الرئيسية - التفاسير


* تفسير الميزان في تفسير القرآن/ الطبطبائي (ت 1401 هـ) مصنف و مدقق


{ مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ ٱللَّهِ وَٱلَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّآءُ عَلَى ٱلْكُفَّارِ رُحَمَآءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ ٱللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِّنْ أَثَرِ ٱلسُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي ٱلتَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي ٱلإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَٱسْتَغْلَظَ فَٱسْتَوَىٰ عَلَىٰ سُوقِهِ يُعْجِبُ ٱلزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ ٱلْكُفَّارَ وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً }

بيان الآية خاتمة السورة تصف النبي صلى الله عليه وآله وسلم وتصف الذين معه بما وصفهم به في التوراة والإِنجيل وتعد الذين آمنوا منهم وعملوا الصالحات وعداً جميلاً، وللآية اتصال بما قبلها حيث أخبر فيه أنه أرسل رسوله بالهدى ودين الحق. قوله تعالى { محمد رسول الله } إلى آخر الآية، الظاهر أنه مبتدأ وخبر فهو كلام تام، وقيل { محمد } خبر مبتدأ محذوف وهو ضمير عائد إلى الرسول في الآية السابقة والتقدير هو محمد، و { رسول الله } عطف بيان أو صفة أو بدل و { الذين معه } معطوف على المبتدأ و { أشداء على الكفار } الخ، خبر المبتدأ. وقوله { والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم } مبتدأ خبر، فالكلام مسوق لتوصيف الذين معه والشدة والرحمة المذكورتان من نعوتهم. وتعقيب قوله { أشداء على الكفار } بقوله { رحماء بينهم } لدفع ما يمكن أن يتوهم أن كونهم أشداء على الكفار يستوجب بعض الشدة فيما بينهم فدفع ذلك بقوله { رحماء بينهم } وأفادت الجملتان أن سيرتهم مع الكفار الشدة ومع المؤمنين فيما بينهم الرحمة. وقوله { تراهم ركَّعاً سجَّداً } الركَّع والسَّجد جمعا راكع وساجد، والمراد بكونهم ركعاً سجداً إقامتهم للصلاة، و { تراهم } يفيد الاستمرار، والمحصل أنهم مستمرون على الصلاة، والجملة خبر بعد خبر للذين معه. وقوله { يبتغون فضلاً من الله ورضواناً } الابتغاء الطلب، والفضل العطية وهو الثواب، والرضوان أبلغ من الرضا. والجملة إن كانت مسوقة لبيان غايتهم من الركوع والسجود كان الأنسب أن تكون حالاً من ضمير المفعول في { تراهم } وإن كانت مسوقة لبيان غايتهم من الحياة مطلقاً كما هو الظاهر كانت خبراً بعد خبر للذين معه. وقوله { سيماهم في وجوههم من أثر السجود } السيما العلامة و { سيماهم في وجوههم } مبتدأ وخبر و { من أثر السجود } حال من الضمير المستكنّ في الخبر أو بيان للسيما أي إن سجودهم لله تذللاً وتخشعاً أثّر في وجوههم أثراً وهو سيما الخشوع لله يعرفهم به من رآهم، ويقرب من هذا المعنى ما عن الصادق عليه السلام أنه السهر في الصلاة. وقيل المراد أثر التراب في جباههم لأنهم كانوا إنما يسجدون على التراب لا على الأثواب. وقيل المراد سيماهم يوم القيامة فيكون موضع سجودهم يومئذٍ مشرقاً مستنيراً. وقوله { ذلك مثلهم في التوراة ومثلهم في الإِنجيل } المثل هو الصفة أي الذي وصفناهم به من أنهم أشداء على الكفار رحماء بينهم { الخ } وصفهم الذي وصفناهم به في الكتابين التوراة والإِنجيل. فقوله { ومثلهم في الإِنجيل } معطوف على قوله { مثلهم في التوراة } وقيل إن قوله { ومثلهم في الإِنجيل } الخ، استئناف منقطع عما قبله، وهو مبتدأ خبره قوله { كزرع أخرج شطأه } الخ، فيكون وصفهم في التوراة هو أنهم أشداء على الكفار - إلى قوله - { من أثر السجود } ، ووصفهم في الإِنجيل هو أنهم كزرع أخرج شطأه الخ.

السابقالتالي
2 3