الرئيسية - التفاسير


* تفسير الميزان في تفسير القرآن/ الطبطبائي (ت 1401 هـ) مصنف و مدقق


{ قُلْ إِنِّيۤ أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ ٱللَّهَ مُخْلِصاً لَّهُ ٱلدِّينَ } * { وَأُمِرْتُ لأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ ٱلْمُسْلِمِينَ } * { قُلْ إِنِّيۤ أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ } * { قُلِ ٱللَّهَ أَعْبُدُ مُخْلِصاً لَّهُ دِينِي } * { فَٱعْبُدُواْ مَا شِئْتُمْ مِّن دُونِهِ قُلْ إِنَّ ٱلْخَاسِرِينَ ٱلَّذِينَ خَسِرُوۤاْ أَنفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ أَلاَ ذَلِكَ هُوَ ٱلْخُسْرَانُ ٱلْمُبِينُ } * { لَهُمْ مِّن فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِّنَ ٱلنَّارِ وَمِن تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ ذَلِكَ يُخَوِّفُ ٱللَّهُ بِهِ عِبَادَهُ يٰعِبَادِ فَٱتَّقُونِ } * { وَٱلَّذِينَ ٱجْتَنَبُواْ ٱلطَّاغُوتَ أَن يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوۤاْ إِلَى ٱللَّهِ لَهُمُ ٱلْبُشْرَىٰ فَبَشِّرْ عِبَادِ } * { ٱلَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ ٱلْقَوْلَ فَيَـتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُوْلَـٰئِكَ ٱلَّذِينَ هَدَاهُمُ ٱللَّهُ وَأُوْلَـٰئِكَ هُمْ أُوْلُواْ ٱلأَلْبَابِ } * { أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ ٱلْعَذَابِ أَفَأَنتَ تُنقِذُ مَن فِي ٱلنَّارِ } * { لَـٰكِنِ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَواْ رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِّن فَوْقِهَا غُرَفٌ مَّبْنِيَّةٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ وَعْدَ ٱللَّهِ لاَ يُخْلِفُ ٱللَّهُ ٱلْمِيعَادَ }

بيان في الآيات نوع رجوع إلى أول الكلام وأمره صلى الله عليه وآله وسلم أن يبلغهم أن الذي يدعوهم إليه من التوحيد وإخلاص الدين هو مأمور به كأحدهم ويزيد أنه مأمور أن يكون أول مسلم لما يدعو إليه أي يكون بحيث يدعو إلى ما قد أسلم له وآمن به قبل، سواء أجابوا إلى دعوته أو ردوها. فعليهم أن لا يطمعوا فيه أن يخالف فعله قوله وسيرته دعوته فإنه مجيب لربه مسلم له متصلب في دينه خائف منه أن يعصيه ثم تنذر الكافرين وتبشر المؤمنين بما أعد الله سبحانه لكل من الفريقين من عذاب أو نعمة. قوله تعالى { قل إني أُمرت أن أعبد الله مخلصاً له الدين } إلى قوله { أول المسلمين } نحو رجوع إلى قوله تعالى في مفتتح السورة { إنا أنزلنا إليك الكتاب فاعبد الله مخلصاً له الدين } بداعي أن يؤيسهم من نفسه، فلا يطمعوا فيه أن يترك دعوتهم ويوافقهم على الإِشراك بالله كما يشير إليه أول سورة ص وآيات أُخر. فكأنه يقول قل لهم إن الذي تلوت عليكم من أمره تعالى بعبادته بإخلاص الدين - وقد وجه به الخطاب إلي - ليس المراد به مجرد دعوتكم إلى ذلك بإقامتي في الخطاب مقام السامع فيكون من قبيل " إياك أعني واسمعي يا جارة " بل أنا كأحدكم مأمور بعبادته مخلصاً له الدين، ولا ذلك فحسب، بل مأمور بأن أكون أول المسلمين لما ينزل إليَّ من الوحي فأسلم له أولاً ثم أبلغه لغيري - فأنا أخاف ربي وأعبده بالإِخلاص آمنتم به أو كفرتم فلا تطمعوا في. فقوله { قل إني أمرت أن أعبد الله مخلصاً له الدين } إشارة إلى أنه صلى الله عليه وآله وسلم يشارك غيره في الأمر بدون الإِخلاص. وقوله { وأُمرت لأن أكون أول المسلمين } إشارة إلى أن في الأمر المتوجه إلى زيادة على ما توجه إليكم من التكليف وهو أني امرت بما أمرت وقد توجه الخطاب إلى قبلكم والغرض منه أن أكون أول من أسلم لهذا الأمر وآمن به. قيل اللام في قوله { لأن أكون } للتعليل والمعنى وأُمرت بذلك لأجل أن أكون أول المسلمين، وقيل اللام زائدة كما تركت اللام في قوله تعالىقل إني أُمرت أن أكون أول من أسلم } الأنعام 14. ومآل الوجهين واحد بحسب المعنى فإن كونه صلى الله عليه وآله وسلم أول المسلمين يعطي عنواناً لإِسلامه وعنوان الفعل يصح أن يجعل غاية للأمر بالفعل وأن يجعل متعلقاً للأمر فيؤمر به يقال اضربه للتأديب، ويقال أدبه بالضرب. قال في الكشاف وفي معناه أوجه أن أكون أول من أسلم في زماني ومن قومي لأنه أول من خالف دين آبائه وخلع الأصنام وحطمها، وأن أكون أول الذين دعوتهم إلى الإِسلام إسلاما، وأن أكون أول من دعا نفسه إلى ما دعا غيره لأكون مقتدى بي في قولي وفعلي جميعاً ولا تكون صفتي صفة الملوك الذين يأمرون بما لا يفعلون، وأن أفعل ما أستحق به الأولية من أعمال السابقين دلالة على السبب بالمسبب.

السابقالتالي
2 3 4