الرئيسية - التفاسير


* تفسير الميزان في تفسير القرآن/ الطبطبائي (ت 1401 هـ) مصنف و مدقق


{ حـمۤ } * { وَٱلْكِتَابِ ٱلْمُبِينِ } * { إِنَّآ أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ } * { فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ } * { أَمْراً مِّنْ عِنْدِنَآ إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ } * { رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ إِنَّهُ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْعَلِيمُ } * { رَبِّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَآ إِن كُنتُم مُّوقِنِينَ } * { لاَ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ يُحْيِـي وَيُمِيتُ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَآئِكُمُ ٱلأَوَّلِينَ }

بيان يتلخص غرض السورة في إنذار المرتابين في الكتاب بعذاب الدنيا وعذاب الآخرة وقد سيق بيان ذلك بأنه كتاب مبين نازل من عند الله على من أرسله إلى الناس لإِنذارهم وقد نزل رحمة منه تعالى لعباده خير نزول في ليلة القدر التي فيها يفرق كل أمر حكيم. غير أن الناس وهم الكفار ارتابوا فيه لاعبين في هوساتهم وسيغشاهم أليم عذاب الدنيا ثم يرجعون إلى ربهم فينتقم منهم بعد فصل القضاء بعذاب خالد. ثم يذكر لهم تنظيراً لأول الوعيدين قصة إرسال موسى عليه السلام إلى قوم فرعون لإنجاء بنى إسرائيل وتكذيبهم له وإغراقهم نكالاً منه. ثم يذكر إنكارهم لثاني الوعيدين وهو الرجوع إلى الله في يوم الفصل فيقيم الحجة على أنه آت لا محالة ثم يذكر طرفاً من أخباره وما سيجري فيه على المجرمين ويصيبهم من ألوان عذابه، وما سيثاب به المتقون من حياة طيبة ومقام كريم. والسورة مكية بشهادة سياق آياتها. قوله تعالى { حم والكتاب المبين } الواو للقسم والمراد بالكتاب المبين القرآن. قوله تعالى { إنا أنزلناه في ليلة مباركة إنا كنا منذرين } المراد بالليلة المباركة التي نزل فيها القرآن ليلة القدر على ما يدل عليه قوله تعالىإنا أنزلناه في ليلة القدر } القدر 1، وكونها مباركة ظرفيتها للخير الكثير الذي ينبسط على الخلق من الرحمة الواسعة، وقد قال تعالىوما أدراك ما ليلة القدر ليلة القدر خير من ألف شهر } القدر 2 - 3. وظاهر اللفظ أنها إحدى الليالي التي تدور على الأرض وظاهر قوله { فيها يفرق } الدال على الاستمرار أنها تتكرَّر وظاهر قوله تعالىشهر رمضان الذي أُنزل فيه القرآن } البقرة 185 أنها تتكرر بتكرر شهر رمضان فهي تتكرر بتكرر السنين القمرية وتقع في كل سنة قمرية مرة واحدة في شهر رمضان، وأما أنها أي ليلة هي؟ فلا إشعار في كلامه تعالى بذلك، وأما الروايات فستوافيك في البحث الروائي التالي. والمراد بنزول الكتاب في ليلة مباركة على ما هو ظاهر قوله { إنا أنزلناه في ليلة مباركة } وقولهإنا أنزلناه في ليلة القدر } القدر 1، وقولهشهر رمضان الذي أُنزل فيه القرآن هدى للناس وبيّنات من الهدى والفرقان } البقرة 185، أن النازل هو القرآن كله. ولا يدفع ذلك قولهوقرآناً فرقناه لتقرأه على الناس على مكث ونزلناه تنزيلاً } الإسراء 106، وقولهوقال الذين كفروا لولا نزّل عليه القرآن جملة واحدة كذلك لنثبت به فؤادك ورتلناه ترتيلاً } الفرقان 32، الظاهرين في نزوله تدريجاً، ويؤيد ذلك آيات أُخر كقولهفإذا أنزلت سورة محكمة } محمد 20، وقولهوإذا ما أنزلت سورة نظر بعضهم إلى بعض } التوبة 127، وغير ذلك ويؤيد ذلك أيضاً ما لا يحصى من الأخبار المتضمنة لأسباب النزول. وذلك أنه يمكن أن يحمل على نزول القرآن مرتين مرة مجموعاً وجملة في ليلة واحدة من ليالي شهر رمضان، ومرة تدريجاً ونجوماً في مدة ثلاث وعشرين سنة وهي مدة دعوته صلى الله عليه وآله وسلم.

السابقالتالي
2 3 4 5