الرئيسية - التفاسير


* تفسير الميزان في تفسير القرآن/ الطبطبائي (ت 1401 هـ) مصنف و مدقق


{ بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ يَلْعَبُونَ } * { فَٱرْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي ٱلسَّمَآءُ بِدُخَانٍ مُّبِينٍ } * { يَغْشَى ٱلنَّاسَ هَـٰذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ } * { رَّبَّنَا ٱكْشِفْ عَنَّا ٱلْعَذَابَ إِنَّا مْؤْمِنُونَ } * { أَنَّىٰ لَهُمُ ٱلذِّكْرَىٰ وَقَدْ جَآءَهُمْ رَسُولٌ مُّبِينٌ } * { ثُمَّ تَوَلَّوْاْ عَنْهُ وَقَالُواْ مُعَلَّمٌ مَّجْنُونٌ } * { إِنَّا كَاشِفُواْ ٱلْعَذَابِ قَلِيلاً إِنَّكُمْ عَآئِدُونَ } * { يَوْمَ نَبْطِشُ ٱلْبَطْشَةَ ٱلْكُبْرَىٰ إِنَّا مُنتَقِمُونَ } * { وَلَقَدْ فَتَنَّا قَبْلَهُمْ قَوْمَ فِرْعَوْنَ وَجَآءَهُمْ رَسُولٌ كَرِيمٌ } * { أَنْ أَدُّوۤاْ إِلَيَّ عِبَادَ ٱللَّهِ إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ } * { وَأَن لاَّ تَعْلُواْ عَلَى ٱللَّهِ إِنِّيۤ آتِيكُمْ بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ } * { وَإِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ أَن تَرْجُمُونِ } * { وَإِن لَّمْ تُؤْمِنُواْ لِي فَٱعْتَزِلُونِ } * { فَدَعَا رَبَّهُ أَنَّ هَـٰؤُلاَءِ قَوْمٌ مُّجْرِمُونَ } * { فَأَسْرِ بِعِبَادِي لَيْلاً إِنَّكُم مُّتَّبَعُونَ } * { وَٱتْرُكِ ٱلْبَحْرَ رَهْواً إِنَّهُمْ جُندٌ مُّغْرَقُونَ } * { كَمْ تَرَكُواْ مِن جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ } * { وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ } * { وَنَعْمَةٍ كَانُواْ فِيهَا فَاكِهِينَ } * { كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْماً آخَرِينَ } * { فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ ٱلسَّمَآءُ وَٱلأَرْضُ وَمَا كَانُواْ مُنظَرِينَ } * { وَلَقَدْ نَجَّيْنَا بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ مِنَ ٱلْعَذَابِ ٱلْمُهِينِ } * { مِن فِرْعَوْنَ إِنَّهُ كَانَ عَالِياً مِّنَ ٱلْمُسْرِفِينَ } * { وَلَقَدِ ٱخْتَرْنَاهُمْ عَلَىٰ عِلْمٍ عَلَى ٱلْعَالَمِينَ } * { وَآتَيْنَاهُم مِّنَ ٱلآيَاتِ مَا فِيهِ بَلاَءٌ مُّبِينٌ }

بيان تذكر الآيات ارتيابهم في كتاب الله بعد ما ذكرت أنه كتاب مبين نازل في خير ليلة على رسوله لغرض الإِنذار رحمة من الله، ثم تهددهم بعذاب الدنيا وبطش يوم القيامة وتتمثل لهم بقصة إرسال موسى إلى قوم فرعون وتكذيبهم له وإغراقهم. ولا تخلو القصة من إيماء إلى أنه تعالى سينجي النبي صلى الله عليه وآله وسلم والمؤمنين به من عتاة قريش بإخراجهم من مكة ثم إهلاك صناديد قريش في تعقيبهم النبي والمؤمنين به. قوله تعالى { بل هم في شك يلعبون } ضمير الجمع لقوم النبي صلى الله عليه وآله وسلم والإِضراب عن محذوف يدل عليه السياق السابق أي إنهم لا يوقنون ولا يؤمنون بما ذكر من رسالة الرسول وصفة الكتاب الذي أُنزل عليه بل هم في شك وارتياب فيه يلعبون بالاشتغال بدنياهم، وذكر الزمخشري أن الإِضراب عن قوله { إن كنتم موقنين }. قوله تعالى { فارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين يغشى الناس } الارتقاب الانتظار وهذا وعيد بالعذاب وهو إتيان السماء بدخان مبين يغشى الناس. واختلف في المراد بهذا العذاب المذكور في الآية. فقيل المراد به المجاعة التي ابتلي بها أهل مكة فإنهم لما أصروا على كفرهم وأذاهم للنبي صلى الله عليه وآله وسلم والمؤمنين به دعا عليهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال اللهم سنين كسني يوسف فأجدبت الأرض وأصابت قريشاً مجاعة شديدة، وكان الرجل لما به من الجوع يرى بينه وبين السماء كالدخان وأكلوا الميتة والعظام ثم جاءوا إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم وقالوا يا محمد جئت تأمر بصلة الرحم وقومك قد هلكوا، ووعدوه إن كشف الله عنهم الجدب أن يؤمنوا، فدعا وسأل الله لهم بالخصب والسعة فكشف عنهم ثم عادوا إلى كفرهم ونقضوا عهدهم. وقيل إن الدخان المذكور في الآية من أشراط الساعة وهو لم يأت بعد وهو يأتي قبل قيام الساعة فيدخل أسماع الناس حتى أن رؤوسهم تكون كالرأس الحنيذ. ويصيب المؤمن منه مثل الزكمة وتكون الأرض كلها كبيت أُوقد فيه ليس فيه خصاص ويمكث ذلك أربعين يوماً. وربما قيل إن المراد بيوم الدخان يوم فتح مكة حين دخل جيش المسلمين مكة فارتفع الغبار كالدخان المظلم، وربما قيل المراد به يوم القيامة، والقولان كما ترى. وقوله { يغشى الناس } أي يشملهم ويحيط بهم، والمراد بالناس أهل مكة على القول الأول، وعامة الناس على القول الثاني. قوله تعالى { هذا عذاب أليم ربنا اكشف عنا العذاب إنا مؤمنون } حكاية قول الناس عند نزول عذاب الدخان أي يقول الناس يوم تأتي السماء بدخان مبين هذا عذاب أليم ويسألون الله كشفه بالاعتراف بربوبيته وإظهار الإِيمان بالدعوة الحقة فيقولون ربنا اكشف عنا العذاب إنا مؤمنون.

السابقالتالي
2 3 4 5