الرئيسية - التفاسير


* تفسير الميزان في تفسير القرآن/ الطبطبائي (ت 1401 هـ) مصنف و مدقق


{ كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ ٱلْمُرْسَلِينَ } * { إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ لُوطٌ أَلا تَتَّقُونَ } * { إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ } * { فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُونِ } * { وَمَآ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَىٰ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ } * { أَتَأْتُونَ ٱلذُّكْرَانَ مِنَ ٱلْعَالَمِينَ } * { وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِّنْ أَزْوَاجِكُمْ بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ } * { قَالُواْ لَئِن لَّمْ تَنتَهِ يٰلُوطُ لَتَكُونَنَّ مِنَ ٱلْمُخْرَجِينَ } * { قَالَ إِنِّي لِعَمَلِكُمْ مِّنَ ٱلْقَالِينَ } * { رَبِّ نَّجِنِي وَأَهْلِي مِمَّا يَعْمَلُونَ } * { فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ أَجْمَعِينَ } * { إِلاَّ عَجُوزاً فِي ٱلْغَابِرِينَ } * { ثُمَّ دَمَّرْنَا ٱلآخَرِينَ } * { وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِم مَّطَراً فَسَآءَ مَطَرُ ٱلْمُنذَرِينَ } * { إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ } * { وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلرَّحِيمُ }

بيان تشير الآيات إلى قصة لوط النبي عليه السلام وهو بعد صالح عليه السلام. قوله تعالى { كذبت قوم لوط المرسلين } إلى قوله { رب العالمين } ، تقدم تفسيره. قوله تعالى { أتأتون الذكران من العالمين } الاستفهام للانكار والتوبيخ والذكران جمع ذكر مقابل الانثى وإتيانهم كناية عن اللواط وقد كان شاع فيما بينهم، والعالمين جمع عالم وهو الجماعة من الناس. وقوله { من العالمين } يمكن أن يكون متصلاً بضمير الفاعل في { تأتون } والمراد أتأتون أنتم من بين العالمين هذا العمل الشنيع؟ فيكون في معنى قوله في موضع آخرما سبقكم بها من أحد من العالمين } الأعراف 80. ويمكن أن يكون متصلاً بقوله { الذكران } والمعنى على هذا أتنكحون من بين العالمين - على كثرتهم واشتمالهم على النساء - الرجال فقط؟. قوله تعالى { وتذرون ما خلق لكم ربكم من أزواجكم } الخ { تذرون } بمعنى تتركون ولا ماضي له من مادته. والمتأمل في خلق الإِنسان وانقسام أفراده إلى صنفي الذكر والأنثى وما جهز به كل من الصنفين من الأعضاء والأدوات وما يختص به من الخلقة لا يرتاب في أن غرض الصنع والإِيجاد من هذا التصوير المختلف وإلقاء غريزة الشهوة في القبيلين وتفريق أمرهما بالفعل والانفعال أن يجمع بينهما بالنكاح ليتوسل بذلك إلى التناسل الحافظ لبقاء النوع حتى حين. فالرجل من الإِنسان بما هو رجل مخلوق للمرأة منه لا لرجل مثله والمرأة من الإِنسان بما هي امرأة مخلوقة للرجل منه لا لامرأة مثلها وما يختص به الرجل في خلقته للمرأة وما تختص به المرأة في خلقتها للرجل وهذه هي الزوجية الطبيعية التي عقدها الصنع والإِيجاد بين الرجل والمرأة من الإِنسان فجعلهما زوجين. ثم الأغراض والغايات الاجتماعية أو الدينية سنَّت بين الناس سنة النكاح الاجتماعي الاعتباري الذي فيه نوع من الاختصاص بين الزوجين وقسم من التحديد للزوجية الطبيعية المذكورة فالفطرة الإِنسانية والخلقة الخاصة تهديه إلى ازدواج الرجال بالنساء دون الرجال وازدواج النساء بالرجال دون النساء، وأن الازدواج مبني على أصل التوالد والتناسل دون الاشتراك في مطلق الحياة. ومن هنا يظهر أن الأقرب أن يكون المراد بقوله { ما خلق لكم ربكم } العضو المباح للرجال من النساء بالازدواج واللام للملك الطبيعي، وان من في قوله { من أزواجكم } للتبعيض والزوجية هي الزوجية الطبيعية وإن أمكن أن يراد بها الزوجية الاجتماعية الاعتبارية بوجه. وأما تجويز بعضهم أن يراد بلفظة { ما } للنساء ويكون قوله { من أزواجكم } بياناً له فبعيد. وقوله { بل أنتم قوم عادون } أي متجاوزون خارجون عن الحد الذي خطته لكم الفطرة والخلقة فهو في معنى قولهأَإنكم لتأتون الرجال وتقطعون السبيل } العنكبوت 29. وقد ظهر من جميع ما مر أن كلامه عليه السلام مبني على حجة برهانية أُشير إليها.

السابقالتالي
2