الرئيسية - التفاسير


* تفسير الميزان في تفسير القرآن/ الطبطبائي (ت 1401 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّ فِي خَلْقِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَٱخْتِلاَفِ ٱلَّيلِ وَٱلنَّهَارِ لآيَاتٍ لأُوْلِي ٱلأَلْبَابِ } * { ٱلَّذِينَ يَذْكُرُونَ ٱللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَىٰ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ رَبَّنَآ مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ } * { رَبَّنَآ إِنَّكَ مَن تُدْخِلِ ٱلنَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ } * { رَّبَّنَآ إِنَّنَآ سَمِعْنَا مُنَادِياً يُنَادِي لِلإِيمَانِ أَنْ آمِنُواْ بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَٱغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ ٱلأَبْرَارِ } * { رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدتَّنَا عَلَىٰ رُسُلِكَ وَلاَ تُخْزِنَا يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ إِنَّكَ لاَ تُخْلِفُ ٱلْمِيعَادَ } * { فَٱسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنْكُمْ مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَىٰ بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ فَٱلَّذِينَ هَاجَرُواْ وَأُخْرِجُواْ مِن دِيَـٰرِهِمْ وَأُوذُواْ فِي سَبِيلِي وَقَـٰتَلُواْ وَقُتِلُواْ لأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّـٰتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَـٰرُ ثَوَاباً مِّن عِندِ ٱللَّهِ وَٱللَّهُ عِندَهُ حُسْنُ ٱلثَّوَابِ } * { لاَ يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فِي ٱلْبِلاَدِ } * { مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ ٱلْمِهَادُ } * { لَكِنِ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَوْاْ رَبَّهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نُزُلاً مِّنْ عِندِ ٱللَّهِ وَمَا عِندَ ٱللَّهِ خَيْرٌ لِّلأَبْرَارِ } * { وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ ٱلْكِتَٰبِ لَمَن يُؤْمِنُ بِٱللَّهِ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيْهِمْ خَٰشِعِينَ للَّهِ لاَ يَشْتَرُونَ بِآيَـٰتِ ٱللَّهِ ثَمَناً قَلِيلاً أُوْلـٰئِكَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ إِنَّ ٱللَّهَ سَرِيعُ ٱلْحِسَابِ }

بيان الآيات بمنزلة تلخيص ما تقدم من بيان حال المؤمنين والمشركين وأهل الكتاب في هذه السورة ببيان أن حال أبرار المؤمنين هو ذكر الله سبحانه والتفكر في آياته والاستجارة بالله من عذاب النار وسؤال المغفرة والجنة وأن الله استجاب لهم وسيرزقهم ما سألوه - هذه عامة حالهم - وأن الذين كفروا حالهم أنهم يتقلبون في متاع قليل ثم لهم مهاد النار فلا يقاس حال المؤمنين بحالهم وقد استثنى منهم المتبعين للحق من أهل الكتاب فهم مع المؤمنين. قوله تعالى { إن في خلق السماوات والأرض } ، كأن المراد بالخلق كيفية وجودها وآثارها وأفعالها من حركة وسكون وتغير وتحول فيكون خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار مشتملاً على معظم الآيات المحسوسة وقد تقدم بيانها في سورة البقرة، وتقدم أيضاً معنى اولي الألباب. قوله تعالى { الذين يذكرون الله قياماً وقعوداً } الخ، أي يذكرون الله في جميع حالاتهم من القيام والقعود والاضطجاع وقد مر البحث في معنى الذكر والتفكر ومحصل معنى الآيتين أن النظر في آيات السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار أورثهم ذكراً دائماً لله فلا ينسونه في حال وتفكراً في خلق السماوات والأرض يتذكرون به أن الله سيبعثهم للجزاء فيسألون عندئذ رحمته ويستنجزون وعده. قوله تعالى { ربنا ما خلقت هذا باطلاً } ، إنما قيل " هذا " مع كون المشار إليه جمعاً ومؤنثاً إذ الغرض لا يتعلق بتمييز أشخاصها وأسمائها والجميع في أنها خلق واحد وهذا نظير ما حكى الله تعالى من قول إبراهيمفلما رأى الشمس بازغة قال هذا ربي هذا أكبر } الأنعام 78، لعدم علمه بعد بحقيقتها واسمها سوى أنها شيء. والباطل ما ليس له غاية يتعلق به الغرض قال تعالىفأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض } الرعد 17، ولذلك لما نفوا البطلان عن الخلق لاح لهم أن الله سيحشر الناس للجزاء وأنه تعالى سيجزي هناك الظالمين جزاء خزي وهو النار ولا راد يرد مصلحة العقاب وإلا لبطل الخلقة وهذا معنى قولهم { فقنا عذاب النار ربنا إنك من تدخل النار فقد أخزيته وما للظالمين من أنصار }. قوله تعالى { ربنا إننا سمعنا منادياً } ، المراد بالمنادي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وقوله أن آمنوا بيان للنداء وأن تفسيرية ولما ذكروا إيمانهم بالمنادي وهو الرسول وهو يخبرهم بأمور عن الله تعالى يحذرهم من بعضها كالذنوب والسيئات والموت على الكفر والذنب ويرغبهم في بعضها كالمغفرة والرحمة وتفاصيل الجنة التي وعد الله عباده المؤمنين الأبرار بها سألوا ربهم أن يغفر لهم ويكفر عن سيئاتهم ويتوفاهم مع الأبرار وسألوه أن ينجزهم ما وعدهم من الجنة والرحمة على ما ضمنه لهم الرسل بإذن الله فقالوا { فاغفر لنا ذنوبنا } " الخ " فقوله تعالى { على رسلك } أي حملته على رسلك وضمنه عليك الرسل وقوله { ولا تخزنا } أي بإخلاف الوعد ولذا عقبه بقوله { إنك لا تخلف الميعاد }.

السابقالتالي
2 3 4