الرئيسية - التفاسير


* تفسير الميزان في تفسير القرآن/ الطبطبائي (ت 1401 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَىٰ بِآيَـٰتِنَآ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ وَمَلإِيْهِ فَقَالَ إِنِّي رَسُولُ رَبِّ ٱلْعَـٰلَمِينَ } * { فَلَمَّا جَآءَهُم بِآيَاتِنَآ إِذَا هُم مِّنْهَا يَضْحَكُونَ } * { وَمَا نُرِيِهِم مِّنْ آيَةٍ إِلاَّ هِيَ أَكْبَرُ مِنْ أُخْتِهَا وَأَخَذْنَاهُم بِٱلْعَذَابِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ } * { وَقَالُواْ يَٰأَيُّهَ ٱلسَّاحِرُ ٱدْعُ لَنَا رَبَّكَ بِمَا عَهِدَ عِندَكَ إِنَّنَا لَمُهْتَدُونَ } * { فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُمُ ٱلْعَذَابَ إِذَا هُمْ يَنكُثُونَ } * { وَنَادَىٰ فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يٰقَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَـٰذِهِ ٱلأَنْهَارُ تَجْرِي مِن تَحْتِيۤ أَفَلاَ تُبْصِرُونَ } * { أَمْ أَنَآ خَيْرٌ مِّنْ هَـٰذَا ٱلَّذِي هُوَ مَهِينٌ وَلاَ يَكَادُ يُبِينُ } * { فَلَوْلاَ أُلْقِيَ عَلَيْهِ أَسْوِرَةٌ مِّن ذَهَبٍ أَوْ جَآءَ مَعَهُ ٱلْمَلاَئِكَةُ مُقْتَرِنِينَ } * { فَٱسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُواْ قَوْماً فَاسِقِينَ } * { فَلَمَّآ آسَفُونَا ٱنتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَاهُمْ أَجْمَعِينَ } * { فَجَعَلْنَاهُمْ سَلَفاً وَمَثَلاً لِّلآخِرِينَ }

بيان لما ذكر طغيانهم بعد تمتيعهم بنعمه ورميهم الحق الذي جاءهم به رسول مبين بأنه سحر وأنهم قالوا { لولا نزِّل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم } فرجّحوا الرجل على النبي صلى الله عليه وآله وسلم بكثرة ماله مثّل لهم بقصة موسى عليه السلام وفرعون وقومه حيث أرسله الله إليهم بآياته الباهرة فضحكوا منها واستهزءوا بها، واحتجَّ فرعون فيما خاطب به قومه على أنه خير من موسى بملك مصر وأنهار تجري من تحته فاستخفَّهم فأطاعوه فآل أمر استكبارهم أن انتقم الله منهم فأغرقهم. قوله تعالى { ولقد أرسلنا موسى بآياتنا إلى فرعون وملأه فقال إني رسول رب العالمين } اللام في { لقد } للقسم، والباء في قوله { بآياتنا } للمصاحبة، والباقي ظاهر. قوله تعالى { فلما جاءهم بآياتنا إذا هم منها يضحكون } المراد بمجيئهم بالآيات إظهار المعجزات للدلالة على الرسالة، والمراد بالضحك ضحك الاستهزاء استخفافاً بالآيات. قوله تعالى { وما نريهم من آية إلا هي أكبر من أُختها } الخ، الأخت المثل، وقوله { هي أكبر من أُختها } كناية عن كون كل واحدة منها بالغة في الدلالة على حقية الرسالة، وجملة { وما نريهم من آية } الخ، حال من ضمير " منها " ، والمعنى فلما أتاهم بالمعجزات إذا هم منها يضحكون والحال أن كلاً منها تامة كاملة في إعجازها ودلالتها من غير نقص ولا قصور. وقوله { وأخذناهم بالعذاب لعلهم يرجعون } أي رجاء أن يرجعوا عن استكبارهم إلى قبول رسالته، والمراد بالعذاب الذي أُخذوا به آيات الرجز التي نزلت عليهم من السنين ونقص من الثمرات والطوفان والجراد والقمّل والضفادع والدم آيات مفصلات كما في سورة الأعراف. قوله تعالى { وقالوا يا أيها الساحر ادعُ لنا ربك بما عهد عندك إننا لمهتدون } ما في { بما عهد عندك } مصدرية أي بعهده عندك والمراد به عهده أن يكشف عنهم العذاب لو آمنوا كما قيل أو أن يستجيب دعاءه إذا دعا كما احتمله بعضهم. وقولهم يا أيها الساحر خطاب استهزاء استكباراً منهم كما قالوا ادع ربك ولم يقولوا ادع ربنا أو ادع الله استكباراً، والمراد أنهم طلبوا منه الدعاء لكشف العذاب عنهم ووعدوه الاهتداء. وقيل معنى الساحر في عرفهم العالم وكان الساحر عندهم عظيماً يعظمونه ولم يكن صفة ذم. وليس بذاك بل كانوا ساخرين على استكبارهم كما يشهد به قولهم ادع لنا ربك. قوله تعالى { فلما كشفنا عنهم العذاب إذا هم ينكثون } النكث نقض العهد وخلف الوعد، ووعدهم هو قولهم { إننا لمهتدون }. قوله تعالى { ونادى فرعون في قومه قال يا قوم أليس لي ملك مصر وهذه الأنهار تجري من تحتي أفلا تبصرون } أي ناداهم وهو بينهم، وفصل { قال } لكونه في موضع جواب السؤال كأنه قيل فماذا قال؟ فقيل قال كذا.

السابقالتالي
2 3