الرئيسية - التفاسير


* تفسير الميزان في تفسير القرآن/ الطبطبائي (ت 1401 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱللَّهُ ٱلَّذِيۤ أَرْسَلَ ٱلرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَاباً فَسُقْنَاهُ إِلَىٰ بَلَدٍ مَّيِّتٍ فَأَحْيَيْنَا بِهِ ٱلأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا كَذَلِكَ ٱلنُّشُورُ } * { مَن كَانَ يُرِيدُ ٱلْعِزَّةَ فَلِلَّهِ ٱلْعِزَّةُ جَمِيعاً إِلَيْهِ يَصْعَدُ ٱلْكَلِمُ ٱلطَّيِّبُ وَٱلْعَمَلُ ٱلصَّالِحُ يَرْفَعُهُ وَٱلَّذِينَ يَمْكُرُونَ ٱلسَّيِّئَاتِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَكْرُ أُوْلَئِكَ هُوَ يَبُورُ } * { وَٱللَّهُ خَلَقَكُمْ مِّن تُرَابٍ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍ ثُمَّ جَعَلَكُمْ أَزْوَاجاً وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَىٰ وَلاَ تَضَعُ إِلاَّ بِعِلْمِهِ وَمَا يُعَمَّرُ مِن مُّعَمَّرٍ وَلاَ يُنقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلاَّ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيرٌ } * { وَمَا يَسْتَوِي ٱلْبَحْرَانِ هَـٰذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ سَآئِغٌ شَرَابُهُ وَهَـٰذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ وَمِن كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْماً طَرِيّاً وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى ٱلْفُلْكَ فِيهِ مَوَاخِرَ لِتَبْتَغُواْ مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } * { يُولِجُ ٱلْلَّيْلَ فِي ٱلنَّهَارِ وَيُولِجُ ٱلنَّهَارَ فِي ٱلْلَّيْلِ وَسَخَّرَ ٱلشَّمْسَ وَٱلْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لأَجَلٍ مُّسَمًّى ذَلِكُمُ ٱللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ ٱلْمُلْكُ وَٱلَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِن قِطْمِيرٍ } * { إِن تَدْعُوهُمْ لاَ يَسْمَعُواْ دُعَآءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُواْ مَا ٱسْتَجَابُواْ لَكُمْ وَيَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِـكُمْ وَلاَ يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ }

بيان احتجاجات على وحدانيته تعالى في أُلوهيته بعد جملة من النعم السماوية والأرضية التي يتنعم بها الإِنسان ولا خالق لها ولا مدبر لأمرها إلا الله سبحانه، وفيها بعض الإِشارة إلى البعث. قوله تعالى { والله الذي أرسل الرياح فتثير سحاباً فسقناه إلى بلد ميت } الخ. العناية في المقام بتحقق وقوع الأمطار وإنبات النبات بها، ولذلك قال { الله الذي أرسل الرياح } وهذا بخلاف ما في سورة الروم من قولهالله الذي يرسل الرياح فتثير سحاباً } الروم 48. وقوله { فتثير سحاباً } عطف على { أرسل } والضمير للرياح والإِتيان بصيغة المضارع لحكاية الحال الماضية والإِثارة إفعال من ثار الغبار يثور ثوراناً إذا انتشر ساطعاً. وقوله { فسقناه إلى بلد ميت } أي إلى أرض لا نبات فيها { فأحيينا به الأرض بعد موتها } وأنبتنا فيها نباتاً بعد ما لم تكن، ونسبة الإِحياء إلى الأرض وإن كانت مجازية لكن نسبته إلى النبات حقيقية وأعمال النبات من التغذية والنمو وتوليد المثل وما يتعلق بذلك أعمال حيوية تنبعث من أصل الحياة. ولذلك شبه البعث وإحياء الأموات بعد موتهم بإحياء الأرض بعد موتها أي إنبات النبات بعد توقفه عن العمل وركوده في الشتاء فقال { كذلك النشور } أي البعث فالنشور بسط الأموات يوم القيامة بعد إحيائهم وإخراجهم من القبور. وفي قوله { فسقناه إلى بلد ميت } الخ. التفات من الغيبة إلى التكلم مع الغير فهو تعالى في قوله { والله أرسل } بنعت الغيبة وفي قوله { فسقناه } الخ. بنعت التكلم مع الغير ولعل النكتة في ذلك هي أنه لما قال { والله أرسل الرياح } أخذ لنفسه نعت الغيبة ويتبعه فيه الإِرسال فإن فعل الغائب غائب، ثم لما قال { فتثير سحاباً } على نحو حكاية الحال الماضية صار المخاطب كأنه يرى الفعل ويشاهد الرياح وهي تثير السحاب وتنشره في الجو فصار كأنه يرى من يرسل الرياح لأن مشاهدة الفعل كادت أن لا تنفك عن مشاهدة الفاعل فلما ظهر تعالى بنعت الحضور غيّر سياق كلامه من الغيبة إلى التكلم واختار لفظ التكلم مع الغير للدلالة على العظمة. وقوله { فأحيينا به الأرض } ولم يقل فأحييناه مع كفايته وكذا قوله { بعد موتها } مع جواز الاكتفاء بما تقدمه للأخذ بصريح القول الذي لا ارتياب دونه. قوله تعالى { من كان يريد العزة فلله العزة جميعاً } قال الراغب في المفردات العزة حالة مانعة للإِنسان من أن يغلب من قولهم أرض عزاز أي صلبة قال تعالى { أيبتغون عندهم العزة فإن العزة لله جميعاً } انتهى. فالصلابة هو الأصل في معنى العزة ثم توسع فاستعمل العزيز فيمن يقهر ولا يُقهر كقوله تعالىيا أيها العزيز مسنا } يوسف 88. وكذا العزة بمعنى الغلبة قال تعالى

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7 8