الرئيسية - التفاسير


* تفسير الميزان في تفسير القرآن/ الطبطبائي (ت 1401 هـ) مصنف و مدقق


{ كَذَّبَتْ عَادٌ ٱلْمُرْسَلِينَ } * { إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ هُودٌ أَلاَ تَتَّقُونَ } * { إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ } * { فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُونِ } * { وَمَآ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَىٰ رَبِّ ٱلْعَالَمِينَ } * { أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ } * { وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ } * { وَإِذَا بَطَشْتُمْ بَطَشْتُمْ جَبَّارِينَ } * { فَٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُونِ } * { وَٱتَّقُواْ ٱلَّذِيۤ أَمَدَّكُمْ بِمَا تَعْلَمُونَ } * { أَمَدَّكُمْ بِأَنْعَامٍ وَبَنِينَ } * { وَجَنَّاتٍ وَعُيُونٍ } * { إِنِّيۤ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ } * { قَالُواْ سَوَآءٌ عَلَيْنَآ أَوَعَظْتَ أَمْ لَمْ تَكُنْ مِّنَ ٱلْوَاعِظِينَ } * { إِنْ هَـٰذَا إِلاَّ خُلُقُ ٱلأَوَّلِينَ } * { وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ } * { فَكَذَّبُوهُ فَأَهْلَكْنَاهُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ } * { وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلرَّحِيمُ }

بيان تشير الآيات إلى قصة هود عليه السلام وقومه وهم قوم عاد. قوله تعالى { كذبت عاد المرسلين } قوم عاد من العرب العاربة الأولى كانوا يسكنون الأحقاف من جزيرة العرب لهم مدنية راقية وأراض خصبة وديار معمورة فكذبوا الرسل وكفروا بأنعم الله وطغوا فأهلكهم الله بالريح العقيم وخرّب ديارهم وعفا آثارهم. وعاد فيما يُقال اسم أبيهم فتسميتهم بعاد من قبيل تسمية القوم باسم أبيهم كما يقال تميم وبكر وتغلب ويراد بنو تميم وبنو بكر وبنو تغلب. وقد تقدم في نظير الآية من قصة نوح وجه عد القوم مكذِّبين للمرسلين ولم يكذبوا ظاهراً إلا واحداً منهم. قوله تعالى { إني لكم رسول أمين } إلى قوله { رب العالمين } تقدم الكلام فيها في نظائرها من قصة نوح عليه السلام. وذكر بعض المفسرين أن تصدير هذه القصص الخمس بذكر أمانة الرسل وعدم سؤالهم أجراً على رسالتهم وأمرهم الناس بالتقوى والطاعة للتنبيه على أن مبنى البعثة هو الدعاء إلى معرفة الحق والطاعة فيما يقرب المدعو من الثواب ويبعده من العقاب وان الأنبياء عليهم السلام مجتمعون على ذلك وإن اختلفوا في بعض فروع الشرائع المختلفة باختلاف الأزمنة والأعصار، وانهم منزهون عن المطامع الدنيوية بالكلية انتهى. ونظيره الكلام في ختم جميع القصص السبع الموردة في السورة بقوله { إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين وإن ربك لهو العزيز الرحيم } ، ففيه دلالة على أن أكثر الأمم والأقوام معرضون عن آيات الله، وان الله سبحانه عزيز يجازيهم على تكذيبهم رحيم ينجي المؤمنين برحمته، وقد تقدمت الإِشارة إلى ذلك في الكلام على غرض السورة. قوله تعالى { أتبنون بكل ريع آية تعبثون } الريع هو المرتفع من الأرض والآية العلامة، والعبث الفعل الذي لا غاية له، وكأنهم كانوا يبنون على قلل الجبال وكل مرتفع من الأرض ابنيه كالأعلام يتنزهون فيها ويفاخرون بها من غير ضرورة تدعوهم إلى ذلك بل لهواً واتباعاً للهوى فوبخهم عليه. وقد ذكر للآية معان أُخر لا دليل عليها من جهة اللفظ ولا ملاءمة للسياق اضربنا عنها. قوله تعالى { وتتخذون مصانع لعلكم تخلدون } ، المصانع على ما قيل الحصون المنيعة والقصور المشيدة والأبنية العالية واحدها مصنع. وقوله { لعلكم تخلدون } في مقام التعليل لما قبله أي تتخذون هذه المصانع بسبب أنكم ترجون الخلود ولولا رجاء الخلود ما عملتم مثل هذه الأعمال التي من طبعها أن تدوم دهراً طويلاً لا يفي به أطوال الأعمار الإِنسانية، وقيل في معنى الآية ومفرداتها وجوه أُخرى أغمضنا عنها. قوله تعالى { وإذا بطشتم بطشتم جبارين } قال في المجمع البطش العسف قتلاً بالسيف وضرباً بالسوط، والجبار العالي على غيره بعظيم سلطانه. وهو في صفة الله سبحانه مدح وفي صفة غيره ذمّ لأن معناه في العبد أنه يتكلف الجبرية.

السابقالتالي
2 3