الرئيسية - التفاسير


* تفسير الميزان في تفسير القرآن/ الطبطبائي (ت 1401 هـ) مصنف و مدقق


{ مَثَلُ ٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ مِن دُونِ ٱللَّهِ أَوْلِيَآءَ كَمَثَلِ ٱلْعَنكَبُوتِ ٱتَّخَذَتْ بَيْتاً وَإِنَّ أَوْهَنَ ٱلْبُيُوتِ لَبَيْتُ ٱلْعَنكَبُوتِ لَوْ كَانُواْ يَعْلَمُونَ } * { إِنَّ ٱللَّهَ يَعْلَمُ مَا يَدْعُونَ مِن دُونِهِ مِن شَيْءٍ وَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ } * { وَتِلْكَ ٱلأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَآ إِلاَّ ٱلْعَالِمُونَ } * { خَلَقَ ٱللَّهُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ بِٱلْحَقِّ إِنَّ فِي ذٰلِكَ لآيَةً لِّلْمُؤْمِنِينَ } * { ٱتْلُ مَا أُوْحِيَ إِلَيْكَ مِنَ ٱلْكِتَابِ وَأَقِمِ ٱلصَّلاَةَ إِنَّ ٱلصَّلاَةَ تَنْهَىٰ عَنِ ٱلْفَحْشَآءِ وَٱلْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ ٱللَّهِ أَكْبَرُ وَٱللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ } * { وَلاَ تُجَادِلُوۤاْ أَهْلَ ٱلْكِتَابِ إِلاَّ بِٱلَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلاَّ ٱلَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنْهُمْ وَقُولُوۤاْ آمَنَّا بِٱلَّذِيۤ أُنزِلَ إِلَيْنَا وَأُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَـٰهُنَا وَإِلَـٰهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ } * { وَكَذَلِكَ أَنزَلْنَآ إِلَيْكَ ٱلْكِتَابَ فَٱلَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ ٱلْكِتَابَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمِنْ هَـٰؤُلاۤءِ مَن يُؤْمِنُ بِهِ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَآ إِلاَّ ٱلْكَافِرونَ } * { وَمَا كُنتَ تَتْلُواْ مِن قَبْلِهِ مِن كِتَابٍ وَلاَ تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذاً لاَّرْتَابَ ٱلْمُبْطِلُونَ } * { بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْعِلْمَ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَآ إِلاَّ ٱلظَّالِمُونَ } * { وَقَالُواْ لَوْلاَ أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَاتٌ مِّن رَّبِّهِ قُلْ إِنَّمَا ٱلآيَاتُ عِندَ ٱللَّهِ وَإِنَّمَآ أَنَاْ نَذِيرٌ مُّبِينٌ } * { أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّآ أَنزَلْنَا عَلَيْكَ ٱلْكِتَابَ يُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذٰلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَىٰ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ } * { قُلْ كَفَىٰ بِٱللَّهِ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ شَهِيداً يَعْلَمُ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ بِٱلْبَاطِلِ وَكَفَرُواْ بِٱللَّهِ أُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْخَاسِرُونَ } * { وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِٱلْعَذَابِ وَلَوْلاَ أَجَلٌ مُّسَمًّى لَّجَآءَهُمُ ٱلْعَذَابُ وَلَيَأْتِيَنَّهُمْ بَغْتَةً وَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ } * { يَسْتَعْجِلُونَكَ بِٱلْعَذَابِ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِٱلْكَافِرِينَ } * { يَوْمَ يَغْشَاهُمُ ٱلْعَذَابُ مِن فَوْقِهِمْ وَمِن تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ وَيِقُولُ ذُوقُواْ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ }

بيان تتضمن الآيات تذييلاً لقصص أُولئك الأُمم الماضية الهالكة بمثل ضربه الله سبحانه لاتخاذهم أولياء من دون الله فبيّن فيه أن بناءهم ذلك أوهن البناء ينادي ببطلانه وفساده خلق السماوات والأرض وأنهم ليس لهم من دونه من وليّ كما يذكره هذا الكتاب. ومن هنا ينتقل إلى أمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم بتلاوة هذا الكتاب الذي أُوحي إليه وإقامة الصلاة ودعوة أهل الكتاب بقول ليّن ومجادلة حسناء ويجيب عن اقتراح المشركين على النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن يأتيهم بآيات غير القرآن وإن يعجّلهم بالعذاب الذي ينذرهم به. قوله تعالى { مثل الذين اتخذوا من دون الله أولياء كمثل العنكبوت اتخذت بيتاً } إلى آخر الآية، العنكبوت معروف ويطلق على الواحد والجمع ويذكر ويؤنث. العناية في قوله { مثل الذين اتخذوا } الخ، باتخاذ الأولياء من دون الله ولذا جيء بالموصول والصلة كما أن العناية في قوله { كمثل العنكبوت اتخذت بيتاً } إلى اتخاذها البيت فيؤل المعنى إلى أن صفة المشركين في اتخاذهم من دون الله أولياء كصفة العنكبوت في اتخاذها بيتاً له نبأ، وهو الوصف الذي يدل عليه تنكير { بيتاً }. ويكون قوله { إن أوهن البيوت لبيت العنكبوت } بياناً لصفة البيت الذي أخذته العنكبوت ولم يقل إن أوهن البيوت لبيتها كما هو مقتضى الظاهر أخذاً للجملة بمنزلة المثل السائر الذي لا يتغير. والمعنى أن اتخاذهم من دون الله أولياء وهم آلهتهم الذين يتولونهم ويركنون إليهم كاتخاذ العنكبوت بيتاً هو أوهن البيوت إذ ليس له من آثار البيت إلا اسمه لا يدفع حراً ولا برداً ولا يكنُّ شخصاً ولا يقي من مكروه كذلك ليس لولاية أوليائهم إلا الاسم فقط لا ينفعون ولا يضرُّون ولا يملكون موتاً ولا حياة ولا نشوراً. ومورد المثل هو اتخاذ المشركين آلهة من دون الله، فتبديل الآلهة من الأولياء لكون السبب الداعي لهم إلى اتخاذ الآلهة زعمهم أن لهم ولاية لأمرهم وتدبيراً لشأنهم من جلب الخير إليهم ودفع الشر عنهم والشفاعة في حقهم. والآية - مضافاً إلى إيفاء هذه النكتة - تشمل بإطلاقها كل من اتخذ في أمر من الأُمور وشأن من الشؤن ولياً من دون الله يركن إليه ويراه مستقلاً في أثره الذي يرجوه منه وإن لم يعدّ من الأصنام إلا أن يرجع ولايته إلى ولاية الله كولاية الرسول والأئمة والمؤمنين كما قال تعالىوما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون } يوسف 106. وقوله { لو كانوا يعلمون } أي لو كانوا يعلمون أن مثلهم كمثل العنكبوت ما اتخذوهم أولياء. كذا قيل. قوله تعالى { إن الله يعلم ما يدعون من دونه من شيء وهو العزيز الحكيم } يمكن أن يكون { ما } في { ما يدعون } موصولة أو نافية أو استفهامية أو مصدرية و { من } في { من شيء } على الاحتمال الثاني زائدة للتأكيد وعلى الباقي للتبيين وأرجح الاحتمالات الأولان وأرجحهما أولهما.

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7 8 9 10