الرئيسية - التفاسير


* تفسير الميزان في تفسير القرآن/ الطبطبائي (ت 1401 هـ) مصنف و مدقق


{ وَهُوَ ٱلَّذِي يَبْدَؤُاْ ٱلْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ وَلَهُ ٱلْمَثَلُ ٱلأَعْلَىٰ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ } * { ضَرَبَ لَكُمْ مَّثَلاً مِّنْ أَنفُسِكُمْ هَلْ لَّكُمْ مِّن مَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِّن شُرَكَآءَ فِي مَا رَزَقْنَاكُمْ فَأَنتُمْ فِيهِ سَوَآءٌ تَخَافُونَهُمْ كَخِيفَتِكُمْ أَنفُسَكُمْ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ ٱلآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ } * { بَلِ ٱتَّبَعَ ٱلَّذِينَ ظَلَمُوۤاْ أَهْوَآءَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ فَمَن يَهْدِي مَنْ أَضَلَّ ٱللَّهُ وَمَا لَهُمْ مِّن نَّاصِرِينَ } * { فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَتَ ٱللَّهِ ٱلَّتِي فَطَرَ ٱلنَّاسَ عَلَيْهَا لاَ تَبْدِيلَ لِخَلْقِ ٱللَّهِ ذَلِكَ ٱلدِّينُ ٱلْقَيِّمُ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ ٱلنَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ } * { مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَٱتَّقُوهُ وَأَقِيمُواْ ٱلصَّلاَةَ وَلاَ تَكُونُواْ مِنَ ٱلْمُشْرِكِينَ } * { مِنَ ٱلَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمْ وَكَانُواْ شِيَعاً كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ } * { وَإِذَا مَسَّ ٱلنَّاسَ ضُرٌّ دَعَوْاْ رَبَّهُمْ مُّنِيبِينَ إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَآ أَذَاقَهُمْ مِّنْهُ رَحْمَةً إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ } * { لِيَكْفُرُواْ بِمَآ آتَيْنَاهُمْ فَتَمَتَّعُواْ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ } * { أَمْ أَنزَلْنَا عَلَيْهِمْ سُلْطَاناً فَهُوَ يَتَكَلَّمُ بِمَا كَانُواْ بِهِ يُشْرِكُونَ } * { وَإِذَآ أَذَقْنَا ٱلنَّاسَ رَحْمَةً فَرِحُواْ بِهَا وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ إِذَا هُمْ يَقْنَطُونَ } * { أَوَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّ ٱللَّهَ يَبْسُطُ ٱلرِّزْقَ لِمَن يَشَآءُ وَيَقْدِرُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ } * { فَآتِ ذَا ٱلْقُرْبَىٰ حَقَّهُ وَٱلْمِسْكِينَ وَٱبْنَ ٱلسَّبِيلِ ذَلِكَ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ يُرِيدُونَ وَجْهَ ٱللَّهِ وَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُفْلِحُونَ } * { وَمَآ آتَيْتُمْ مِّن رِّباً لِّيَرْبُوَاْ فِي أَمْوَالِ ٱلنَّاسِ فَلاَ يَرْبُواْ عِندَ ٱللَّهِ وَمَآ آتَيْتُمْ مِّن زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ ٱللَّهِ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُضْعِفُونَ }

بيان لما انساق الاحتجاج على الوحدانية والمعاد من طريق عدّ الآيات الدالة على ذلك بقوله { ومن آياته } إلى قوله { وله من في السماوات والأرض } الآية، وهو من صفات الفعل غيّر سياق الاحتجاج بالآيات إلى سياق الاحتجاج بصفاته الفعلية وأوردها إلى آخر السورة في أربعة فصول يورد في كل فصل شيئاً من صفات الفعل المستوجبة للوحدانية والمعاد وهي قوله { وهو الذي يبدء الخلق ثم يعيده } الخ، وقوله { الله الذي خلقكم من ضعف } الخ. وإنما لم يبدأ الفصل الأول باسم الجلالة كما بدأ به في الفصول الأُخر لسبق ذكره في الآية السابقة عليه المتصلة به أعني قوله { وله من في السماوات والأرض كلٌ له قانتون } الذي هو كالبرزخ المتوسط بين السياقين، فقوله { وهو الذي يبدء الخلق ثم يعيده } فصل في صورة الوصل. قوله تعالى { وهو الذي يبدء الخلق ثم يعيده وهو أهون عليه } إلى آخر الآية، بدء الخلق إنشاؤه ابتداء من غير مثال سابق والإِعادة إنشاء بعد إنشاء. وقوله { وهو أهون عليه } الضمير الأول للإِعادة المفهوم من قوله { يعيد } والضمير الثاني راجع إليه تعالى على ما يتبادر من السياق. وقد استشكل قوله { وهو أهون عليه } الدال ظاهراً على كون الإِعادة أسهل وأهون عليه من البدء وهو ينافي كون قدرته مطلقة غير محدودة فإن القدرة اللامتناهية لا تختلف حالها في تعلقها بشيء دون شيء فتعلقها بالصعب والسهل على السواء فلا معنى لاسم التفضيل ها هنا. وقد أُجيب عنه بوجوه منها أن ضمير { عليه } راجع إلى الخلق دونه تعالى والإِعادة أهون على الخلق لأنه مسبوق بالابتداء الذي يسهّل الفعل على الفاعل بتحققه منه مرة أو أزيد بخلاف الابتداء الذي لا يسبقه فعل، فالابتداء أصعب بالطبع بالنسبة إلى الإِعادة والإِعادة بالعكس، فالمعنى أن الإِعادة أهون من البدء بالنسبة إلى الخلق وإذا كان كذلك بالنسبة إلى الخلق فما ظنك بالخالق. وفيه أن رجوع الضمير إلى الخلق خلاف ظاهر الآية. ومنها أن أفعل ها هنا منسلخ عن معنى التفضيل فأهون عليه بمعنى هيّن عليه نظير قوله { ما عند الله خير من اللهو }. وفيه أنه تحكم ظاهر لا دليل عليه. ومنها أن التفضيل إنما هو للإِعادة في نفسها بالقياس إلى الإِنشاء الإِبتدائي لا بالنسبة إليه تعالى ووقوع التفضيل بين فعل منه وفعل لا بأس به كما في قوله تعالىلخلق السماوات والأرض أكبر من خلق الناس } غافر 57. وهذا هو الذي يستفاد من كلام الزمخشري إذ يقول فإن قلت ما بال الإِعادة استعظمت في قوله { ثم إذا دعاكم } حتى كأنها فضلت على قيام السماوات والأرض بأمره ثم هوَّنت بعد ذلك؟ قلت الإِعادة في نفسها عظيمة لكنها هوَّنت بالقياس إلى الإِنشاء.

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7 8 9 10  مزيد