بيان إجمال قصة لوط عليه السلام وهي كسابقتها في غلبة جانب الانذار على جانب التبشير. قوله تعالى { ولوطاً إذ قال لقومه أتأتون الفاحشة وأنتم تبصرون } معطوف على موضع { أرسلنا } في القصة السابقة بفعل مضمر والتقدير ولقد أرسلنا لوطاً. كذا قيل، ويمكن أن يكون معطوفاً على أصل القصة بتقدير اذكر والفاحشة هي الخصلة البالغة في الشناعة والمراد بها اللواط. وقوله { وأنتم تبصرون } أي وأنتم في حال يرى بعضكم بعضاً وينظر بعضكم إلى بعض حين الفحشاء فهو على حد قوله في موضع آخر{ وتأتون في ناديكم المنكر } العنكبوت 29، وقيل المراد إبصار القلب ومحصله العلم بالشناعة وهو بعيد. قوله تعالى { أئنكم لتأتون الرجال شهوة من دون النساء بل أنتم قوم تجهلون } الاستفهام للإِنكار، ودخول أداتي التأكيد - إن واللام - على الجملة الاستفهامية للدلالة على أن مضمون الجملة من الاستبعاد بحيث لا يصدقه أحد والجملة على أي حال في محل التفسير للفحشاء. وقوله { بل أنتم قوم تجهلون } أي مستمرون على الجهل لا فائدة في توبيخكم والإِنكار عليكم فلستم بمرتدعين، ووضع { تجهلون } بصيغة الخطاب موضع " يجهلون " من وضع المسبب موضع السبب كأنه قيل " بل أنتم قوم يجهلون فأنتم تجهلون ". قوله تعالى { فما كان جواب قومه إلا أن قالوا أخرجوا آل لوط من قريتكم إنهم أُناس يتطهرون } أي يتنزهون عن هذا العمل وهو وارد مورد الاستهزاء. قوله تعالى { فأنجيناه وأهله إلا امرأته قدرناها من الغابرين } المراد بأهله أهل بيته لقوله تعالى{ فما وجدنا فيها غير بيت من المسلمين } الذاريات 36، وقوله { قدرناها من الغابرين } أي جعلناها من الباقين في العذاب. قوله تعالى { وأمطرنا عليهم مطراً فساء مطر المنذرين } المراد بالمطر الحجارة من سجّيل لقوله تعالى{ وأمطرنا عليهم حجارة من سجيل } الحجر 74، فقوله { مطراً } يدل بتنكيره على النوعية أي أنزلنا عليهم مطراً له نبأ عظيم.