الرئيسية - التفاسير


* تفسير الميزان في تفسير القرآن/ الطبطبائي (ت 1401 هـ) مصنف و مدقق


{ فَٱسْتَفْتِهِمْ أَلِرَبِّكَ ٱلْبَنَاتُ وَلَهُمُ ٱلْبَنُونَ } * { أَمْ خَلَقْنَا ٱلْمَلاَئِكَةَ إِنَاثاً وَهُمْ شَاهِدُونَ } * { أَلاَ إِنَّهُم مِّنْ إِفْكِهِمْ لَيَقُولُونَ } * { وَلَدَ ٱللَّهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ } * { أَصْطَفَى ٱلْبَنَاتِ عَلَىٰ ٱلْبَنِينَ } * { مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ } * { أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ } * { أَمْ لَكُمْ سُلْطَانٌ مُّبِينٌ } * { فَأْتُواْ بِكِتَابِكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } * { وَجَعَلُواْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ ٱلْجِنَّةِ نَسَباً وَلَقَدْ عَلِمَتِ ٱلجِنَّةُ إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ } * { سُبْحَانَ ٱللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ } * { إِلاَّ عِبَادَ ٱللَّهِ ٱلْمُخْلَصِينَ } * { فَإِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ } * { مَآ أَنتُمْ عَلَيْهِ بِفَاتِنِينَ } * { إِلاَّ مَنْ هُوَ صَالِ ٱلْجَحِيمِ } * { وَمَا مِنَّآ إِلاَّ لَهُ مَقَامٌ مَّعْلُومٌ } * { وَإِنَّا لَنَحْنُ ٱلصَّآفُّونَ } * { وَإِنَّا لَنَحْنُ ٱلْمُسَبِّحُونَ } * { وَإِن كَانُواْ لَيَقُولُونَ } * { لَوْ أَنَّ عِندَنَا ذِكْراً مِّنَ ٱلأَوَّلِينَ } * { لَكُنَّا عِبَادَ ٱللَّهِ ٱلْمُخْلَصِينَ } * { فَكَفَرُواْ بِهِ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ } * { وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا ٱلْمُرْسَلِينَ } * { إِنَّهُمْ لَهُمُ ٱلْمَنصُورُونَ } * { وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ ٱلْغَالِبُونَ } * { فَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّىٰ حِينٍ } * { وَأَبْصِرْهُمْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ } * { أَفَبِعَذَابِنَا يَسْتَعْجِلُونَ } * { فَإِذَا نَزَلَ بِسَاحَتِهِمْ فَسَآءَ صَبَاحُ ٱلْمُنْذَرِينَ } * { وَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّىٰ حِينٍ } * { وَأَبْصِرْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ } * { سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ ٱلْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ } * { وَسَلاَمٌ عَلَىٰ ٱلْمُرْسَلِينَ } * { وَٱلْحَمْدُ للَّهِ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ }

بيان قدم سبحانه ما بين به أنه رب معبود، عبده عباد مخلصون كالأنبياء المكرمين وكفر به آخرون فنجّى عباده وأخذ الكافرين بأليم العذاب. ثم تعرض في هذه الآيات لما يعتقدونه في آلهتهم وهم الملائكة والجن وأن الملائكة بنات الله وبينه وبين الجنة نسباً. والوثنية البرهمية والبوذية والصابئة ما كانوا يقولون بأُنوثة جميع الملائكة وإن قالوا بها في بعضهم لكن المنقول عن بعض قبائل العرب الوثنيين كجهينة وسليم وخزاعة وبني مليح القول بأنوثة الملائكة جميعاً، وأما الجن فالقول بانتهاء نسبهم إليه في الجملة منقول عن الجميع. وبالجملة يشير تعالى في الآيات إلى فساد قولهم ثم يبشر النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالنصر ويهددهم بالعذاب، ويختم السورة بتنزيهه تعالى والتسليم على المرسلين والحمد لله رب العالمين. قوله تعالى { فاستفتهم ألربك البنات ولهم البنون } حلل سبحانه قولهم إن الملائكة بنات الله إلى ما يستلزمه من اللوازم وهي أن الملائكة أولاده، وأنهم بنات، وأنه تعالى خص نفسه بالبنات وهم مخصوصون بالبنين ثم رد هذه اللوازم واحداً بعد واحد فرد قولهم إن له البنات ولهم البنين بقوله { فاستفتهم ألربك البنات ولهم البنون } وهو استفهام إنكاري لقولهم بما يلزمه من تفضيلهم على الله لما أنهم يفضلون البنين على البنات ويتنزهون منهن ويئدونهن. قوله تعالى { أم خلقنا الملائكة إناثاً وهم شاهدون } أم منقطعة أي بل أخلقنا الملائكة إناثاً وهم شاهدون يشهدون خلقهم ولم يكونوا شاهدين خلقهم ولا لهم أن يدّعوا ذلك، والذكورة والأنوثة مما لا يثبت إلا بنوع من الحس، وهذا رد لقولهم بأنوثة الملائكة. قوله تعالى { ألا إنهم من إفكهم ليقولون ولد الله وإنهم لكاذبون } رد لقولهم بالولادة بأنه من الإِفك أي صرف القول عن وجهه إلى غير وجهه أي من الحق إلى الباطل فيوجهون خلقهم بما يعدونه ولادة ويعبّرون عنه بها فهم آفكون كاذبون. قوله تعالى { اصطفى البنات على البنين ما لكم كيف تحكمون أفلا تذكرون } كرر الإِنكار على اصطفاء البنات من بين لوازم قولهم لشدة شناعته. ثم وبخهم بقوله { ما لكم كيف تحكمون } لكون قولهم حكماً من غير دليل ثم عقبه بقوله { أفلا تذكّرون } توبيخاً وإشارة إلى أن قولهم ذلك - فضلاً عن كونه مما لا دليل عليه - الدليل على خلافه ولو تذكّروا لانكشف لهم فقد تنزهت ساحته تعالى عن أن يتجزى فيلد أو يحتاج فيتخذ ولداً، وقد احتج عليهم بذلك في مواضع من كلامه. والالتفات من الغيبة إلى الخطاب للدلالة على اشتداد السخط الموجب لتوبيخهم شفاهاً. قوله تعالى { أم لكم سلطان مبين فأتوا بكتابكم إن كنتم صادقين } أم منقطعة والمراد بالسلطان وهو البرهان كتاب نازل من عند الله سبحانه يخبر فيه أن الملائكة بناته على ما يعطيه السياق إذ لما لم يثبت بعقل أو حس بقي أن يثبت بكتاب من عند الله نازل بالوحي فلو كانت دعواهم حقة وهم صادقون فيها كان لهم أن يأتوا بالكتاب.

السابقالتالي
2 3 4 5 6