الرئيسية - التفاسير


* تفسير الميزان في تفسير القرآن/ الطبطبائي (ت 1401 هـ) مصنف و مدقق


{ لَّقَدْ سَمِعَ ٱللَّهُ قَوْلَ ٱلَّذِينَ قَالُوۤاْ إِنَّ ٱللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَآءُ سَنَكْتُبُ مَا قَالُواْ وَقَتْلَهُمُ ٱلأَنبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُواْ عَذَابَ ٱلْحَرِيقِ } * { ذٰلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ ٱللَّهَ لَيْسَ بِظَلاَّمٍ لِّلْعَبِيدِ } * { ٱلَّذِينَ قَالُوۤاْ إِنَّ ٱللَّهَ عَهِدَ إِلَيْنَا أَلاَّ نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ حَتَّىٰ يَأْتِيَنَا بِقُرْبَانٍ تَأْكُلُهُ ٱلنَّارُ قُلْ قَدْ جَآءَكُمْ رُسُلٌ مِّن قَبْلِي بِٱلْبَيِّنَاتِ وَبِٱلَّذِي قُلْتُمْ فَلِمَ قَتَلْتُمُوهُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ } * { فَإِن كَذَّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَ رُسُلٌ مِّن قَبْلِكَ جَآءُوا بِٱلْبَيِّنَاتِ وَٱلزُّبُرِ وَٱلْكِتَابِ ٱلْمُنِيرِ } * { كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ ٱلْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَامَةِ فَمَن زُحْزِحَ عَنِ ٱلنَّارِ وَأُدْخِلَ ٱلْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَما ٱلْحَيَاةُ ٱلدُّنْيَا إِلاَّ مَتَاعُ ٱلْغُرُورِ } * { لَتُبْلَوُنَّ فِيۤ أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَمِنَ ٱلَّذِينَ أَشْرَكُوۤاْ أَذًى كَثِيراً وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ ذٰلِكَ مِنْ عَزْمِ ٱلأُمُورِ } * { وَإِذْ أَخَذَ ٱللَّهُ مِيثَاقَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَآءَ ظُهُورِهِمْ وَٱشْتَرَوْاْ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ } * { لاَ تَحْسَبَنَّ ٱلَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَآ أَتَوْاْ وَّيُحِبُّونَ أَن يُحْمَدُواْ بِمَا لَمْ يَفْعَلُواْ فَلاَ تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِّنَ ٱلْعَذَابِ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } * { وَللَّهِ مُلْكُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ }

بيان الآيات مرتبطة بما قبلها فقد كانت عامة الآيات السابقة في استنهاض الناس وترغيبهم على الجهاد في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم وتحذيرهم عن الوهن والفشل والبخل فيرتبط بها قول اليهود إن الله فقير ونحن أغنياء وتقليبهم الأمر على المسلمين وتكذيبهم آيات الرسالة وكتمانهم ما أخذ منهم الميثاق لبيانه وهذه هي التي تتعرض الآيات لبيانها مع ما فيها من تقوية قلوب المؤمنين على الاستقامة والصبر والثبات والتحريص على الإنفاق في سبيل الله. قوله تعالى { لقد سمع الله قول الذين قالوا إن الله فقير ونحن أغنياء } القائلون هم اليهود بقرينة ما في ذيل الكلام من حديث قتلهم الأنبياء وغير ذلك. وإنما قالوا ذلك لما سمعوا أمثال قوله تعالىمن ذا الذي يقرض الله قرضاً حسناً } البقرة 215 الآية، ويشهد بذلك بعض الشهادة اتصاله بالآية السابقة { ولا يحسبن الذين يبخلون } الآية. أو أنهم قالوا ذلك لما رأوا فقر عامة المؤمنين وفاقتهم فقالوا ذلك تعريضاً بأن ربهم لو كان غنياً لغار لهم وأغناهم فليس إلا فقيراً ونحن أغنياء. قوله تعالى { سنكتب ما قالوا وقتلهم الأنبياء بغير حق } الآية، المراد بالكتابة الحفظ والتثبيت أو الكتابة في صحائف أعمالهم والمآل واحد والمراد بقتل الأنبياء بغير حق القتل على العرفان والعمد دون السهو والخطأ والجهالة وقد قارن الله قولهم هذا بقتلهم الأنبياء لكونه قولاً عظيماً وقوله { عذاب الحريق } الحريق النار أو اللهب وقيل هو بمعنى المحرق. قوله تعالى { ذلك بما قدمت أيديكم } الآية، أي بما قدمتم أمامكم من العمل ونسب إلى الأيدي لأنها آلة التقديم غالباً وقوله { وأن الله ليس بظلام للعبيد } عطف على قوله { ما قدمت } وتعليل للكتابة والعذاب فلو لم يكن ذلك الحفظ والجزاء لكان إهمالاً لأمر نظام الأعمال وفي ذلك ظلم كثير بكثرة الأعمال فيكون ظلاماً لعباده تعالى عن ذلك. قوله تعالى { الذين قالوا إن الله عهد إلينا } الآية، نعت للذين قبله والعهد هو الأمر والقربان ما يتقرب به من النعم وغيره وأكل النار كناية عن إحراقها والمراد بقوله { قد جاءكم رسل من قبلي } أمثال زكريا ويحيى من أنبياء بني إسرائيل المقتولين بأيديهم. قوله تعالى { فإن كذبوك فقد كذبت } الآية، تسلية للنبي صلى الله عليه وآله وسلم في تكذيبهم له والزبر جمع زبور وهو كتاب الحكم والمواعظ وقد أريد بالزبر والكتاب المنير مثل كتاب نوح وصحف إبراهيم والتوراة والإنجيل. قوله تعالى { كل نفس ذائقة الموت } ، الآية تتضمن الوعد للمصدق والوعيد للمكذب وقد بدأ فيها بالحكم العام المقضي في حق كل ذي نفس والتوفية هو الإعطاء الكامل وقد استدل بعضهم بالآية على ثبوت البرزخ لدلالتها على سبق بعض الإعطاء وأن الذي في يوم القيامة هو الإعطاء الكامل وهو استدلال حسن والزحزحة هو الإبعاد وأصله تكرار الجذب بعجلة والفوز الظفر بالبغية والغرور مصدر غر أو هو جمع غار.

السابقالتالي
2 3