الرئيسية - التفاسير


* تفسير الميزان في تفسير القرآن/ الطبطبائي (ت 1401 هـ) مصنف و مدقق


{ ٱصْبِر عَلَىٰ مَا يَقُولُونَ وَٱذْكُرْ عَبْدَنَا دَاوُودَ ذَا ٱلأَيْدِ إِنَّهُ أَوَّابٌ } * { إِنَّا سَخَّرْنَا ٱلجِبَالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بِٱلْعَشِيِّ وَٱلإِشْرَاقِ } * { وَٱلطَّيْرَ مَحْشُورَةً كُلٌّ لَّهُ أَوَّابٌ } * { وَشَدَدْنَا مُلْكَهُ وَآتَيْنَاهُ ٱلْحِكْمَةَ وَفَصْلَ ٱلْخِطَابِ } * { وَهَلْ أَتَاكَ نَبَؤُاْ ٱلْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُواْ ٱلْمِحْرَابَ } * { إِذْ دَخَلُواْ عَلَىٰ دَاوُودَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ قَالُواْ لاَ تَخَفْ خَصْمَانِ بَغَىٰ بَعْضُنَا عَلَىٰ بَعْضٍ فَٱحْكُمْ بَيْنَنَا بِٱلْحَقِّ وَلاَ تُشْطِطْ وَٱهْدِنَآ إِلَىٰ سَوَآءِ ٱلصِّرَاطِ } * { إِنَّ هَذَآ أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِي نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا وَعَزَّنِي فِي ٱلْخِطَابِ } * { قَالَ لَقَدْ ظَلَمَكَ بِسُؤَالِ نَعْجَتِكَ إِلَىٰ نِعَاجِهِ وَإِنَّ كَثِيراً مِّنَ ٱلْخُلَطَآءِ لَيَبْغِيۤ بَعْضُهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ إِلاَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَّا هُمْ وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَٱسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعاً وَأَنَابَ } * { فَغَفَرْنَا لَهُ ذَلِكَ وَإِنَّ لَهُ عِندَنَا لَزُلْفَىٰ وَحُسْنَ مَـآبٍ } * { يٰدَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي ٱلأَرْضِ فَٱحْكُمْ بَيْنَ ٱلنَّاسِ بِٱلْحَقِّ وَلاَ تَتَّبِعِ ٱلْهَوَىٰ فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ إِنَّ ٱلَّذِينَ يَضِلُّونَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدُ بِمَا نَسُواْ يَوْمَ ٱلْحِسَابِ } * { وَمَا خَلَقْنَا ٱلسَّمَآءَ وَٱلأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلاً ذَلِكَ ظَنُّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنَ ٱلنَّارِ } * { أَمْ نَجْعَلُ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ كَٱلْمُفْسِدِينَ فِي ٱلأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ ٱلْمُتَّقِينَ كَٱلْفُجَّارِ } * { كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوۤاْ آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُواْ ٱلأَلْبَابِ }

بيان لما حكى سبحانه عن المشركين رميهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم ودعوته الحقة باختلاق وأنها ذريعة إلى التقدم والرئاسة وأنه لا مرجح له عليهم حتى يختص بالرسالة والإِنذار. ثم استهزائهم بيوم الحساب وعذابه الذي ينذرون به أمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالصبر وأن لا يزلزله هفواتهم ولا توهن عزمه وأن يذكر عدة من عباده الأوابين له الراجعين إليه فيما دهمهم من الحوادث. وهؤلاء تسعة من الأنبياء الكرام ذكرهم الله سبحانه داود وسليمان وأيوب وإبراهيم وإسحاق ويعقوب وإسماعيل واليسع وذو الكفل عليهم السلام، وبدأ بداود عليه السلام وذكر بعض قصصه. قوله تعالى { اصبر على ما يقولون واذكر عبدنا داود ذا الأيد إنه أواب } الأيد القوة وكان عليه السلام ذا قوة في تسبيحه تعالى يسبح ويسبح معه الجبال والطير وذا قوة في ملكه وذا قوة في علمه وذا قوة وبطش في الحروب وقد قتل جالوت الملك كما قصه الله في سورة البقرة. والأواب اسم مبالغة من الأوب بمعنى الرجوع والمراد به كثرة رجوعه إلى ربه. قوله تعالى { إنا سخرنا الجبال معه يسبحن بالعشي والإِشراق } الظاهر أن { معه } متعلق بقوله { يسبحن } وجملة { معه يسبحن } بيان لمعنى التسخير وقدم الظرف لتعلق العناية بتبعيتها لداود واقتدائها به في التسبيح لكن قوله تعالى في موضع آخروسخرنا مع داود الجبال يسبحن والطير } الأنبياء 39 يؤيد تعلق الظرف بسخرنا، وقد وقع في موضع آخر من كلامه تعالىيا جبال أوبي معه والطير } سبأ 10. والعشي والإِشراق الرواح والصباح. وقوله { إنا سخرنا } الخ { إن } فيه للتعليل والآية وما عطف عليها من الآيات بيان لكونه عليه السلام ذا أيد في تسبيحه وملكه وعلمه وكونه أوابا إلى ربه. قوله تعالى { والطير محشورة كل له أواب } المحشورة من الحشر بمعنى الجمع بإزعاج أي وسخرنا معه الطير مجموعة له تسبح معه. وقوله { كل له أواب } استئناف يقرر ما تقدمه من تسبيح الجبال والطير أي كل من الجبال والطير أواب أي كثير الرجوع إلينا بالتسبيح فإن التسبيح من مصاديق الرجوع إليه تعالى. ويحتمل رجوع ضمير { له } إلى داود على بعد. ولم يكن تأييد داود عليه السلام في أصل جعله تعالى للجبال والطير تسبيحاً فإن كل شيء مسبح لله سبحانه قال تعالىوإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم } الإسراء 44 بل في موافقة تسبيحها لتسبيحه وقرع تسبيحها أسماع الناس وقد تقدم كلام في معنى تسبيح الأشياء لله سبحانه في تفسير قوله تعالى { وإن من شيء إلا يسبح بحمده } الآية وأنه بلسان القال دون لسان الحال. قوله تعالى { وشددنا ملكه وآتيناه الحكمة وفصل الخطاب } قال الراغب الشد العقد القوي يقال شددت الشيء قويت عقده.

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7 8 9