الرئيسية - التفاسير


* تفسير الميزان في تفسير القرآن/ الطبطبائي (ت 1401 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِنَّ لُوطاً لَّمِنَ ٱلْمُرْسَلِينَ } * { إِذْ نَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ أَجْمَعِينَ } * { إِلاَّ عَجُوزاً فِي ٱلْغَابِرِينَ } * { ثُمَّ دَمَّرْنَا ٱلآخَرِينَ } * { وَإِنَّكُمْ لَّتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُّصْبِحِينَ } * { وَبِٱلَّيلِ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ } * { وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ ٱلْمُرْسَلِينَ } * { إِذْ أَبَقَ إِلَى ٱلْفُلْكِ ٱلْمَشْحُونِ } * { فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ ٱلْمُدْحَضِينَ } * { فَٱلْتَقَمَهُ ٱلْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ } * { فَلَوْلاَ أَنَّهُ كَانَ مِنَ ٱلْمُسَبِّحِينَ } * { لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ } * { فَنَبَذْنَاهُ بِٱلْعَرَآءِ وَهُوَ سَقِيمٌ } * { وَأَنبَتْنَا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِّن يَقْطِينٍ } * { وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَىٰ مِئَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ } * { فَآمَنُواْ فَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَىٰ حِينٍ }

بيان خلاصة قصة لوط عليه السلام ثم قصة يونس عليه السلام وابتلاء الله تعالى له بالحوت مأخوذاً بما أعرض عن قومه عند ارتفاع العذاب عنهم بعد نزوله وإشرافه عليهم. قوله تعالى { وإن لوطاً لمن المرسلين إذ نجيناه وأهله أجمعين } وإنما نجاه وأهله من العذاب النازل على قومه وهو الخسف وإمطار حجارة من سجيل على ما ذكره الله تعالى في سائر كلامه. قوله تعالى { إلا عجوزاً في الغابرين } أي في الباقين في العذاب المهلكين به وهي امرأة لوط. قوله تعالى { ثم دمرنا الآخرين } التدمير الإِهلاك، والآخرين قومه الذين أُرسل إليهم. قوله تعالى { وإنكم لتمرون عليهم مصبحين وبالليل أفلا تعقلون } فإنهم على طريق الحجاز إلى الشام، والمراد بالمرور عليهم المرور على ديارهم الخربة وهي اليوم مستورة بالماء على ما قيل. قوله تعالى { وإن يونس لمن المرسلين إذ أبق إلى الفلك المشحون } أي السفينة المملوءة من الناس والإِباق هرب العبد من مولاه. والمراد بإباقه إلى الفلك خروجه من قومه معرضاً عنهم وهو عليه السلام وإن لم يعص في خروجه ذلك ربه ولا كان هناك نهي من ربه عن الخروج لكن خروجه إذ ذاك كان ممثلاً لإِباق العبد من خدمة مولاه فأخذه الله بذلك، وقد تقدم بعض الكلام في ذلك في تفسير قوله تعالىوذا النون إذ ذهب مغاضباً فظن أن لن نقدر عليه } الأنبياء 87. قوله تعالى { فساهم فكان من المدحضين } المساهمة المقارعة والإِدحاض الغلبة أي فقارع من في السفينة فكان من المغلوبين، وقد كان عرض لسفينتهم الحوت فاضطروا إلى أن يلقوا واحداً منهم في البحر ليبتلعه ويخلي السفينة فقارعوا فأصابت يونس عليه السلام. قوله تعالى { فالتقمه الحوت وهو مليم } الالتقام الابتلاع، ومليم من ألام أي دخل في اللوم كأحرم إذا دخل في الحرم أو بمعنى صار ذا ملامة. قوله تعالى { فلولا أنه كان من المسبحين للبث في بطنه إلى يوم يبعثون } عده من المسبحين وهم الذين تكرر منهم التسبيح وتمكن منهم حتى صار وصفاً لهم يدل على دوام تلبسه زماناً بالتسبيح. قيل أي من المسبحين قبل التقام الحوت إياه، وقيل بل في بطن الحوت، وقيل أي كان من المسبحين قبل التقام الحوت وفي بطنه. والذى حكـــي مـــن تسبيحــه فــي كلامــه تعالــى قوله في سورة الأنبياءفنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين } الأنبياء 87 ولازم ذلك أن يكون من المسبحين في بطن الحوت خاصة أو فيه وفيما قبله فاحتمال كون المراد تسبيحه قبل التقام الحوت مرجوح لا ينبغي أن يصار إليه. على أن تسبيحه مع اعترافه بالظلم في قوله { سبحانك إني كنت من الظالمين } - على ما سيجيء - تسبيح له تعالى عما كان يشعر به فعله من ترك قومه وذهابه على وجهه، وقوله { فلولا أنه كان من المسبحين } الخ يدل على أن تسبيحه كان هو السبب المستدعي لنجاته، ولازم ذلك أن يكون إنما ابتلي بما ابتلي به لينزهه تعالى فينجو بذلك من الغم الذي ساقه إليه فعله إلى ساحة العافية.

السابقالتالي
2 3 4 5 6