الرئيسية - التفاسير


* تفسير الميزان في تفسير القرآن/ الطبطبائي (ت 1401 هـ) مصنف و مدقق


{ أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ أُوتُواْ نَصِيباً مِّنَ ٱلْكِتَٰبِ يَشْتَرُونَ ٱلضَّلَٰلَةَ وَيُرِيدُونَ أَن تَضِلُّواْ ٱلسَّبِيلَ } * { وَٱللَّهُ أَعْلَمُ بِأَعْدَائِكُمْ وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ وَلِيّاً وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ نَصِيراً } * { مِّنَ ٱلَّذِينَ هَادُواْ يُحَرِّفُونَ ٱلْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَٱسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَٰعِنَا لَيّاً بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْناً فِي ٱلدِّينِ وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَٱسْمَعْ وَٱنْظُرْنَا لَكَانَ خَيْراً لَّهُمْ وَأَقْوَمَ وَلَكِن لَّعَنَهُمُ ٱللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُونَ إِلاَّ قَلِيلاً } * { يَا أَيُّهَآ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَٰبَ ءَامِنُواْ بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقاً لِّمَا مَعَكُمْ مِّن قَبْلِ أَن نَّطْمِسَ وُجُوهاً فَنَرُدَّهَا عَلَىٰ أَدْبَارِهَآ أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَمَا لَعَنَّآ أَصْحَٰبَ ٱلسَّبْتِ وَكَانَ أَمْرُ ٱللَّهِ مَفْعُولاً } * { إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَآءُ وَمَن يُشْرِكْ بِٱللَّهِ فَقَدِ ٱفْتَرَىٰ إِثْماً عَظِيماً } * { أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ بَلِ ٱللَّهُ يُزَكِّي مَن يَشَآءُ وَلاَ يُظْلَمُونَ فَتِيلاً } * { ٱنظُرْ كَيفَ يَفْتَرُونَ عَلَى ٱللَّهِ ٱلكَذِبَ وَكَفَىٰ بِهِ إِثْماً مُّبِيناً } * { أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ أُوتُواْ نَصِيباً مِّنَ ٱلْكِتَٰبِ يُؤْمِنُونَ بِٱلْجِبْتِ وَٱلطَّٰغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ هَٰؤُلاءِ أَهْدَىٰ مِنَ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ سَبِيلاً } * { أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ لَعَنَهُمُ ٱللَّهُ وَمَن يَلْعَنِ ٱللَّهُ فَلَن تَجِدَ لَهُ نَصِيراً } * { أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِّنَ ٱلْمُلْكِ فَإِذاً لاَّ يُؤْتُونَ ٱلنَّاسَ نَقِيراً } * { أَمْ يَحْسُدُونَ ٱلنَّاسَ عَلَىٰ مَآ آتَٰهُمُ ٱللَّهُ مِن فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَآ آلَ إِبْرَٰهِيمَ ٱلْكِتَٰبَ وَٱلْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مُّلْكاً عَظِيماً } * { فَمِنْهُمْ مَّنْ آمَنَ بِهِ وَمِنْهُمْ مَّن صَدَّ عَنْهُ وَكَفَىٰ بِجَهَنَّمَ سَعِيراً } * { إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِآيَٰتِنَا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ نَاراً كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَٰهُمْ جُلُوداً غَيْرَهَا لِيَذُوقُواْ ٱلْعَذَابَ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ عَزِيزاً حَكِيماً } * { وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَآ أَبَداً لَّهُمْ فِيهَآ أَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَنُدْخِلُهُمْ ظِـلاًّ ظَلِيلاً } * { إِنَّ ٱللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ ٱلأَمَانَاتِ إِلَىۤ أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ ٱلنَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِٱلْعَدْلِ إِنَّ ٱللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ سَمِيعاً بَصِيراً }

بيان آيات متعرضة لحال أهل الكتاب وتفصيل لمظالمهم وخياناتهم في دين الله وأوضح ما تنطبق على اليهود وهي ذات سياق واحد متصل والآية الأخيرة { إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها } الآية وإن ذكر بعضهم أنها مكية واستثناها في آيتين من سورة النساء المدنية وهي هذه الآية وقوله تعالىيستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة } النساء 176 الآية، على ما في المجمع لكن الآية ظاهرة الارتباط بما قبلها من الآيات وكذا آية الاستفتاء فإنها في الإِرث وقد شرِّع في المدينة. قوله تعالى { ألم تر إلى الذين أوتوا نصيباً من الكتاب } الآية، قد تقدَّم في الكلام على الآيات 36 - 42 أنها مرتبطة بعض الارتباط بهذه الآيات وقد سمعت القول في نزول تلك الآيات في حق اليهود. وبالجملة يلوح من هذه الآيات أن اليهود كانوا يلقون إلى المؤمنين المودة ويظهرون لهم النصح فيفتنونهم بذلك ويأمرونهم بالبخل والإِمساك عن الإِنفاق ليمنعوا بذلك سعيهم عن النجاح وجدهم في التقدم والتعالي وهذا لازم كون تلك الآيات نازلة في حق اليهود أو في حق من كان يسار اليهود ويصادقهم ثم تنحرف عن الحق بتحريفهم ويميل إلى حيث يميلونه فيبخل ثم يأمر بالبخل. وهذا هو الذي يستفاد من قوله { ويريدون أن تضلوا السَّبيل والله أعلم بأعدائكم } إلى آخر الآية. فمعنى الآيتين - والله أعلم - أن ما نبينه لكم تصديق ما بيّناه لكم من حال الممسك عن الإِنفاق في سبيل الله بالاختيال والفخر والبخل والرئاء أنك ترى اليهود الذين أوتوا نصيباً من الكتاب - أي حظاً منه لا جميعه - كما يدعون لأنفسهم يشترون الضلالة ويختارونه على الهدى ويريدون أن تضلوا السبيل فإنهم وإن لقوكم ببشر الوجه وظهروا لكم في زي الصلاح واتصلوا بكم اتصال الأولياء الناصرين فذكروا لكم ما ربما استحسنته طباعكم واستصوبته قلوبكم لكنهم ما يريدون إلاَّ ضلالكم عن السبيل كما اختاروا لأنفسهم الضلالة والله أعلم منكم بأعدائكم وهم أعداؤكم فلا يغرنكم ظاهر ما تشاهدون من حالهم فإياكم أن تطيعوا أمرهم أو تصغوا إلى أقوالهم المزوقة وإلقاءاتهم المزخرفة وأنتم تقدرون أنهم أولياءكم وأنصاركم فأنتم لا تحتاجون إلى ولايتهم الكاذبة ونصرتهم المرجوة وكفى بالله ولياً وكفى بالله نصيراً فأي حاجة مع ولايته ونصرته إلى ولايتهم ونصرتهم. قوله تعالى { من الذين هادوا يحرفون الكلم عن مواضعه } إلى قوله { في الدين } " من " في قوله { من الذين } بيانية وهو بيان لقوله في الآية السابقة { الذين أوتوا نصيباً من الكتاب } أو لقوله { بأعدائكم } وربما قيل إن قوله { من الذين هادوا } خبر لمبتدأ محذوف وهو الموصوف المحذوف لقوله { يحرفون الكلم } والتقدير من الذين هادوا قوم يحرفون أو من الذين هادوا من يحرفون قالوا وحذف الموصوف شائع كقول ذي الرمة

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7 8 9 10  مزيد