الرئيسية - التفاسير


* تفسير الميزان في تفسير القرآن/ الطبطبائي (ت 1401 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذَا وَقَعَ ٱلْقَوْلُ عَلَيْهِم أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَآبَّةً مِّنَ ٱلأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ ٱلنَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لاَ يُوقِنُونَ } * { وَيَوْمَ نَحْشُرُ مِن كُلِّ أُمَّةٍ فَوْجاً مِّمَّن يُكَذِّبُ بِآيَاتِنَا فَهُمْ يُوزَعُونَ } * { حَتَّىٰ إِذَا جَآءُو قَالَ أَكَذَّبْتُم بِآيَاتِي وَلَمْ تُحِيطُواْ بِهَا عِلْماً أَمَّا ذَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } * { وَوَقَعَ ٱلْقَوْلُ عَلَيهِم بِمَا ظَلَمُواْ فَهُمْ لاَ يَنطِقُونَ } * { أَلَمْ يَرَوْاْ أَنَّا جَعَلْنَا ٱلْلَّيْلَ لِيَسْكُنُواْ فِيهِ وَٱلنَّهَارَ مُبْصِراً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ } * { وَيَوْمَ يُنفَخُ فِي ٱلصُّورِ فَفَزِعَ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَن فِي ٱلأَرْضِ إِلاَّ مَن شَآءَ ٱللَّهُ وَكُلٌّ أَتَوْهُ دَاخِرِينَ } * { وَتَرَى ٱلْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ ٱلسَّحَابِ صُنْعَ ٱللَّهِ ٱلَّذِيۤ أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ إِنَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ } * { مَن جَآءَ بِٱلْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِّنْهَا وَهُمْ مِّن فَزَعٍ يَوْمَئِذٍ آمِنُونَ } * { وَمَن جَآءَ بِٱلسَّيِّئَةِ فَكُبَّتْ وُجُوهُهُمْ فِي ٱلنَّارِ هَلْ تُجْزَوْنَ إِلاَّ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } * { إِنَّمَآ أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هَذِهِ ٱلْبَلْدَةِ ٱلَّذِي حَرَّمَهَا وَلَهُ كُلُّ شَيءٍ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ ٱلْمُسْلِمِينَ } * { وَأَنْ أَتْلُوَاْ ٱلْقُرْآنَ فَمَنِ ٱهْتَدَىٰ فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَن ضَلَّ فَقُلْ إِنَّمَآ أَنَاْ مِنَ ٱلْمُنذِرِينَ } * { وَقُلِ ٱلْحَمْدُ للَّهِ سَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ فَتَعْرِفُونَهَا وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ }

بيان هي من تمام الفصل السابق من الآيات تشير إلى البعث وبعض ما يلحق به من الأمور الواقعة فيه وبعض أشراطه وتختم السورة بما يرجع إلى مفتتحها من الإِنذار والتبشير. قوله تعالى { وإذا وقع القول عليهم أخرجنا لهم دابة من الأرض تكلمهم أن الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون } مقتضى السياق - بما أن الآية متصلة بما قبلها من الآيات الباحثة عن أمر المشركين المعاصرين للنبي صلى الله عليه وآله وسلم أو خصوص أهل مكة من قريش وقد كانوا أشدّ الناس عداوة للنبي صلى الله عليه وآله وسلم ودعوته - أن ضمائر { عليهم } و { لهم } و { تكلمهم } للمشركين المحدّث عنهم لكن لا لخصوصهم بل بما أنهم ناس معنيّون بالدعوة فالمراد بالحقيقة عامة الناس من هذه الأُمة من حيث وحدتهم فيلحق بأولهم من الحكم ما يلحق بآخرهم وهذا النوع من العناية كثير الورود في كلامه تعالى. والمراد بوقوع القول عليهم تحقق مصداق القول فيهم وتعيّنهم لصدقه عليهم كما في الآية التالية { ووقع القول عليهم بما ظلموا } أي حقَّ عليهم العذاب، فالجملة في معنى { حقَّ عليهم القول } وقد كثر وروده في كلامه تعالى، والفرق بين التعبيرين أن العناية في { وقع القول عليهم } بتعيّنهم مصداقاً للقول وفي { حقَّ عليهم القول } باستقرار القول وثبوته فيهم بحيث لا يزول. وأما ما هو هذا القول الواقع عليهم فالذي يصلح من كلامه تعالى لأن يفسر به قولهسنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق } فصلت 53، فإن المراد بهذه الآيات التي سيريهم غير الآيات السماوية والأرضية التي هي بمرآهم ومسمعهم دائماً قطعاً بل بعض آيات خارقة للعادة تخضع لها وتضطر للإِيمان بها أنفسهم في حين لا يوقنون بشيء من آيات السماء والأرض التي هي تجاة أعينهم وتحت مشاهدتهم. وبهذا يظهر أن قوله { أن الناس كانوا بآياتنا لا يوقنون } تعليل لوقوع القول عليهم والتقدير لأن الناس، وقوله { كانوا } لإِفادة استقرار عدم الإِيقان فيهم والمراد بالآيات الآيات المشهودة من السماء والأرض غير الآيات الخارقة وقرئ " إن " بكسر الهمزة وهي أرجح من قراءة الفتح فيؤيد ما ذكرناه وتكون الجملة بلفظها تعليلاً من دون تقدير اللام. وقوله { أخرجنا لهم دابة من الأرض تكلمهم } بيان لآية خارقة من الآيات الموعودة في قوله { سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق } وفي كونه وصفاً لأمر خارق للعادة دلالة على أن المراد بالإِخراخ من الأرض إما الإِحياء والبعث بعد الموت وإما أمر يقرب منه، وأما كونها دابة تكلمهم فالدابة ما يدبّ في الأرض من ذوات الحياة إنساناً كان أو حيواناً غيره فإن كان إنساناً كان تكليمه الناس على العادة وإن كان حيواناً أعجم كان تكليمه كخروجه من الأرض خرقاً للعادة.

السابقالتالي
2 3 4 5 6 7 8 9 10  مزيد