الرئيسية - التفاسير


* تفسير الميزان في تفسير القرآن/ الطبطبائي (ت 1401 هـ) مصنف و مدقق


{ أَمْ أَبْرَمُوۤاْ أَمْراً فَإِنَّا مُبْرِمُونَ } * { أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لاَ نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُم بَلَىٰ وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ } * { قُلْ إِن كَانَ لِلرَّحْمَـٰنِ وَلَدٌ فَأَنَاْ أَوَّلُ ٱلْعَابِدِينَ } * { سُبْحَانَ رَبِّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ رَبِّ ٱلْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ } * { فَذَرْهُمْ يَخُوضُواْ وَيَلْعَبُواْ حَتَّىٰ يُلَـٰقُواْ يَوْمَهُمُ ٱلَّذِي يُوعَدُونَ } * { وَهُوَ ٱلَّذِي فِي ٱلسَّمآءِ إِلَـٰهٌ وَفِي ٱلأَرْضِ إِلَـٰهٌ وَهُوَ ٱلْحَكِيمُ ٱلْعَلِيمُ } * { وَتَبَارَكَ ٱلَّذِي لَهُ مُلْكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَعِندَهُ عِلْمُ ٱلسَّاعَةِ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ } * { وَلاَ يَمْلِكُ ٱلَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِهِ ٱلشَّفَاعَةَ إِلاَّ مَن شَهِدَ بِٱلْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ } * { وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ ٱللَّهُ فَأَنَّىٰ يُؤْفَكُونَ } * { وَقِيلِهِ يٰرَبِّ إِنَّ هَـٰؤُلاَءِ قَوْمٌ لاَّ يُؤْمِنُونَ } * { فَٱصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلاَمٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ }

بيان رجوع إلى سابق الكلام وفيه توبيخهم على ما يريدون من الكيد برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وتهديدهم بأن الله يكيدهم، ونفي الولد الذي يقولون به، وإبطال القول بمطلق الشريك وإِثبات الربوبية المطلقة لله وحده، وتختتم السورة بالتهديد والوعيد. قوله تعالى { أم أبرموا أمراً فإنا مبرمون } الابرام خلاف النقض وهو الإِحكام، وأم منقطعة. والمعنى على ما يفيده سياق الآية التالية بل أحكموا أمراً من الكيد بك يا محمد فإنا محكمون الكيد بهم فالآية في معنى قوله تعالىأم يريدون كيداً فالذين كفروا هم المكيدون } الطور 42. قوله تعالى { أم يحسبون أنا لا نسمع سرّهم ونجواهم بلى ورسلنا لديهم يكتبون } السر ما يستسرونه في قلوبهم والنجوى ما يناجيه بعضهم بعضاً بحيث لا يسمعه غيرهما، ولما كان السر حديث النفس عبر عن العلم بالسر والنجوى بالسمع. وقوله { بلى ورسلنا لديهم يكتبون } أي بلى نحن نسمع سرهم ونجواهم ورسلنا الموكلون على حفظ أعمالهم عليهم يكتبون ذلك. قوله تعالى { قل إن كان للرحمن ولد فأنا أول العابدين } إبطال لألوهية الولد بإبطال أصل وجوده من جهة علمه بأنه ليس، والتعبير بإن الشرطية دون لو الدالة على الامتناع - وكان مقتضى المقام أن يقال لو كان للرحمن ولد، لاستنزالهم عن رتبة المكابرة إلى مرحلة الانتصاف. والمعنى قل لهم إن كان للرحمن ولد كما يقولون، فأنا أول من يعبده أداء لحق بنوَّته ومسانخته لوالده، لكني أعلم أنه ليس ولذلك لا أعبده لا لبغض ونحوه. وقد أوردوا للآية معاني أُخرى منها أن المعنى لو كان لله ولد كما تزعمون فأنا أعبد الله وحده ولا أعبد الولد الذي تزعمون. ومنها أن { إن } نافية والمعنى قل ما كان لله ولد فأنا أول العابدين الموحدين له من بينكم. ومنها أن { العابدين } من عبد بمعنى أنف والمعنى قل لو كان للرحمن ولد فأنا أول من أنف واستنكف عن عبادته لأن الذي يلد لا يكون إلا جسماً والجسمية تنافي الألوهية. ومنها أن المعنى كما أني لست أول من عبد الله كذلك ليس لله ولد أي لو جاز لكم أن تدعوا ذاك المحال جاز لي أن أدعي هذا المحال. إلى غير ذلك مما قيل لكن الظاهر من الآية ما قدمناه. قوله تعالى { سبحان رب السماوات والأرض رب العرش عما يصفون } تسبيح له سبحانه عما ينسبون إليه، والظاهر أن { رب العرش } عطف بيان لرب السماوات والأرض لأن المراد بالسماوات والأرض مجموع العالم المشهود وهو عرش ملكه تعالى الذي استوى عليه وحكم فيه ودبر أمره. ولا يخلو من إشارة إلى حجة على الوحدانية إذ لما كان الخلق مختصاً به تعالى حتى باعتراف الخصم وهو من شؤون عرش ملكه، والتدبير من الخلق والايجاد فإنه إيجاد النظام الجاري بين المخلوقات فالتدبير أيضاً من شؤون عرشه فربوبيته للعرش ربوبية لجميع السماوات والأرض.

السابقالتالي
2 3