبين من الأمم الماضية. وقوله { وسبّح بحمد ربك } الخ، أمر بتنزيهه تعالى عما يقولون مصاحباً للحمد ومحصله إثبات جميل الفعل له ونفي كل نقص وشين عنه تعالى، والتسبيح قبل طلوع الشمس يقبل الانطباق على صلاة الصبح، والتسبيح قبل الغروب يقبل الانطباق على صلاة العصر أو عليها وعلى صلاة الظهر. قوله تعالى { ومن الليل فسبحه وأدبار السجود } أي ومن الليل فسبحه فيه، ويقبل الانطباق على صلاتي المغرب والعشاء. وقوله { وأدبار السجود } الأدبار جمع دبر وهو ما ينتهي إليه الشيء وبعده، وكأن المراد بأدبار السجود بعد الصلوات فإن السجود آخر الركعة من الصلاة فينطبق على التعقيب بعد الصلوات، وقيل المراد به النوافل بعد الفرائض، وقيل المراد به الركعتان أو الركعات بعد المغرب وقيل ركعة الوتر في آخر الليل. قوله تعالى { واستمع يوم يناد المناد من مكان قريب } فسّروا الاستماع بمعان مختلفة والأقرب أن يكون مضمناً معنى الانتظار و { يوم يناد المناد } مفعوله والمعنى وانتظر يوماً ينادي فيه المنادي ملقياً سمعك لاستماع ندائه، والمراد بنداء المنادي نفخ صاحب الصور في الصور على ما تفيده الآية التالية. وكون النداء من مكان قريب لإِحاطته بهم فيقع في سمعهم على نسبة سواء لا تختلف بالقرب والبعد فإنما هو نداء البعث وكلمة الحياة. قوله تعالى { يوم يسمعون الصيحة بالحق ذلك يوم الخروج } بيان ليوم ينادي المنادي، وكون الصيحة بالحق لأنها مقضية قضاء محتوماً كما مر في قوله { وجاءت سكرة الموت بالحق } الآية. وقوله { ذلك يوم الخروج } أي يوم الخروج من القبور كما قال تعالىيوم يخرجون من الأجداث سراعاً } المعارج 43. قوله تعالى { إنا نحن نحيي ونميت وإلينا المصير } المراد بالإِحياء إفاضة الحياة على الأجساد الميتة في الدنيا وبالإِماتة الإِماتة في الدنيا وهي النقل إلى عالم القبر، وبقوله { وإلينا المصير } الإِحياء بالبعث في الآخرة على ما يفيده السياق. قوله تعالى { يوم تشقق الأرض عنهم سراعاً ذلك حشر علينا يسير } أصل { تشقق } تتشقق أي تتصدع عنهم فيخرجون منها مسارعين إلى الداعي.

السابقالتالي
2