الرئيسية - التفاسير


* تفسير الميزان في تفسير القرآن/ الطبطبائي (ت 1401 هـ) مصنف و مدقق


{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ عَسَىٰ أَن يَكُونُواْ خَيْراً مِّنْهُمْ وَلاَ نِسَآءٌ مِّن نِّسَآءٍ عَسَىٰ أَن يَكُنَّ خَيْراً مِّنْهُنَّ وَلاَ تَلْمِزُوۤاْ أَنفُسَكُمْ وَلاَ تَنَابَزُواْ بِٱلأَلْقَابِ بِئْسَ ٱلاسْمُ ٱلْفُسُوقُ بَعْدَ ٱلإَيمَانِ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلظَّالِمُونَ } * { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱجْتَنِبُواْ كَثِيراً مِّنَ ٱلظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ ٱلظَّنِّ إِثْمٌ وَلاَ تَجَسَّسُواْ وَلاَ يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ إِنَّ ٱللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ } * { يٰأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنْثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَآئِلَ لِتَعَارَفُوۤاْ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عَندَ ٱللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ } * { قَالَتِ ٱلأَعْرَابُ آمَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُواْ وَلَـٰكِن قُولُوۤاْ أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ ٱلإِيمَانُ فِي قُلُوبِكُمْ وَإِن تُطِيعُواْ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ لاَ يَلِتْكُمْ مِّنْ أَعْمَالِكُمْ شَيْئاً إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } * { إِنَّمَا ٱلْمُؤْمِنُونَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُواْ وَجَاهَدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ أُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلصَّادِقُونَ } * { قُلْ أَتُعَلِّمُونَ ٱللَّهَ بِدِينِكُمْ وَٱللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي ٱلسَّمَاوَاتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ وَٱللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ } * { يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُواْ قُل لاَّ تَمُنُّواْ عَلَيَّ إِسْلاَمَكُمْ بَلِ ٱللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَداكُمْ لِلإِيمَانِ إِن كُنْتُمْ صَادِقِينَ } * { إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ غَيْبَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَٱللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ }

بيان قوله تعالى { يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسى أن يكونوا خيراً منهم ولا نساء من نساء عسى أن يكنَّ خيراً منهن } الخ، السخرية الاستهزاء وهو ذكر ما يستحقر ويستهان به الإِنسان بقول أو إشارة أو فعل تقليداً بحيث يضحك منه بالطبع، والقوم الجماعة وهو في الأصل الرجال دون النساء لقيامهم بالأمور المهمة دونهن، وهذا المعنى هو المراد بالقوم في الآية بما قوبل بالنساء. وقوله { عسى أن يكونوا خيراً منهم } و { عسى أن يكنَّ خيراً منهن } حكمة النهي. والمستفاد من السياق أن الملاك رجاء كون المسخور منه خيراً عند الله من الساخر سواء كان الساخر رجلاً أو امراة وكذا المسخور منه فتخصيص النهي في اللفظ بسخرية القوم من القوم وسخرية النساء من النساء لمكان الغلبة عادة. وقوله { ولا تلمزوا أنفسكم } اللمز - على ما قيل - التنبيه على المعايب، وتعليق اللمز بقوله { أنفسكم } للاشارة إلى أنهم مجتمع واحد بعضهم من بعض فلمز الواحد منهم غيره في الحقيقة لمز نفسه فليجتنب من أن يلمز غيره كما يكره أن يلمزه غيره، ففي قوله { أنفسكم } إشارة إلى حكمة النهي. وقوله { ولا تنابزوا بالألقاب بئس الاسم الفسوق بعد الإِيمان } النبز بالتحريك هو اللقب، ويختص - على ما قيل - بما يدلُّ على ذم فالتنابز بالألقاب ذكر بعضهم بعضاً بلقب السوء مما يكرهه كالفاسق والسفيه ونحو ذلك. والمراد بالاسم في { بئس الاسم الفسوق } الذكر كما يقال شاع اسم فلان بالسخاء والجود، وعلى هذا فالمعنى بئس الذكر ذكر الناس - بعد إيمانهم - بالفسوق فإن الحري بالمؤمن بما هو مؤمن أن يذكر بالخير ولا يطعن فيه بما يسوؤه نحو يا من أبوه كان كذا ويا من أُمه كانت كذا. ويمكن أن يكون المراد بالاسم السمة والعلامة والمعنى بئست السمة أن يوسم الإِنسان بعد الإِيمان بالفسوق بأن يذكر بسمة السوء كأن يقال لمن اقترف معصية ثم تاب يا صاحب المعصية الفلانية، أو المعنى بئس الاسم أن يسم الإِنسان نفسه بالفسوق بذكر الناس بما يسوؤهم من الألقاب، وعلى أي معنى كان ففي الجملة إشارة إلى حكمة النهي. وقوله { ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون } أي ومن لم يتب عن هذه المعاصي التي يقترفها بعد ورود النهي فلم يندم عليها ولم يرجع إلى الله سبحانه بتركها فاولئك ظالمون حقاً فإنهم لا يرون بها بأساً وقد عدها الله معاصي ونهى عنها. وفي الجملة أعني قوله { ومن لم يتب } الخ، إشعار بأن هناك من كان يقترف هذه المعاصي من المؤمنين. قوله تعالى { يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيراً من الظن إن بعض الظن إثم } إلى آخر الآية المراد بالظن المأمور بالاجتناب عنه ظن السوء فإن ظن الخير مندوب إليه كما يستفاد من قوله تعالى

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7 8 9 10  مزيد