الرئيسية - التفاسير


* تفسير الميزان في تفسير القرآن/ الطبطبائي (ت 1401 هـ) مصنف و مدقق


{ الۤـمۤ } * { تَنزِيلُ ٱلْكِتَابِ لاَ رَيْبَ فِيهِ مِن رَّبِّ ٱلْعَالَمِينَ } * { أَمْ يَقُولُونَ ٱفْتَرَاهُ بَلْ هُوَ ٱلْحَقُّ مِن رَّبِّكَ لِتُنذِرَ قَوْماً مَّآ أَتَاهُم مِّن نَّذِيرٍ مِّن قَبْلِكَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ } * { ٱللَّهُ ٱلَّذِي خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ ٱسْتَوَىٰ عَلَى ٱلْعَرْشِ مَا لَكُمْ مِّن دُونِهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ شَفِيعٍ أَفَلاَ تَتَذَكَّرُونَ } * { يُدَبِّرُ ٱلأَمْرَ مِنَ ٱلسَّمَآءِ إِلَى ٱلأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ } * { ذٰلِكَ عَالِمُ ٱلْغَيْبِ وَٱلشَّهَادَةِ ٱلْعَزِيزُ ٱلرَّحِيمُ } * { ٱلَّذِيۤ أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ ٱلإِنْسَانِ مِن طِينٍ } * { ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِن سُلاَلَةٍ مِّن مَّآءٍ مَّهِينٍ } * { ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِن رُّوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ ٱلسَّمْعَ وَٱلأَبْصَارَ وَٱلأَفْئِدَةَ قَلِيلاً مَّا تَشْكُرُونَ } * { وَقَالُوۤاْ أَءِذَا ضَلَلْنَا فِي ٱلأَرْضِ أَءِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ بَلْ هُم بِلَقَآءِ رَبِّهِمْ كَافِرُونَ } * { قُلْ يَتَوَفَّاكُم مَّلَكُ ٱلْمَوْتِ ٱلَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ } * { وَلَوْ تَرَىٰ إِذِ ٱلْمُجْرِمُونَ نَاكِسُواْ رُءُوسِهِمْ عِندَ رَبِّهِمْ رَبَّنَآ أَبْصَرْنَا وَسَمِعْنَا فَٱرْجِعْنَا نَعْمَلْ صَالِحاً إِنَّا مُوقِنُونَ } * { وَلَوْ شِئْنَا لآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا وَلَـٰكِنْ حَقَّ ٱلْقَوْلُ مِنِّي لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ ٱلْجِنَّةِ وَٱلنَّاسِ أَجْمَعِينَ } * { فَذُوقُواْ بِمَا نَسِيتُمْ لِقَآءَ يَوْمِكُمْ هَـٰذَآ إِنَّا نَسِينَاكُمْ وَذُوقُـواْ عَذَابَ ٱلْخُلْدِ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ }

بيان غرض السورة تقرير المبدأ والمعاد وإقامة الحجة عليهما ودفع ما يختلج القلوب في ذلك مع إشارة إلى النبوة والكتاب ثم بيان ما يتميز به الفريقان المؤمنون بآيات الله حقاً والفاسقون الخارجون عن زيّ العبودية ووعد أُولئك بما هو فوق تصوّر المتصورين من الثواب ووعيد هؤلاء بالانتقام الشديد بأليم العذاب المخلّد وأنهم سيذوقون عذاباً أدنى دون العذاب الأكبر، وتختتم السورة بتأكيد الوعيد وأمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالانتظار كما هم منتظرون. وهي مكية إلا ثلاث آيات نزلت - كما قيل - بالمدينة وهي قوله تعالى { أفمن كان مؤمناً كمن كان فاسقاً } إلى تمام ثلاث آيات. والذي أوردناه من آياتها يتضمّن الفصل الأول من فصلي غرض السورة الذي أشرنا إليه. قوله تعالى { تنزيل الكتاب لا ريب فيه من رب العالمين } ، أي هذا تنزيل الكتاب، والتنزيل مصدر بمعنى اسم المفعول وإضافته إلى الكتاب من إضافة الصفة إلى الموصوف، والمعنى هذا هو الكتاب المنزَّل لا ريب فيه. وقوله { من رب العالمين } فيه براعة استهلال لما في غرض السورة أن يتعاطى بيانه من الوحدانية والمعاد اللذين ينكرهما الوثنية لما مرّ مراراً أنهم لا يقولون برب العالمين بل يثبتون لكل عالم إلهاً ولمجموع الآلهة إلهاً هو الله تعالى عما يقولون علوا كبيراً. قوله تعالى { أم يقولون افتراه بل هو الحق من ربك لتنذر قوماً ما أتاهم من نذير من قبلك } الخ، أم منقطعة، والمعنى بل يقولون افترى القرآن على الله وليس من عنده فردَّه بقوله { بل هو الحق من ربك لتنذر } الخ. وقوله { لتنذر قوماً ما أتاهم من نذير من قبلك } قيل يعني قريشاً فإنهم لم يأتهم نبي قبله صلى الله عليه وآله وسلم بخلاف غيرهم من قبائل العرب فإنهم أتاهم بعض الأنبياء كخالد بن سنان العبسي وحنظلة على ما في الروايات. وقيل المراد به أهل الفترة بين عيسى ومحمد صلى الله عليه وآله وسلم فكانوا كأنهم في غفلة عما لزمهم من حق نعم الله وما خلقهم له من العبادة وفيه أن معنى الفترة هو عدم انبعاث نبي له شريعة وكتاب وأما الفترة عن مطلق النبوة فلا نسلم تحققها وخلو جميع الزمان وهو قريب من ستة قرون من النبي مطلقاً. وقوله { لعلهم يهتدون } غاية رجائية لإِرسال الرسول والترجي قائم بالمقام أو بالمخاطب دون المتكلم كما تقدم في نظائره. قوله تعالى { الله الذي خلق السماوات والأرض } إلى قوله { أفلا تتذكرون } تقدم الكلام في تفسير قوله { خلق السماوات والأرض ثم استوى على العرش } في نظائره من الآيات وتقدم أيضاً أن الاستواء على العرش كناية عن مقام تدبير الموجودات بنظام عام إجمالي يحكم على الجميع ولذا أتبع العرش في أغلب ما وقع فيه من الموارد بما فيه معنى التدبير كقوله

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7 8 9 10  مزيد