الرئيسية - التفاسير


* تفسير الميزان في تفسير القرآن/ الطبطبائي (ت 1401 هـ) مصنف و مدقق


{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱذْكُرُواْ ٱللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً } * { وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً } * { هُوَ ٱلَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلاَئِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِّنَ ٱلظُّلُمَاتِ إِلَى ٱلنُّورِ وَكَانَ بِٱلْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً } * { تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلاَمٌ وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْراً كَرِيماً } * { يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ إِنَّآ أَرْسَلْنَٰكَ شَٰهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً } * { وَدَاعِياً إِلَى ٱللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجاً مُّنِيراً } * { وَبَشِّرِ ٱلْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُمْ مِّنَ ٱللَّهِ فَضْلاً كَبِيراً } * { وَلاَ تُطِعِ ٱلْكَافِرِينَ وَٱلْمُنَافِقِينَ وَدَعْ أَذَاهُمْ وَتَوَكَّـلْ عَلَى ٱللَّهِ وَكَفَىٰ بِٱللَّهِ وَكِـيلاً }

بيان آيات تدعو المؤمنين إلى الذكر والتسبيح وتبشرهم وتعدهم الوعد الجميل وتخاطب النبي صلى الله عليه وآله وسلم بصفاته الكريمة وتأمره أن يبشر المؤمنين ولا يطيع الكافرين والمنافقين، ويمكن أن يكون القبيلان مختلفين في النزول زماناً. قوله تعالى { يا أيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكراً كثيراً } الذكر ما يقابل النسيان وهو توجيه الإِدراك نحو المذكور وأما التلفظ بما يدل عليه من أسمائه وصفاته فهو بعض مصاديق الذكر. قوله تعالى { وسبّحوه بكرة وأصيلاً } التسبيح هو التنزيه وهو مثل الذكر لا يتوقف على اللفظ وإن كان التلفظ بمثل سبحان الله بعض مصاديق التسبيح. والبكرة أول النهار والأصيل آخره بعد العصر وتقييد التسبيح بالبكرة والأصيل لما فيهما من تحول الأحوال فيناسب تسبيحه وتنزيهه من التغير والتحول وكل نقص طار، ويمكن أن يكون البكرة والأصيل معاً كناية عن الدوام كالليل والنهار في قولهيسبحون له بالليل والنهار } فصلت 38. قوله تعالى { هو الذي يصلي عليكم وملائكته ليخرجكم من الظلمات إلى النور } المعنى الجامع للصلاة على ما يستفاد من موارد استعمالها هو الانعطاف فيختلف باختلاف ما نسب إليه ولذلك قيل إن الصلاة من الله الرحمة ومن الملائكة الاستغفار ومن الناس الدعاء لكن الذي نسب من الصلاة إلى الله سبحانه في القرآن هو الصلاة بمعنى الرحمة الخاصة بالمؤمنين وهي التي تترتب عليها سعادة العقبى والفلاح المؤبد ولذلك علَّل تصليته عليهم بقوله { ليخرجكم من الظلمات إلى النور وكان بالمؤمنين رحيماً }. وقد رتب سبحانه في كلامه على نسيانهم له نسيانه لهم وعلى ذكرهم له ذكره لهم فقالنسوا الله فنسيهم } التوبة 67، وقالفاذكروني أذكركم } البقرة 152 وتصليته عليهم ذكر منه لهم بالرحمة فإن ذكروه كثيراً وسبَّحوه بكرة وأصيلاً صلى عليهم كثيراً وغشيهم بالنور وأبعدهم من الظلمات. ومن هنا يظهر أن قوله { هو الذي يصلي عليكم } الخ، في مقام التعليل لقوله { يا أيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكراً كثيراً } وتفيد التعليل أنكم إن ذكرتم الله كثيراً ذكركم برحمته كثيراً وبالغ في إخراجكم من الظلمات إلى النور ويستفاد منه أن الظلمات إنما هي ظلمات النسيان والغفلة والنور نور الذكر. وقوله { وكان بالمؤمنين رحيماً } وضع الظاهر موضع المضمر، أعني قوله { بالمؤمنين } ولم يقل وكان بكم رحيماً، ليدل به على سبب الرحمة وهو وصف الإِيمان. قوله تعالى { تحيتهم يوم يلقونه سلام وأعدَّ لهم أجراً كريماً } ظاهر السياق أن { تحيتهم } مصدر مضاف إلى المفعول أي إنهم يحيّون - بالبناء للمفعول - يوم يلقون ربهم من عند ربهم ومن ملائكته بالسلام أي إنهم يوم اللقاء في أمن وسلام لا يصيبهم مكروه ولا يمسهم عذاب. وقوله { وأعدّ لهم أجراً كريماً } أي وهيأ الله لهم ثواباً جزيلاً.

السابقالتالي
2 3