الرئيسية - التفاسير


* تفسير الميزان في تفسير القرآن/ الطبطبائي (ت 1401 هـ) مصنف و مدقق


{ قۤ وَٱلْقُرْآنِ ٱلْمَجِيدِ } * { بَلْ عَجِبُوۤاْ أَن جَآءَهُمْ مُّنذِرٌ مِّنْهُمْ فَقَالَ ٱلْكَافِرُونَ هَـٰذَا شَيْءٌ عَجِيبٌ } * { أَءِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَاباً ذَلِكَ رَجْعٌ بَعِيدٌ } * { قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنقُصُ ٱلأَرْضُ مِنْهُمْ وَعِندَنَا كِتَابٌ حَفِيظٌ } * { بَلْ كَذَّبُواْ بِٱلْحَقِّ لَمَّا جَآءَهُمْ فَهُمْ فِيۤ أَمْرٍ مَّرِيجٍ } * { أَفَلَمْ يَنظُرُوۤاْ إِلَى ٱلسَّمَآءِ فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِن فُرُوجٍ } * { وَٱلأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ } * { تَبْصِرَةً وَذِكْرَىٰ لِكُلِّ عَبْدٍ مُّنِيبٍ } * { وَنَزَّلْنَا مِنَ ٱلسَّمَآءِ مَآءً مُّبَٰرَكاً فَأَنبَتْنَا بِهِ جَنَّٰتٍ وَحَبَّ ٱلْحَصِيدِ } * { وَٱلنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَّهَا طَلْعٌ نَّضِيدٌ } * { رِّزْقاً لِّلْعِبَادِ وَأَحْيَيْنَا بِهِ بَلْدَةً مَّيْتاً كَذَلِكَ ٱلْخُرُوجُ } * { كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَأَصْحَابُ ٱلرَّسِّ وَثَمُودُ } * { وَعَادٌ وَفِرْعَوْنُ وَإِخْوَانُ لُوطٍ } * { وَأَصْحَابُ ٱلأَيْكَةِ وَقَوْمُ تُّبَّعٍ كُلٌّ كَذَّبَ ٱلرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ }

بيان السورة تذكر الدعوة وتشير إلى ما فيها من الإِنذار بالمعاد وجحد المشركين به واستعجابهم ذلك بأن الموت يستعقب بطلان الشخصية الإِنسانية بصيرورته تراباً لا يبقى معه أثر مما كان عليه فكيف يرجع ثانياً إلى ما كان عليه قبل الموت فتدفع ما أظهروه من الاستعجاب والاستبعاد بأن العلم الإِلهي محيط بهم وعنده الكتاب الحفيظ الذي لا يعزب عنه شيء مما دق وجل من أحوال خلقه ثم توعدهم بإصابة مثل ما أصاب الأمم الماضية الهالكة. وتنبه ثانياً على علمه وقدرته تعالى بالإِشارة إلى ما جرى من تدبيره تعالى في خلق السماوات وما زينها به من الكواكب والنجوم وغير ذلك، وفي خلق الأرض من حيث مدّها وإلقاء الرواسي عليها وإنبات الأزواج النباتية فيها ثم بإنزال الماء وتهيئة أرزاق العباد وإحياء الأرض به. ثم بيان حال الإِنسان من أول ما خلق وأنه تحت المراقبة الشديدة الدقيقة حتى ما يلفظ به من لفظ وحتى ما يخطر بباله وتوسوس به نفسه ما دام حياً ثم إذا أدركه الموت ثم إذا بعث لفصل القضاء ثم إذا فرغ من حسابه فادخل النار إن كان من المكذبين أو الجنة المُزلفة إن كان من المتقين. وبالجملة مصب الكلام في السورة هو المعاد، ومن غرر الآيات فيها قوله { لقد كنت في غفلة من هذا فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد } ، وقوله { يوم نقول لجهنم هل امتلأت فتقول هل من مزيد } وقوله { لهم ما يشاءون فيها ولدينا مزيد }. والسورة مكية بشهادة سياق آياتها إلا ما قيل في قوله { ولقد خلقنا السماوات والأرض } الآية أو الآيتين، ولا شاهد عليه من اللفظ. وما أوردناه من الآيات فيه إجمال الإِشارة إلى المعاد واستبعادهم له، وإجمال الجواب والتهديد أولاً ثم الإِشارة إلى تفصيل الجواب والتهديد ثانياً. قوله تعالى { ق والقرآن المجيد } ، قال في المجمع المجد في كلامهم الشرف الواسع يقال مجَد الرجل ومجُد - بضم العين وفتحها - مجداً إذا عظم وكرم، وأصله من قولهم مجدت الأبل مُجوداً إذا عظمت بطونها من كثرة أكلها من كلاء الربيع. انتهى. وقوله { والقرآن المجيد } قسم وجوابه محذوف يدل عليه الجمل التالية والتقدير والقرآن المجيد إن البعث حق أو إنك لمن المنذرين أو الإِنذار حق، وقيل جواب القسم مذكور وهو قوله { بل عجبوا } الخ، وقيل هو قوله { قد علمنا ما تنقص } الخ، وقيل قوله { ما يلفظ من قول } الخ، وقيل قوله { إن في ذلك لذكرى } الخ، وقيل قوله { ما يبدل القول لدي } الخ، وهذه أقوال سخيفة لا يصار إليها. قوله تعالى { بل عجبوا أن جاءهم منذر منهم فقال الكافرون هذا شيء عجيب } إضراب عن مضمون جواب القسم المحذوف فكأنه قيل إنا أرسلناك نذيراً فلم يؤمنوا بك بل عجبوا أن جاءهم منذر منهم، أو قيل إن البعث الذي أنذرتهم به حق ولم يؤمنوا به بل عجبوا منه واستبعدوه.

السابقالتالي
2 3 4 5