الرئيسية - التفاسير


* تفسير الميزان في تفسير القرآن/ الطبطبائي (ت 1401 هـ) مصنف و مدقق


{ قُلْ إِنَّمَآ أَنَاْ مُنذِرٌ وَمَا مِنْ إِلَـٰهٍ إِلاَّ ٱللَّهُ ٱلْوَاحِدُ ٱلْقَهَّارُ } * { رَبُّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا ٱلْعَزِيزُ ٱلْغَفَّارُ } * { قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ } * { أَنتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ } * { مَا كَانَ لِيَ مِنْ عِلْمٍ بِٱلْمَلإِ ٱلأَعْلَىٰ إِذْ يَخْتَصِمُونَ } * { إِن يُوحَىٰ إِلَيَّ إِلاَّ أَنَّمَآ أَنَاْ نَذِيرٌ مُّبِينٌ } * { إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَراً مِّن طِينٍ } * { فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُواْ لَهُ سَاجِدِينَ } * { فَسَجَدَ ٱلْمَلاَئِكَةُ كُـلُّهُمْ أَجْمَعُونَ } * { إِلاَّ إِبْلِيسَ ٱسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ ٱلْكَافِرِينَ } * { قَالَ يٰإِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ ٱلْعَالِينَ } * { قَالَ أَنَاْ خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ } * { قَالَ فَٱخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ } * { وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِيۤ إِلَىٰ يَوْمِ ٱلدِّينِ } * { قَالَ رَبِّ فَأَنظِرْنِيۤ إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ } * { قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ ٱلْمُنظَرِينَ } * { إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْوَقْتِ ٱلْمَعْلُومِ } * { قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ } * { إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ ٱلْمُخْلَصِينَ } * { قَالَ فَٱلْحَقُّ وَٱلْحَقَّ أَقُولُ } * { لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنكَ وَمِمَّن تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ } * { قُلْ مَآ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَآ أَنَآ مِنَ ٱلْمُتَكَلِّفِينَ } * { إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرٌ لِّلْعَالَمِينَ } * { وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينِ }

بيان الفصل الأخير من فصول السورة المشتمل على أمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم بإبلاغ نذارته ودعوته إلى التوحيد. وأن الإِعراض عن الحق واتباع الشيطان ينتهي بالإِنسان إلى عذاب النار المقضي في حقه وحق أتباعه وعند ذلك تختتم السورة. قوله تعالى { قل إنما أنا منذر وما من إله إلا الله الواحد القهّار } إلى قوله { العزيز الغفار } في الآيتين أمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم بإبلاغ أنه منذر وأن الله تعالى واحد في الالوهية فقوله { إنما أنا منذر } يفيد قصره في كونه منذراً ونفي سائر الأغراض التي ربما تتلبس به الدعوة بين الناس من طلب مال أو جاه كما يشير إليه ما في آخر الآيات من قوله { قل ما أسألكم عليه من أجر وما أنا من المتكلفين }. وقوله { وما من إله إلا الله } إلى آخر الآيتين إبلاغ لتوحيده تعالى بحجة يدل عليها ما اورد من صفاته المدلول عليها بأسمائه. فقوله { وما من إله إلا الله } نفي لكل إله - والإِله هو المعبود بالحق - غيره تعالى وأما ثبوت أُلوهيته تعالى فهو مسلّم بانتفاء أُلوهية غيره إذ لا نزاع بين الإِسلام والشرك في أصل ثبوت الإِله وإنما النزاع في أن الإِله وهو المعبود بالحق هو الله تعالى أو غيره. على أن ما ذكر في الآيتين من الصفات متضمن لإِثبات أُلوهيته كما أنها حجة على انتفاء أُلوهية غيره تعالى. وقوله { الواحد القهار } يدل على توحده تعالى في وجوده وقهره كل شيء وذلك أنه تعالى واحد لا يماثله شيء في وجوده ولا تناهي كماله الذي هو عين وجوده الواجب فهو الغني بذاته وعلى الإِطلاق وغيره من شيء فقير يحتاج إليه من كل جهة ليس له من الوجود وآثار الوجود إلا ما أنعم وأفاض فهو سبحانه القاهر لكل شيء على ما يريد وكل شيء مطيع له فيما أراد خاضع له فيما شاء. وهذا الخضوع الذاتي هو حقيقة العبادة فلو جاز أن يُعبد شيء في الوجود عملاً بأن يؤتى بعمل يمثل به العبودية والخضوع فهي عبادته سبحانه إذ كل شيء مفروض دونه فهو مقهور خاضع له لا يملك لنفسه ولا لغيره شيء ولا يستقل من الوجود وآثار الوجود بشيء فهو سبحانه الإِله المعبود بالحق لا غير. وقوله { رب السماوات والأرض وما بينهما } يفيد حجة اخرى على توحده تعالى في الأُلوهية وذلك أن نظام التدبير الجاري في العالم برمته نظام واحد متصل غير متبعض ولا متجز وهو آية وحدة المدبر، وقد تقدم كراراً أن الخلق والتدبير لا ينفكان فالتدبير خلق بوجه كما أن الخلق تدبير بوجه، والخالق الموجد للسماوات والأرض وما بينهما هو الله سبحانه - حتى عند الخصم - فهو تعالى ربها المدبر لها جميعاً فهو وحده الإِله الذي يجب أن يقصد بالعبادة لأن العبادة تمثيل عبودية العابد ومملوكيته تجاه مولوية المعبود ومالكيته وتصرفه في المعبود بإفاضة النعمة ودفع النقمة فهو سبحانه الإِله في السماوات والأرض وما بينهما لا إله غيره.

السابقالتالي
2 3 4 5 6