الرئيسية - التفاسير


* تفسير الميزان في تفسير القرآن/ الطبطبائي (ت 1401 هـ) مصنف و مدقق


{ يَـٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لَيَبْلُوَنَّكُمُ ٱللَّهُ بِشَيْءٍ مِّنَ ٱلصَّيْدِ تَنَالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِمَاحُكُمْ لِيَعْلَمَ ٱللَّهُ مَن يَخَافُهُ بِٱلْغَيْبِ فَمَنِ ٱعْتَدَىٰ بَعْدَ ذٰلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ } * { يَـٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْتُلُواْ ٱلصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَن قَتَلَهُ مِنكُم مُّتَعَمِّداً فَجَزَآءٌ مِّثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ ٱلنَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنْكُمْ هَدْياً بَالِغَ ٱلْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعَامُ مَسَاكِينَ أَو عَدْلُ ذٰلِكَ صِيَاماً لِّيَذُوقَ وَبَالَ أَمْرِهِ عَفَا ٱللَّهُ عَمَّا سَلَف وَمَنْ عَادَ فَيَنْتَقِمُ ٱللَّهُ مِنْهُ وَٱللَّهُ عَزِيزٌ ذُو ٱنْتِقَامٍ } * { أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ ٱلْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعاً لَّكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ ٱلْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُماً وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ ٱلَّذِيۤ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ } * { جَعَلَ ٱللَّهُ ٱلْكَعْبَةَ ٱلْبَيْتَ ٱلْحَرَامَ قِيَٰماً لِّلنَّاسِ وَٱلشَّهْرَ ٱلْحَرَامَ وَٱلْهَدْيَ وَٱلْقَلاَئِدَ ذٰلِكَ لِتَعْلَمُوۤاْ أَنَّ ٱللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ وَأَنَّ ٱللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ } * { ٱعْلَمُوۤاْ أَنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلْعِقَابِ وَأَنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } * { مَّا عَلَى ٱلرَّسُولِ إِلاَّ ٱلْبَلاَغُ وَٱللَّهُ يَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا تَكْتُمُونَ }

بيان الآيات في بيان حكم صيد البر والبحر في حال الإِحرام. قوله تعالى { يا أيُّها الذين آمنوا ليبلونكم الله بشيء من الصيد تناله أيديكم ورماحكم } البلاء هو الامتحان والاختبار، ولام القسم والنون المشددة للتأكيد، وقوله بشيء من الصيد يفيد التحقير ليكون تلقينه للمخاطبين عوناً لهم على انتهائهم إلى ما سيواجههم من النهي في الآية الآتية، وقوله { تناله أيديكم ورماحكم } تعميم للصيد من حيث سهولة الاصطياد كما في فراخ الطير وصغار الوحش والبيض تنالها الأيدي فتصطاد بسهولة، ومن حيث صعوبة الاصطياد ككبار الوحش لا تصطاد عادة إلاَّ بالسلاح. وظاهر الآية أنها مسوقة كالتوطئة لما ينزل من الحكم المشدد في الآية التالية، ولذلك عقب الكلام بقوله { ليعلم الله من يخافه بالغيب } فإن فيه إشعاراً بأن هناك حكماً من قبيل المنع والتحريم ثم عقبه بقوله { فمن اعتدى بعد ذلك فله عذاب أليم }. قوله تعالى { ليعلم الله من يخافه بالغيب } لا يبعد أن يكون قوله ليبلونكم الله ليعلم كذا كناية عن أنه سيقدر كذا ليتميز منكم من يخاف الله بالغيب عمّن لا يخافه لأن الله سبحانه لا يجوز عليه الجهل حتى يرفعه بالعلم، وقد تقدم البحث المستوفى عن معنى الامتحان في تفسير قوله تعالىأم حسبتم أن تدخلوا الجنة } البقرة 214 الآية، في الجزء الرابع من هذا الكتاب، وتقدم أيضاً معنى آخر لهذا العلم. وأما قوله { من يخافه بالغيب } فالظرف متعلق بالخوف، ومعنى الخوف بالغيب أن يخاف الإِنسان ربه ويحترز ما ينذره به من عذاب الآخرة وأليم عقابه، وكل ذلك في غيب من الإِنسان لا يشاهد شيئاً منه بظاهر مشاعره، قال تعالىإنما تنذر من اتبع الذكر وخشي الرًّحمن بالغيب } يس 11، وقالوأُزلفت الجنة للمتقين غير بعيد * هذا ما توعدون لكل أوّاب حفيظ * من خشي الرَّحمن بالغيب وجاء بقلب منيب } ق 31ـ33، وقالالذين يخشون ربهم بالغيب وهم من الساعة مشفقون } الأنبياء 49. وقوله { فمن اعتدى بعد ذلك } أي تجاوز الحد الذي يحده الله بعد البلاء المذكور فله عذاب أليم. قوله تعالى { يا أيُّها الذين آمنوا لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم } الخ، الحرم بضمتين جمع الحرام صفة مشبهة، قال في المجمع ورجل حرام ومحرم بمعنى، وحلال ومحل كذلك، وأحرم الرجل دخل في الشهر الحرام، وأحرم أيضاً دخل في الحرم، وأحرم أهلّ بالحج، والحرم الإِحرام، ومنه الحديث كنت أُطِيب النبي لحرمه، وأصل الباب المنع، وسميت النساء حرماً لأنها تمنع، والمحروم الممنوع الرزق. قال والمثل والمثل والشِبه والشبه واحد، قال والنعم في اللغة الإِبل والبقر والغنم، وإن انفردت الإِبل قيل لها نعم، وإن انفردت البقر والغنم لم تسم نعماً ذكره الزجاج.

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7 8