الرئيسية - التفاسير


* تفسير الميزان في تفسير القرآن/ الطبطبائي (ت 1401 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّ هَـٰؤُلاَءِ لَيَقُولُونَ } * { إِنْ هِيَ إِلاَّ مَوْتَتُنَا ٱلأُوْلَىٰ وَمَا نَحْنُ بِمُنشَرِينَ } * { فَأْتُواْ بِآبَآئِنَا إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } * { أَهُمْ خَيْرٌ أَمْ قَوْمُ تُبَّعٍ وَٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ أَهْلَكْنَاهُمْ إِنَّهُمْ كَانُواْ مُجْرِمِينَ } * { وَمَا خَلَقْنَا ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَـٰعِبِينَ } * { مَا خَلَقْنَاهُمَآ إِلاَّ بِٱلْحَقِّ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ } * { إِنَّ يَوْمَ ٱلْفَصْلِ مِيقَاتُهُمْ أَجْمَعِينَ } * { يَوْمَ لاَ يُغْنِي مَوْلًى عَن مَّوْلًى شَيْئاً وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ } * { إِلاَّ مَن رَّحِمَ ٱللَّهُ إِنَّهُ هُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلرَّحِيمُ } * { إِنَّ شَجَرَتَ ٱلزَّقُّومِ } * { طَعَامُ ٱلأَثِيمِ } * { كَٱلْمُهْلِ يَغْلِي فِي ٱلْبُطُونِ } * { كَغَلْيِ ٱلْحَمِيمِ } * { خُذُوهُ فَٱعْتِلُوهُ إِلَىٰ سَوَآءِ ٱلْجَحِيمِ } * { ثُمَّ صُبُّواْ فَوْقَ رَأْسِهِ مِنْ عَذَابِ ٱلْحَمِيمِ } * { ذُقْ إِنَّكَ أَنتَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْكَرِيمُ } * { إِنَّ هَـٰذَا مَا كُنتُمْ بِهِ تَمْتَرُونَ } * { إِنَّ ٱلْمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٍ } * { فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ } * { يَلْبَسُونَ مِن سُندُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُّتَقَابِلِينَ } * { كَذَلِكَ وَزَوَّجْنَاهُم بِحُورٍ عِينٍ } * { يَدْعُونَ فِيهَا بِكلِّ فَاكِهَةٍ آمِنِينَ } * { لاَ يَذُوقُونَ فِيهَا ٱلْمَوْتَ إِلاَّ ٱلْمَوْتَةَ ٱلأُولَىٰ وَوَقَاهُمْ عَذَابَ ٱلْجَحِيمِ } * { فَضْلاً مِّن رَّبِّكَ ذَلِكَ هُوَ ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ } * { فَإِنَّمَا يَسَّرْنَاهُ بِلِسَانِكَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ } * { فَٱرْتَقِبْ إِنَّهُمْ مُّرْتَقِبُونَ }

بيان لما أنذر القوم بالعذاب الدنيوي ثم بالعذاب الأخروي وتمثل للعذاب الدنيوي بما جرى على قوم فرعون إذ جاءهم موسى عليه السلام بالرسالة من ربه فكذبوه فأخذهم الله بعذاب الإِغراق فاستأصلهم. رجع إلى الكلام في العذاب الأخروي فذكر إنكار القوم للمعاد وقولهم أن ليس بعد الموتة الأولى حياة فاحتج على إثبات المعاد بالبرهان ثم أنبأ عن بعض ما سيلقاه المجرمون من العذاب في الآخرة وبعض ما سيلقاه المتقون من النعيم المقيم وعند ذلك تختتم السورة بما بدأت به وهو نزول الكتاب للتذكر وأمره صلى الله عليه وآله وسلم بالارتقاب. قوله تعالى { إن هؤلاء ليقولون إن هي إلا موتتنا الأولى وما نحن بمنشرين } رجوع إلى أول الكلام من قوله { بل هم في شك يلعبون } والإِشارة بهؤلاء إلى قريش ومن يلحق بهم من العرب الوثنيين المنكرين للمعاد، وقولهم { إن هي إلا موتتنا الأولى } يريدون به نفي الحياة بعد الموت الملازم لنفي المعاد بدليل قولهم بعده { وما نحن بمنشرين } أي بمبعوثين، قال في الكشاف يقال أنشر الله الموتى ونشرهم إذا بعثهم. انتهى. فقولهم { إن هي إلا موتتنا الأولى } الضمير فيه للعاقبة والنهاية أي ليست عاقبة أمرنا ونهاية وجودنا وحياتنا إلا موتتنا الأولى فنعدم بها ولا حياة بعدها أبداً. ووجه تقييد الموتة في الآية بالأولى، بأنه ليس بقيد احترازي إذ لا ملازمة بين الأول والآخر أو بين الأول والثاني فمن الجائز أن يكون هناك شيء أول ولا ثاني له ولا في قباله آخر، كذا قيل. وهناك وجه آخر ذكره الزمخشري في الكشاف فقال فإن قلت كان الكلام واقعاً في الحياة الثانية لا في الموت فهلا قيل إلا حياتنا الأولى وما نحن بمنشرين كما قيل إن هي إلا حياتنا الدنيا وما نحن بمبعوثين، وما معنى قوله { إلا موتتنا الأولى }؟ وما معنى ذكر الأولى؟ كأنهم وعدوا موتة أُخرى حتى نفوها وجحدوها وأثبتوا الأولى. قلت معناه - والله الموفق للصواب - أنهم قيل لهم إنكم تموتون موتة تتعقبها حياة كما تقدمتكم موتة قد تعقبتها حياة وذلك قوله عز وجل { وكنتم أمواتاً فأحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم } فقالوا إن هي إلا موتتنا الأولى يريدون ما الموتة التي من شأنها أن تتعقبها حياة إلا الموتة الأولى دون الموتة الثانية، وما هذه الصفة التي تصفون بها الموتة من تعقب الحياة لها إلا للموتة الأولى خاصة فلا فرق إذاً بين هذا وبين قوله { إن هي إلا حياتنا الدنيا } في المعنى انتهى. ويمكن أن يوجّه بوجه ثالث وهو أن يقولوا { إن هي إلا موتتنا الأولى } بعد ما سمعوا قوله تعالى { قالوا ربنا أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين } الآية، وقد تقدم في تفسير الآية أن الإِماتة الأولى هي الموتة بعد الحياة الدنيا، والإِماتة الثانية هي التي بعد الحياة البرزخية فهم في قولهم { إن هي إلا موتتنا الأولى } ينفون الموتة الثانية الملازمة للحياة البرزخية التي هي حياة بعد الموت فإنهم يرون موت الإِنسان انعداماً له وبطلاناً لذاته.

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7