الرئيسية - التفاسير


* تفسير الميزان في تفسير القرآن/ الطبطبائي (ت 1401 هـ) مصنف و مدقق


{ قُلْ يٰأَهْلَ ٱلْكِتَابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآيَاتِ ٱللَّهِ وَٱللَّهُ شَهِيدٌ عَلَى مَا تَعْمَلُونَ } * { قُلْ يٰأَهْلَ ٱلْكِتَابِ لِمَ تَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ مَنْ آمَنَ تَبْغُونَهَا عِوَجاً وَأَنْتُمْ شُهَدَآءُ وَمَا ٱللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ } * { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ إِن تُطِيعُواْ فَرِيقاً مِّنَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَابَ يَرُدُّوكُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ } * { وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ آيَاتُ ٱللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ وَمَن يَعْتَصِم بِٱللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ }

بيان الآيات كما ترى باتصال السياق تدل على أن أهل الكتاب فريق منهم وهم اليهود أو فريق من اليهود كانوا يكفرون بآيات الله ويصدون المؤمنين عن سبيل الله بإراءته إياهم عوجاً غير مستقيم وتمثيل سبيل الضلال المعوج المنحرف سبيلاً لله وذلك بإلقاء شبهات إلى المؤمنين يرون بها الحق باطلاً والباطل الذي يدعونهم إليه حقاً والآيات السابقة تدل على ما انحرفوا فيه من إنكار حلية كل الطعام قبل التوراة وإنكار نسخ استقبال بيت المقدس فهذه الآيات متممات للآيات السابقة المتعرضة لحل الطعام قبل التوراة وكون الكعبة أول بيت وضع للناس فهي تشتمل على الإِنكار والتوبيخ لليهود في إلقائهم الشبهات وتفتينهم المؤمنين في دينهم وتحذير للمؤمنين أن يطيعوهم فيما يدعون إليه فيكفروا بالدين وترغيب وتحريص لهم أن يعتصموا بالله فيهتدوا إلى صراط الإِيمان وتدوم هدايتهم. وقد ورد عن زيد بن أسلم كما رواه السيوطي في لباب النقول على ما قيل أن شاش بن قيس - وكان يهودياً - مرّ على نفر من الأوس والخزرج يتحدثون فغاظه ما رأى من تآلفهم بعد العداوة فأمر شاباً معه من اليهود أن يجلس بينهم فيذكرهم يوم بعاث ففعل فتنازعوا وتفاخروا حتى وثب رجلان أوس بن قرظي من الأوس وجبار بن صخر من الخزرج فتقاولا وغضب الفريقان وتواثبوا للقتال فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فجاء حتى وعظهم وأصلح بينهم فسمعوا وأطاعوا فأنزل الله في أوس وجبار { يا أيُّها الذين آمنوا إن تطيعوا فريقاً من الذين أوتوا الكتاب } الآية وفي شاش بن قيس { يا أهل الكتاب لم تصدون عن سبيل الله } الآية. والرواية مختصرة مستخرجة مما رواه في الدر المنثور عن زيد بن أسلم مفصلاً وروي ما يقرب منها عن ابن عباس وغيره. وكيف كان الآيات أقرب انطباقاً على ما ذكرنا منها على الرواية كما هو ظاهر على أن الآيات تذكر الكفر والإِيمان وشهادة اليهود وتلاوة آيات الله على المؤمنين ونحو ذلك وكل ذلك لما ذكرناه أنسب ويؤيد ذلك قوله تعالىودَّ كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفاراً حسداً من عند أنفسهم } البقرة 109 الآية، فالحق كما ذكرنا أن الآيات متممة لسابقتها. قوله تعالى { قل يا أهل الكتاب لم تكفرون بآيات الله } " الخ " ، المراد بالآيات بقرينة وحدة السياق حلية الطعام قبل نزول التوراة وكون القبلة هي الكعبة في الإِسلام. قوله تعالى { قل يا أهل الكتاب لم تصدون عن سبيل الله } إلى قوله { عوجاً } ، الصد الصرف وقوله { تبغونها } أي تطلبون السبيل وقوله { عوجاً } العوج المعطوف المحرف والمراد طلب سبيل الله معوجاً من غير استقامة.

السابقالتالي
2