الرئيسية - التفاسير


* تفسير الميزان في تفسير القرآن/ الطبطبائي (ت 1401 هـ) مصنف و مدقق


{ وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي ٱلنِّسَآءِ قُلِ ٱللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَمَا يُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ فِي ٱلْكِتَٰبِ فِي يَتَٰمَى ٱلنِّسَآءِ ٱلَّٰتِي لاَ تُؤْتُونَهُنَّ مَا كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أَن تَنكِحُوهُنَّ وَٱلْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ ٱلْوِلْدَٰنِ وَأَن تَقُومُواْ لِلْيَتَٰمَىٰ بِٱلْقِسْطِ وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِهِ عَلِيماً } * { وَإِنِ ٱمْرَأَةٌ خَافَتْ مِن بَعْلِهَا نُشُوزاً أَوْ إِعْرَاضاً فَلاَ جُنَاْحَ عَلَيْهِمَآ أَن يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحاً وَٱلصُّلْحُ خَيْرٌ وَأُحْضِرَتِ ٱلأنْفُسُ ٱلشُّحَّ وَإِن تُحْسِنُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيراً } * { وَلَن تَسْتَطِيعُوۤاْ أَن تَعْدِلُواْ بَيْنَ ٱلنِّسَآءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ فَلاَ تَمِيلُواْ كُلَّ ٱلْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَٱلْمُعَلَّقَةِ وَإِن تُصْلِحُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ ٱللَّهَ كَانَ غَفُوراً رَّحِيماً } * { وَإِن يَتَفَرَّقَا يُغْنِ ٱللَّهُ كُلاًّ مِّن سَعَتِهِ وَكَانَ ٱللَّهُ وَاسِعاً حَكِيماً } * { وَللَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ وَلَقَدْ وَصَّيْنَا ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَإِن تَكْفُرُواْ فَإِنَّ للَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ وَكَانَ ٱللَّهُ غَنِيّاً حَمِيداً } * { وَللَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلأَرْضِ وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ وَكِيلاً } * { إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ أَيُّهَا ٱلنَّاسُ وَيَأْتِ بِآخَرِينَ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلَىٰ ذٰلِكَ قَدِيراً } * { مَّن كَانَ يُرِيدُ ثَوَابَ ٱلدُّنْيَا فَعِندَ ٱللَّهِ ثَوَابُ ٱلدُّنْيَا وَٱلآخِرَةِ وَكَانَ ٱللَّهُ سَمِيعاً بَصِيراً }

بيان الكلام معطوف إلى ما في أول السورة من الآيات النازلة في أمر النساء من آيات الازدواج والتحريم والإِرث وغير ذلك، الذي يفيده السياق أن هذه الآيات إنما نزلت بعد تلك الآيات، وأن الناس كلموا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في أمر النساء حينما نزلت آيات أول السورة فأحيت ما أماته الناس من حقوق النساء في الأموال والمعاشرات وغير ذلك. فأمره الله سبحانه أن يجيبهم ان الذي قرَّره لهنَّ على الرجال من احكام إنما هو فتيا إلهية ليس له في ذلك من الأمر شيء، ولا ذاك وحده بل ما يتلى عليهم في الكتاب في يتامى النساء أيضاً حكم إلهي ليس لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فيه شيء من الأمر، ولا ذاك وحده بل الله يأمرهم أن يقوموا في اليتامى بالقسط. ثم ذكر شيئاً من أحكام الاختلاف بين المرأة وبعلها يعم به البلوى. قوله تعالى { ويستفتونك في النساء قل الله يفتيكم فيهنَّ } قال الراغب الفُتيا والفتوى الجواب عمَّا يشكل من الأحكام، ويقال استفتيته فأفتاني بكذا انتهى. والمحصّل من موارد استعماله أنه جواب الانسان عن الأمور المشكلة بما يراه باجتهاد من نظره أو هو نفس ما يراه فيما يشكل بحسب النظر البدائي الساذج كما يفيده نسبة الفتوى إليه تعالى. والآية وإن احتملت معاني شتى مختلفة بالنظر الى ما ذكروه من مختلف الوجوه في تركيب ما يتلوها من قوله { وما يتلى عليكم في الكتاب في يتامى النساء } الخ إلا أن ضم الآية إلى الآيات الناظرة في أمر النساء في أول السورة يشهد بأن هذه الآية إنما نزلت بعد تلك. ولازم ذلك أن يكون استفتاؤهم في النساء في عامَّة ما أحدثه الاسلام وأبدعه من أحكامهنَّ مما لم يكن معهوداً معروفاً عندهم في الجاهلية، وليس إلا ما يتعلق بحقوق النساء في الارث والازدواج دون أحكام يتاماهن وغير ذلك مما يختص بطائفة منهن دون جميعهن فإن هذا المعنى إنما يتكفَّله قوله { وما يتلى عليكم في الكتاب في يتامى النساء } الخ فالاستفتاء إنما كان في ما يعم النساء بما هن نساء من أحكام الإِرث. وعلى هذا فالمراد بما أفتاه الله فيهن في قوله { قل الله يفتيكم فيهن } ما بيَّنه تعالى في آيات أول السورة، ويفيد الكلام حينئذ ارجاع أمر الفتوى إلى الله سبحانه وصرفه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، والمعنى يسألونك ان تفتيهم في امرهن قل الفتوى إلى الله وقد أفتاكم فيهن بما افتى فيما أنزل من آيات أول السورة. قوله تعالى { وما يتلى عليكم في الكتاب في يتامى النساء } إلى قوله { والمستضعفين من الولدان } تقدّم أن ظاهر السياق أن حكم يتامى النساء والمستضعفين من الولدان إنما تعرض له لاتّصاله بحكم النساء كما وقع في آيات صدر السورة لا لكونه داخلاً فيما استفتوا عنه، وأنهم إنما استفتوا في النساء فحسب.

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7 8